ومن المنتظر أن يشارك ممثلو 88 دولة وحكومة ناطقة بالفرنسية في فعاليات هذا الملتقى الدولي.
وبحسب مدير العلاقات الدولية في وزارة الخارجية التونسية، تم تأكيد حضور 30 رئيس دولة وحكومة في هذه القمة حتى الآن.
وتعول تونس، التي تعيش أزمة متشعبة على الصعيد السياسي والاقتصادي والدبلوماسي، على هذا الملتقى لتعزيز جاذبيتها كموقع للاستثمارات الخارجية، وكسر عزلتها الخارجية التي عمقتها حالة الصخب السياسي التي تعيشها البلاد منذ فترة.
بلد مؤسس يبحث عن الإشعاع
ويؤكد وزير الخارجية التونسية السابق أحمد ونيّس لـ "سبوتنيك"، أن القمة الفرنكفونية ليست بالحدث الغريب عن تونس التي ساهمت في تأسيس هذه القمة مع دول أخرى مثل السنغال والنيجر.
وقال ونيس: "الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة، هو أول من ذكر إمكانية تأسيس مجموعة من الدول والمجتمعات التي تشترك في استعمال اللغة الفرنسية في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 1965 في جامعة السنغال في داكار بحضور الرئيس ليوبولد سنغور، الذي تلقف الفكرة وطورها لتصبح فيما بعد مؤسسة دولية أفريقية بامتداد آسيوي وأمريكي وأوروبي".
وقال ونيس إن القمة الفرنكوفونية تجاوزت كونها قمة تجمع الدول التي ارتبطت تاريخيا بفرنسا، وأصبحت تشمل دولا عربية يناهز عددها العشرة إلى جانب دول أفريقية ومن أمريكا اللاتينية مع أقليات من بلجيكا وغيرها.
ويشدد ونيّس على أن القمة الفرنكوفونية لا تقتصر فقط على البعد المتصل باللغة الفرنسية التي هي لغة تقارب وتعامل بين الدول الأعضاء، وإنما تسعى إلى مد جسور التواصل بين هذه الدول والتركيز على أسس الديمقراطي وتكريس الحرية وحقوق الإنسان ودولة القانون والديمقراطية والرقمنة والتعليم العالي والعلوم والتقنيات، لتحقيق غاية موحدة وهي تحديث المجتمعات المعنية.
وأضاف: "من المهم جدا أن تستعيد تونس موقعها في هذه القمة وأن تؤكد وجودها وأن تحافظ على علاقات تعاون دائمة وليست حينية، وأن لا يقتصر دورها على كونها البلد الحاضن".
وقال ونيّس إن القمة الفرنكفونية تتزامن مع أزمة متشعبة تعيشها تونس، مشيرا إلى أن الوضع الداخلي الذي تعيشه البلاد أثر بشكل واضح على السياسة الخارجية وعلى المبادرات الدولية، حيث واجهت تونس عدة مصاعب في أداء واجب الاستضافة، ولكن التدارك مازال ممكنا".
فرصة نادرة لإنعاش الاقتصاد
ويعتقد الخبير الاقتصادي، رضا الشكندالي، أنه بإمكان تونس أن تستثمر من احتضانها لهذه القمة من عدة نواحي، مشيرا إلى أن جزيرة جربة مصنفة الأولى سياحيا على مستوى جلب العملة الصعبة والمساهمة في تنمية الاقتصاد التونسي.
وأضاف في تصريح لـ "سبوتنيك": "هذه القمة تمثل فرصة سانحة لإنعاش القطاع السياحي وتقديم صورة جيّدة عن تونس والتعريف بها على مستوى بلدان أخرى لا تندرج تونس ضمن عاداتها السياحية، مثل البلدان الأفريقية".
واعتبر الشكندالي أن القمة الفرنكوفونية من الفرص النادرة التي تتوفر لتونس لتحقيق الإشعاع، خاصة وهي التي تعيش فترة اختناق مالي على مستوى التوازنات الخارجية وتفاقم العجز التجاري وتآكل الموجودات من العملة الصعبة في البنك المركزي، وهو ما أثر على قدرة الحكومة التونسية على توفير المواد الأساسية.
ويرى الخبير الاقتصادي أن الحكومة التونسية مطالبة باستثمار هذا الموعد الدولي في تحسين صورتها لدى البلدان التي لها مكانة مهمة على مستوى المؤسسات المالية الدولية المانحة مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
وأضاف: "على تونس أن تستغل أيضا حصولها على الموافقة المبدئية من صندوق النقد الدولي لتنشيط دبلوماسيتها الاقتصادية بغاية الحصول على أكبر قدر من المساعدات من الدول المشاركة، لأن هذه القمة ليست فقط لترويج اللغة الفرنسية وإنما هي أيضا فرصة لأهل القرار في تشبيك العلاقات مع الدول".
ويعتقد الشكندالي أن تحقيق هذه الأهداف يتطلب من الحكومة التونسية اعتماد رؤية اقتصادية واضحة، قائلا: "للأسف هذه الرؤية مفقودة لدى السلطة التنفيذية في تونس التي لا تمتلك خطابا متناغما ومتناسقا".
وأضاف أنه من المهم أن لا يقتصر فهم لتونس لدورها في هذه القمة على التعريف بجزيرة جربة كوجهة سياحية.
قمة بعيدة عن اهتمامات التونسيين
ويرى الصحفي ورئيس جريدة الصحافة التونسية لطفي العربي الجلاصي، في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن انعقاد القمة الفرنكفونية في تونس هو اعتراف بدورها التاريخي في التأسيس لهذا الملتقى الدولي.
وقال: "من الجانب الاقتصادي والاستثماري سيكون لهذه القمة نظريا تأثيرات عميقة خاصة على مستوى الشراكات التي يمكن أن تعقد بين الدول المشاركة في القطاعات التي تهم بشكل خاص الشباب الذين يمثلون حوالي 60 في المائة من الفضاء الفرنكفوني".
وفي المقابل، يرى الجلاصي أن هذه القمة بعيدة جدا عن اهتمامات المواطنين التونسيين واهتمامات المنطقة العربية والأفريقية، مشيرا إلى أن هذه التظاهرة لا تطرح القضايا الحارقة التي تهم هذه الشعوب على غرار قضية الهجرة غير النظامية.
ويعتبر الجلاصي أن الهيئات المنظمة للقمة تتعمد إغفال هذه القضايا على اعتبار أنها قضايا خلافية وتتضمن طرحا يتعارض مع مصالحها.
وأضاف: "من المهم أن يكون الخطاب السياسي لهذه القمة وخاصة خطاب الرئيس التونسي جاذبا للاستثمار، وأن يخرج من دائرة الصراعات السياسية وتوجيه الاتهامات".
ويقول الجلاصي إن التجربة أثبتت أن تونس لا تحسن استثمار الملتقيات الدولية التي تحتضنها على أرضها، قائلا: "في العشرية الأخيرة دمرت تونس كل فرص الاستثمار، والدليل على ذلك هو تراجع عدد المستثمرين على أراضيها".