الجزائر الحليف الاستراتيجي والشريك الصديق لروسيا، والتي تربطهما علاقات تاريخية وطيدة منذ عقود، تحاول اليوم تغيير وإصلاح الكثير من السياسات القديمة التي كانت ذات اتجاه واحد أوروبي إلى حد ما، وذلك بإعادة فتح مجالات عديدة للتقارب الدولي مع عدة شركاء، سواء من دول عربية في الخليج أو دول شرق آسيوية وغربية بطيبعة الحال.
الجزائر تدعو الروس للاستثمار على أراضيها
رئيس المجلس الشعبي الوطني الجزائري وجّه دعوة لرجال الأعمال من روسيا للقدوم إلى بلاده واستغلال فرص الاستثمار فيها وتنويعها لتشمل مزيدا من المجالات.
حول هذا الموضوع، قال الخبير الجزائري بالشأن الاقتصادي، الدكتور حمزة بوغادي، لوكالة "سبوتنيك":
"إنّ العلاقات بين الجزائر وروسيا هي علاقات تاريخية ممتدة منذ الثورة التحريرية وما بعد مرحلة الاستقلال، وكانت علاقات نموذجية بالمقارنة مع الدول، وتمتاز بتوافق بالرؤى السياسية والمبادئ والمواقف، واستمرارية واستقرار في جودة العلاقات بين الجانبين، وهناك روابط صداقة وتعاون عسكري واستراتيجي، ولكن الحلقة المغيبة في هذه السنوات، كانت دائما الحلقة الاقتصادية فلم ترق إلى مستوى العلاقات الدبلوماسية والسياسية الممتازة بين البلدين، واليوم الجزائر بطموحاتها نحو إصلاحات في الاقتصاد الجزائري، تمضي نحو بناء اقتصاد متنوع وخارج عن قطاع المحروقات التي اعتمدت عليه في السنوات الماضية".
فتح باب الاستثمار هو مفتاح النية وإرادة الجزائر نحو التطوير
وأشار إلى أنّ "الجزائر من أجل تحقيق طموحاتها الاقتصادية الجديدة، ارتأت أن تبدأ بالدول التي تربطها معها علاقات سياسية جد ممتازة، لأن ذلك سيؤثر إيجابيا على العلاقات الاقتصادية وتطويرها، والتي تتطلب الكثير من الاستقرار في العلاقات السياسية، ولهذا نرى دعوة رجال أعمال روس للاستثمار في الجزائر خاصة وأن قانون الاستثمار جاء ليغطي الكثير من المنافع للأجانب".
الجزائر ملاذ آمن بامتياز للاستثمارات الروسية
وذكّر الدكتور بوغادي بالعقوبات الغربية التاريخية التي فرضت على الشركات الروسية بعد الأزمة الأوكرانية وفرصتها المتميزة في الجزائر اليوم، وقال:
"إنّ الجزائر ملاذ آمن بامتياز للاستثمارات الروسية ولرؤوس الأموال للشركات الروسية التي عانت من العقوبات الغربية ونحن رأينا أن هناك عقوبات غير مسبوقة، فلو نظرنا إلى السلم الأخلاقي للاقتصاد العالمي، فإن احتجاز الأصول لمؤسسات وشركات أو أموال رجال الأعمال واحتجاز أصول مالية للكثير من الروس في الدول الغربية، فبلادنا اليوم فرصة ذهبية للاستثمار في بلد صديق وشريك جدّ موثوق أخلاقيا وسياسيا واقتصاديا ويتمتع بكل المقوّمات الاقتصادية".
الجزائر بوابة لسوق 1.3 مليار أفريقي
كما نوّه المتحدّث إلى أن "الجزائر من حيث موقعها الاستراتيجي تتوسط العالم، وهي قدم في المياه الدافئة ودولة محورية في العالم العربي، وبالتالي كل هذه المحفزات تجعل من بلادنا وجهة للاستثملارات والتعاون الروسي الاقتصادي في أعلى جودة ومستوى بالنسبة لهذه العلاقات".
روسيا سلة من سلات الغذاء العالمي
أما بالنسبة للمجالات الاقتصادية التي تطمح الجزائر للشراكة فيها مع روسيا، قال الدكتور بوغادي لوكالة "سبوتنيك":
"إن الحديث عن نجاح روسيا في الكثير من المجالات خاصة سياق الأمن الغذائي، والذي يبحث عنه العالم حاليا، وروسيا تعتبر سلة من سلّات الغذاء العالمي، فالنجاح في مجال الحبوب والمجال الفلاحي وهو الحصان الرابح ويمكن أن يكون الشق الأول في الاستفادة من هذه الخبرات ومن النجاح في هذا المجال".
وأضاف الخبير الاقتصادي الجزائري أن "ريادة روسيا في مجال المعادن التي تدخل في صناعة الطائرات والسيارات وروسيا تستحوذ على نصيب هام من المساهمة في السوق الدولية من المواد الخام، ولذلك بلادنا لديها الكثير من الثروات الباطنية وتبحث عن استغلالها وتطويرها بنفس النجاح ونفس المستوى الذي شهدته روسيا، وكذلك الصناعات الميكانيكية، والصناعات العسكرية التي تعتبر نجمة الصناعات ونجمة العلاقات الاقتصادية بين الجزائر وروسيا، فالأخيرة شريك هام للجزائر وتعتمد عليه في العتاد العسكري الروسي".