موافقة صندوق النقد على المراجعة الخامسة... هل حقق الأردن الإصلاحات المطلوبة وماذا عن الفقر والبطالة؟

رغم الأزمات الاقتصادية، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، توصلت بعثة صندوق النقد الدولي إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع الحكومة الأردنية بشأن المراجعة الخامسة للأداء ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي وضعته الحكومة ويدعمه اتفاق "تسهيل الصندوق الممدد".
Sputnik
وقال صندوق النقد، في بيان، إن الأردن أظهر التزامًا كبيرًا بالاستمرار في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي المدعوم منه، ومواصلة التقدم على المسار الصحيح، حيث حققت الإيرادات العامة نموا ملحوظًا بفضل الجهود الحكومية المبذولة لمعالجة التهرب الضريبي والتجنب الضريبي، متوقعًا أن يبلغ النمو 2.7% في عام 2022.
وأوضح وزير المالية الأردني محمد العسيس أن الحكومة خرجت بعد المراجعة بأنها لن تقوم برفع الضرائب أو الرسوم، أو فرض رسوم وضرائب جديدة، وفقا لصحيفة الغد الأردنية.
وقال مراقبون إن هذه الخطوة تؤكد على مضي الأردن قدمًا في ملف الإصلاح الاقتصادي، وأن السياسات والإجراءات التي تم وضعها تسير في الاتجاه الصحيح، فيما يرى آخرون أن الوقت لا يزال مبكرًا للحديث عن إنجازات حقيقية في ظل أوضاع معيشية صعبة وضرائب مرتفعة، ومعدلات فقر وبطالة غير مسبوقة.
ما تأثير ارتفاع معدلات التضخم على الوضع المعيشي في الأردن؟
تحسن اقتصادي
اعتبر النائب خالد البستنجي، عضو اللجنة المالية بمجلس النواب الأردني، أن موافقة صندوق النقد الدولي على المراجعة الخامسة مع الأردن، جاءت بعد أن قام بقياس معدلات الأداء للاقتصاد الوطني والسياسة النقدية للبنك المركزي، مؤكدًا أن الموافقة على الإصلاحات الاقتصادية، وسير التعافي الاقتصادي بعد جائحة كورونا، دليل على أن المؤشرات جيدة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تحسن المؤشرات الاقتصادية في الأردن يكشف عودة قطاع السياحة لوضعه الطبيعي بعد أزمة كورونا، وكذلك زيادة الدخل القومي، وارتفاع معدلات النمو الاقتصادي في المملكة.
وأكد البستنجي أن هناك معضلة أساسية تتعلق بالبطالة، وتصدر هذا البند للمراجعة، وكذلك أزمة ارتفاع أسعار النفط عالميًا، ما أدى إلى رفع نسب التضخم بشكل فعلي، لكن هذا الارتفاع يأتي بسبب عوامل خارجية، ولا علاقة بمعدلات النمو، أو الأعمال والخطط الاقتصادية التي تتم داخل المملكة بهذه النقطة.
ويرى النائب اللبناني، أن هناك ثباتًا واستقرارا للسياسة النقدية، وكذلك لمعدل سعر صرف الدينار مقابل الدولار، وهو ما يؤكد أن الأردن يسير في الاتجاه الصحيح، ولو أن الخطوات متباطئة، حيث يوجد نقص في معدل الدين العام بنسبة قليلة، لكن من المقرر أن نصل إلى 80% من الدخل القومي حتى عام 2028.
ويعتقد البستنجي، أن عملية التحصيل الضريبي وإعادة هيكلتها، وربط بعض المناطق مثل منطقة العقبة الاقتصادية بالضرائب الجمركية، ومكافحة التهرب، كان له أثر كبير في زيادة المدخول الضريبي للدول بنسبة أكبر من المتوقعة، ما دفع المملكة إلى تحقيق أداءً اقتصاديًا متميزًا، رغم المؤثرات الخارجية، مشيرًا إلى أن خطة التحديث الاقتصادي الموضوعة تمضي قدمًا في طريق التعافي.
الفقر والبطالة... ما الحلول المطلوبة لمواجهة ظاهرة الانتحار في الأردن؟
أزمات أكبر
من جانبها، قالت المحللة الاقتصادية الأردنية، لما العبسة، إن المراجعة الخامسة لصندوق النقد الدولي، كانت تشترط تخفيض نسب البطالة من خلال زيادة فرص العمل، وكذلك توسيع الشمول الاجتماعي (الدعم المقدم للفقراء بشكل حقيقي)، لكنها ركزت في موافقتها على الاستقرار الكلي للاقتصاد، وثبات السياسة النقدية والمالية.
وبحسب حديثها لـ "سبوتنيك"، نسب الدين العام للدولة في ازدياد كبير جدًا، حيث اقتربت من حاجز الـ 120% من الدخل، وإذا ما تم إضافة ديون الضمان الاجتماعي قد نصل إلى ما فوق الـ 135%، وهو رقم كبير جدًا، لا سيما وأنه يتزامن مع تفاقم العجز، الذي تسعى الدولة لتخفيضه الفترة المقبلة.
وتابعت: "بالفعل هناك تحسن بالإيرادات، لكن من الصعب أن تعتمد دولة بأكملها على الإيرادات الضريبية وزيادتها ومقاييسها، حيث جاء تحسن الأداء الضريبي نظرًا للإجراءات التي قامت بها هيئة ضريبة الدخل والمبيعات بشأن الحد من التهرب الضريبي، وهو إنجاز كبير ومهم جدًا".
صندوق النقد الدولي يخصص 183 مليون دولار للأردن
وأوضحت أن الأردن من أكثر دول العالم فرضًا للضرائب، ولا يمكن للمراجعة الجديدة أن تطلب المزيد في هذا الاتجاه، حيث لم يطلب التمديد الأخير من الصندوق زيادة الضرائب، بل كان الشرط الرئيسي زيادة التحصيل الضريبي من خلال وقف التهرب، معتبرة أنه لا يمكن اعتبار النجاح هو المحافظة على الاقتصاد الكلي، بينما الجزئي ينهار بشكل متدرج.
وترى العبسة أن الأردن يحتاج إلى وقت أطول لمحاولة الخروج من الوضع الاقتصادي المتأزم، لا سيما مع زيادة نسب البطالة وتقليل الدعم للأسر الفقيرة المشمولة من وزارة التنمية الاجتماعية، وارتفاع الدين، وفشل الحكومة في كبح جماح التضخم، حتى مع زيادة أسعار الفائدة، مشيرة إلى أن السياسة النقدية والمالية لا يمكن تضمينها في هذا الأمر، لأنها دائمًا محافظة ومستقرة.
وبحسب بيان صندوق النقد، يصل مجموع السحوبات المدفوعة من قبل الصندوق للأردن مع استكمال هذه المراجعة، على مدار الفترة 2020-2024 إلى 1438 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (نحو 2 مليار دولار أمريكي)، بالإضافة إلى 329 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (469 مليون دولار أمريكي) تمثل نصيب الأردن من التوزيع العام الذي أجراه الصندوق لمخصصات حقوق السحب الخاصة في آب 2021.
وأكد الصندوق أنه لا يزال من المهم أن يحصل الأردن على دعم مالي بشروط ميسرة من المانحين، وذلك للمساعدة على تغطيه احتياجاته التي تتضمن الاستمرار في تحمل العبء الأكبر لدعم واستضافة 1,3 مليون لاجئ سوري.
مناقشة