لماذا تزايدت تلك العمليات في الآونة الأخيرة وما هو موقف حكومة السوداني، وهل يمكن أن تتطور العملية إلى دخول بري من جانب طهران إلى الإقليم بدافع القضاء على الحركات والأحزاب المناوئة لها؟
بداية، يقول ريبين سلام، الأكاديمي والباحث الكردي في الشأن العراقي: "في الأمس القريب شهدنا الصراع التركي الإيراني وما أنتجه في سوريا من دمار وحرب تأثرت بها دول المنطقة بشكل مباشر وجميع الدول بشكل غير مباشر".
حرب بالوكالة
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "من خلال الحرب بالوكالة من قبل أطراف تابعين للدولتين الجارتين "تركيا وإيران"، التي تعود جذور صراعهما إلى العثمانيين والصفويين، فإن توسع كلا السلطتين كانت ولا تزال قائمة على حساب الآخر".
وأشار سلام إلى أن "الدولتين الإيرانية والتركية تحاولان الآن نقل هذا الصراع المتجذر إلى العراق وإقليم كردستان العراق، ولكن كردستان لا يكون طرفا في صراع مستورد، ولا توجد الأرضية الخصبة لزرع مثل هذا الصراع في أراضي الإقليم".
وشدد الأكاديمي الكردي على ضرورة إسراع الحكومة العراقية في إخماد النار، التي تحاول دول الجوار تصديرها للعراق من مشاكل داخلية وغضب في الشارع وخلط الأوراق بصورة واضحة.
مبررات إيرانية
بدوره، يقول إياد الإمارة، الباحث في الشأن السياسي والأمني العراقي، إن إيران تكرر حديثها عن وجود قواعد لأحزاب معارضة لها على الأراضي العراقية وتحديدا في شمال العراق "كردستان"، الأمر الذي لم توضحه كل من الحكومة الاتحادية في بغداد أو حكومة الإقليم.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "كما تقول إيران أيضا، إن هذه القواعد الحزبية المعارضة تقوم بعمليات إرهابية ضد الإيرانيين داخل إيران منطلقة من الأراضي العراقية، وهو أمر بالغ الخطورة، إذا كان صحيحا، لأنه يزعم تحول العراق إلى قاعدة لأعمال إرهابية".
وقال الإمارة: "تركيا هي الأخرى تتوغل في الأراضي العراقية بعمق مقلق جدا، مدعية إن أعمالا إرهابية ضدها تنطلق من الأراضي العراقية".
ولفت الباحث السياسي إلى أن إيران لم تدخل بجيشها فعلا داخل الأراضي العراقية، لكنها تقصف مواقع تقول عنها إنها تستهدف إيران بأعمال إرهابية.
عدوان وجريمة
من جانبه، يرى عبد الستار الجميلي، الأمين العام للحزب الطليعي الاشتراكي الناصري في العراق، أن القصف الايراني والتركي يشكل جريمة عدوان متكاملة الأركان وفق قواعد القانون الدولي والقانون الوطني وانتهاك لسيادة العراق وسلامة أراضيه الإقليمية، ما يجعل المسؤولية الدولية على هاتين الدولتين، اللتين دأبتا على ممارسة العدوان المستمر على الأراضي العراقية والسورية معا.
ولفت الجميلي في حديثه لـ"سبوتنيك"، إلى أن طهران وأنقرة تستغلان ضعف الدولة العراقية وحالة الصراعات السياسية بين أطراف العملية السياسية وهشاشة القرار الوطني العراقي، وعدم وجود استراتيجية أمنية منظمة، بما يتلائم مع حجم ونوع التحديات والمخاطر التي تواجه العراق.
وقال الجميلي: "كان غياب رد فعل الحكومة على هذا العدوان، نتيجة للاستقطاب الطائفي لأطراف العملية السياسية لمصلحة إيران أو تركيا دون التفكير بالمصلحة الوطنية العليا وحياة المواطنين وسيادة واستقلال العراق".
وأضاف عبد الستار الجميلي: "أما ما يتعلق بتهديد الاجتياح البري من قبل إيران، فأعتقد أن هذا مجرد تهديد فارغ من أي إمكانيات للتنفيذ بحكم الانتفاضة التي تعيشها إيران حاليا من جانب، واصطدام ذلك بالنظام العربي والإقليمي والدولي من جانب آخر".
وأكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ورئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، اليوم الثلاثاء، التعاون من أجل حفظ سيادة العراق والعمل على منع استخدام أراضيه للهجوم على دول الجوار، وذلك في ظل هجمات تركية وإيرانية على مواقع شمالي البلاد.
وأدانت الحكومة العراقية، أمس، الهجمات التركية والإيرانية المتكررة على إقليم كردستان شمالي البلاد، معتبرة أنها تمثل خرقا لسيادة البلاد.
ونشرت وكالة الأنباء العراقية بيانا عن وزارة الخارجية، أكدت فيه أن "العراق يرفض رفضا قاطعا القصف الإيراني بالطائرات المسيرة والصواريخ على إقليم كردستان".
وأضاف البيان: "الهجمات المتكررة التي تنفذها القوات الإيرانية والتركية بالصواريخ والطائرات المسيرة على إقليم كردستان تعد خرقا لسيادة العراق"، مشيرا إلى أن الحكومة العراقية تؤكد أن لا تكون أراضي العراق مقرا أو ممرا لإلحاق الضرر والأذى بأي من دول الجوار.
وأعلن البرلمان العراقي عقد جلسة مغلقة، اليوم الثلاثاء، لمناقشة حفظ سيادة العراق، في أعقاب القصف الإيراني المتكرر على إقليم كردستان شمالي العراق، بينما استنكر نائب رئيس مجلس النواب العراقي شاخوان عبد الله، "القصف الإيراني على أربيل"، مؤكدا أن "استمرار القصف سيعرض حياة المدنيين للخطر ويمس بالأمن والاستقرار في البلاد".
وقال عبدالله إن "هذه الاعتداءات المتكررة تجاوز مرفوض وانتهاك للسيادة الوطنية"، ودعا "الحكومة إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة للحد من اعتداءات دول الجوار"، ومطالبا "المجتمع الدولي للتدخل ومساعدة العراق لمعالجة قضية الاعتداءات".