وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي إن لبنان ما زال بإمكانه إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي بقيمة ثلاثة مليارات دولار على الرغم من عدم وجود رئيس أو حكومة كاملة الصلاحيات.
واستبعد مراقبون موافقة صندوق النقد الدولي على إتمام الاتفاق مع بيروت، في ظل الأزمات السياسية وضعف أداء مجلس النواب وفشله في إقرار القوانين المطلوبة، مؤكدين أن انتخاب الرئيس هو مدخل كل الإصلاحات.
تعطيل مستمر
قال الدكتور عماد عكوش، الخبير الاقتصادي اللبناني، إن لبنان لا يملك ما يقدمه للحصول على صندوق النقد الدولي، بسبب التعطيل الذي تمارسه معظم الكتل النيابية، والتي فشلت حتى الآن في انتخاب رئيس، أو إصدار أي قوانين تصلح من الأوضاع الاقتصادية القائمة.
وأضاف في حديث لـ "سبوتنيك"، أن القوانين والخطط المطلوب التصديق عليها أو إصدارها لا تزال عالقة في أدراج اللجان النيابية، والكل يتهم بالتقصير، والكل يمارس الشعبوية والتي لن يصل فيها اقتصاد لبنان إلى أي نتيجة إيجابية، فالموازنة لم تصدر لغاية اليوم مع العلم أن فترة الشهر الدستورية المطلوبة لتوقيع الرئيس مضت.
وتابع: "رفع سعر صرف الدولار الرسمي كان المفروض أن يبدأ تطبيقه بداية الشهر الحالي، والتعرفة الكهربائية تعيش حالة تخبط حيث تبحث المؤسسة عن سبل تطبيقها والناس لا تحصل على الكهرباء لأكثر من ساعة في معظم المناطق اللبنانية".
وأكد عكوش أن "الموضوع معقد ويحتاج إلى جرأة في اتخاذ القرار وإلى صراحة ما بين الأحزاب وجماهيرها، وعدم استعمال الشعبوية في هذه الظروف، لكن هذا الأمر أصبح مستحيلا، ونحن مقبلون على مزيد من التدهور إذا لم يتم معالجة هذا الواقع والتصرف من قبل منظومة الحكم المؤلفة من كل الأحزاب اللبنانية والتي تشارك سواء عبر مجلس الوزراء أو مجلس النواب، فالكل مشارك ويتحمل المسؤولية".
وأكد أن كل التصريحات التي تخرج عن المسؤولين "كذب على الناس وإدعاء المعارضة، والكل مسؤول عن عدم إقرار الإصلاحات المطلوبة".
مجرد تصريحات
من جانبه، اعتبر أسامة وهبي، الناشط المدني اللبناني، أن كل التصريحات التي يدلي بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وغيره ممن في السلطة اللبنانية لا تجدي نفعًا ولا يقرأها البنك الدولي، معتبرا أن الصندوق يحتاج إلى أفعال وليس تصريحات، وكل الإصلاحات المطلوبة تحتاج إلى إصلاحات وإلى اتخاذ قرارات من مجلس النواب والحكومة اللبنانية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، التصريحات التي تخرج عن المسؤولين اللبنانيين لا تؤتي بأي ثمار تجعل صندوق النقد الدولي يفرج عن الأموال، فهو يحتاج إلى إصلاحات حقيقية وعملية، وأن يرى نتائجها، لكن هذا غير متوفر حاليًا، حتى الموازنة التي طلبها صندوق النقد أتت موازنة هشة فيها أرقام خاطئة وغير منطقية.
وأكد وهبي أن الحكومة لا تزال عاجزة عن الذهاب إلى إصلاحات حقيقية تأتي بهذه الأموال، وربما تفتح آفاق لعودة المستثمرين للبنان، نحن الآن في مرحلة تسيير أعمال وشغور رئاسي وهذا كله يؤدي إلى المزيد من التأزم.
وتابع: "إذا تم انتخاب رئيس جمهورية وتكليف رئيس حكومة جديدة وتعيين حكومة فاعلة ولديها رؤية وإمكانية للذهاب لإصلاحات حقيقية كما يطلب صندوق النقد الدولي، عندها قد نذهب إلى تعاون مشترك، وعودة الحياة الاقتصادية وعودة رؤوس الأموال وحل الأزمات التي تحاوط لبنان، وإلا تبقى مجرد تصريحات لا تثمن ولا تغني من جوع".
وكان البرلمان اللبناني، قد أقر في الـ18 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قانون السرية المصرفية، والذي يتم بموجبه رفع السرية عن الحسابات المصرفية الخاصة بالمسؤولين السياسيين وكبار الموظفين.
ويعد هذا القانون أحد القوانين الإصلاحية التي يطالب بها صندوق النقد الدولي، لكي يتمم الاتفاق مع لبنان حول المساعدات التي يطلبها.
ووقعت بيروت مسودة اتفاق مع صندوق النقد في أبريل/ نيسان الماضي، لكنها تمضي ببطء في تطبيق سلسلة من الإصلاحات التي يطلبها الصندوق لوضع اللمسات النهائية على الاتفاق.
وأخفق البرلمان اللبناني في جلسته الخامسة في انتخاب رئيس جديد للبلاد خلفا للرئيس السابق ميشال عون، الذي انتهت ولايته في 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.