هل تستمر تلك الرسائل التي أطلق عليها "أنصار الله" بأنها تحذيرية.. وما هي الأهداف المرجوة من ورائها وعلاقة تلك العمليات بالصراع الجنوبي بين حزب الإصلاح والانتقالي الجنوبي.. وهل تمتد تلك العمليات إلى خارج الأراضي اليمنية وتأثيرها على الملاحة الدولية في البحر الأحمر؟
سقف المطالب
بداية، يقول الباحث في الشأن السياسي اليمني، د.عبد الستار الشميري، إن "أنصار الله" يحاولون رفع سقف مطالبهم، بحيث يخرجون بهدنة جديدة ومكاسب كبيرة".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" "الحوثيون أدركوا أنه في الهدنة السابقة استطاعوا أن يقتنصوا الكثير من المكاسب، وهم يدركون أيضا أن هناك مخاوف أممية من موضوع أي شوشرة في البحر الأحمر تتعلق بطرق تدفق الطاقة، لذلك يحاولون من حين إلى آخر استهداف بعض الموانئ اليمنية والسفن ويستعدون للمزيد، هم يدركون أن هناك فرصة يجب اقتناصها للحصول على أكبر مكاسب، لا سيما في المجال الاقتصادي، كما أن الهدنة بدون مكاسب لا تشكل لهم أي شيء، لأن الحرب في اليمن جامدة وليس هناك حرب حقيقية".
وتابع الشميري: "يعلم الحوثيون جيدا أن هناك عدم جاهزية في معسكر الشرعية لمواجهتهم في مأرب أو غيرها، لذا هم يحاولوا خوض حرب تكتيكية باستثمار مخاوف الأمم والشرعية والإقليم والتحالف العربي، الذي قد يرضخ ويقدم لهم المزيد من التنازلات".
الموانئ الجنوبية
من جانبه، يقول الخبير العسكري والاستراتيجي اليمني، د.ثابت حسين: "الحوثيون يستهدفون موانئ محافظتي شبوة وحضرموت ولم يستهدفوا موانئ مأرب على الإطلاق، وهو ما يعني أتهم يستهدفون الموانئ الجنوبية فقط".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "من الناحية الثانية، عندما كانت محافظة شبوة تحت سيطرة حزب الإصلاح عن طريق المحافظ السابق "بن عديو"، نجد أن الحوثيين لم يستهدفوها قط، وما يحدث من عمليات استهداف غالبيتها تكون ردود فعل لما يجري على الأرض".
وتابع حسين: "كان استهداف موانئ حضرموت نوع من الرد على المليونية التي قامت في سيئون وطالبت بإخراج المنطقة العسكرية الأولى من المحافظة، لذا جاء الدعم من الحوثيين للإصلاح باستهداف موانئ المحافظة، لذا نؤكد أن الاستهدافات الحوثية للموانئ والسفن النفطية تأتي في هذا الإطار تحديدا، ومن ناحية أخرى هي نوع من الابتزاز للتحالف والشرعية لدفع رواتب موظفي الشمال الذي يسيطر عليه الحوثيون من عائدات وإيرادات الجنوب من نفط حضرموت وشبوة".
البحر الأحمر
وحول تهديد تلك العمليات للملاحة الدولية في البحر الأحمر، يقول الخبير الاستراتيجي: "أعتقد أن التهديد ليس في المناطق التي يستهدفها الحوثيون، إنما التهديد في باب المندب والبحرالأحمر، حيث تكون حركة التجارة العالمية أكثر وأقوى، النفط اليمني بشكل عام سواء كان في الجنوب أو الشمال كميته متواضعة ولا تؤثر لا من قريب ولا من بعيد على احتياجات الطاقة الدولية، سواء كان في المنطقة أو العالم".
رسائل تحذيرية
تبنت جماعة "أنصار الله" اليمنية، رسميا، اليوم الخميس، هجوما جويا استهدف ميناء لتصدير النفط في محافظة شبوة الغنية بالنفط، جنوب شرقي اليمن.
وقال المتحدث باسم قوات جماعة "أنصار الله"، العميد يحيى سريع، عبر "تويتر"،إن "القوات المسلحة أفشلت محاولة لنهب النفط الخام عبر ميناء قنا المستخدم من قبل العدو [في إشارة إلى التحالف العربي بقيادة السعودية والحكومة اليمنية] للتهريب".
وأضاف: "القوات المسلحة منعت سفينة نفطية كانت في الميناء من نهب النفط وتهريبه، وذلك بعد أن وجهت لها عدة رسائل تحذيرية".
ووجّه المتحدث العسكري تحذيرا لشركات النفط في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، من تصدير الخام بالقول: "القوات المسلحة تجدد تأكيدها على الالتزام بحماية الثروة الوطنية السيادية باعتبارها من حقوق شعبنا المظلوم وعلى رأس تلك الحقوق مرتبات موظفي الدولة في كل المناطق اليمنية".
الخارجية اليمنية
دعت الحكومة اليمنية، اليوم الخميس، إلى تدخل دولي صارم ضد جماعة "أنصار الله"، وذلك ردا على استهدافها بالطائرات المسيرة ميناء قنا التجاري في محافظة شبوة.
وحذرت وزارة الخارجية اليمنية، في بيان لها، من "تداعيات الهجمات الإرهابية الحوثية على تدهور الوضع الانساني والحالة الاقتصادية للمواطن اليمني.. محملة المليشيات الحوثية الإرهابية عواقب ذلك"، حسب وكالة الأنباء اليمنية (سبأ).
وأكد البيان أن "الهجوم الإرهابي يعكس الوجه العدواني لهذه المليشيات الإرهابية في مخالفة واضحة منها لكافة النداءات الدولية التي دعت إلى وقف التصعيد والتوقف عن استهداف البنية التحتية ومقدرات الشعب اليمني الاقتصادية، والتي ترتكبها هذه المليشيات الإرهابية خدمة لأجندة النظام الإيراني المارق ولزعزعة الأمن والسلم الدوليين".
وطالبت الخارجية اليمنية، "كافة الدول باتخاذ إجراءات صارمة لتصنيف المليشيات الحوثية المارقة كمنظمة إرهابية لمنع تكرار هذه الهجمات وتجفيف منابع التمويل لها وبما يحفظ استقرار وأمن المنطقة والعالم".
وأوضحت الحكومة أن المليشيات الحوثية أقدمت على ارتكاب هجوم إرهابي آخر بالطائرات المسيرة، مستهدفة ميناء قنا التجاري في محافظة شبوة، وذلك في استمرار لعملياتها الإرهابية، واستهداف المنشآت المدنية، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ).
يأتي ذلك غداة تعرض ميناء قنا النفطي في مديرية رَّضُوم [140 كيلومتر جنوب شرقي مدينة عتق مركز محافظة شبوة] المحافظة الغنية بالنفط جنوب شرقي اليمن، إلى هجوم جوي بطائرة مُسيرة انفجرت في محيط ناقلة نفطية، ما دفعها لمغادرة الميناء إلى عرض البحر، حسبما أفاد مصدر في السلطة المحلية لوكالة "سبوتنيك".
والهجوم الجوي هو الثاني الذي تعلن "أنصار الله" مسؤوليتهاعنه، إذ تبنت الجماعة في 21 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي استهداف ناقلة عملاقة في ميناء الضَّبة النفطي التابع لمحافظة حضر موت شرق اليمن، بهجوم جوي وصفته بـ "التحذيري"، أثناء تحميلها شحنة من النفط الخام، وذلك بعد طلبها من الشركات النفطية في محافظات سيطرة الحكومة اليمنية، إيقاف عمليات تصدير شحنات الخام ردا على ما تعتبره الجماعة استحواذ الحكومة على إيرادات النفط والغاز وعدم توجيهها في دفع رواتب الموظفين العموميين.
ومطلع أكتوبر الماضي، أعلنت "أنصار الله" وصول مفاوضات تمديد الهدنة إلى طريق مسدود، في ظل اشتراط الجماعة دفع الحكومة رواتب الموظفين العموميين من عائدات النفط والغاز المنتج من المحافظات التي تسيطر عليها القوات الحكومية، فيما يتمسك مجلس القيادة الرئاسي اليمني بتغطية ذلك من رسوم دخول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة غرب اليمن.
وتسيطرجماعة "أنصار الله" منذ سبتمبر/ أيلول 2014 على غالبية المحافظات وسط وشمال اليمن، بينها العاصمة صنعاء، فيما أطلق تحالف عربي بقيادة السعودية في 26 مارس/ آذار 2015 عمليات عسكرية دعما للجيش اليمني لاستعادة تلك المناطق من قبضة الجماعة.
وأودت الحرب الدائرة في اليمن حتى أواخر 2021 بحياة 377 ألف شخص، كما ألحقت بالاقتصاد اليمني خسائر تراكمية تقدر بـ126 مليار دولار، في حين بات 80 بالمائة من الشعب اليمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية، حسب الأمم المتحدة.