ويرى خبراء أن وجود القوات المسلحة العراقية على الحدود سيزيل الذريعة التي تستخدم لقصف المناطق العراقية، لكن يقول آخرون إن نشر القوات على المعابر الحدودية في إقليم كردستان لن يردع تركيا أو إيران، اللتان تحاولان تصريف مشاكلهما الداخلية في العراق.
ويقول فريق ثالث إن تركيا وإيران تسوقان أسباب واهية حول احتضان العراق للمعارضة، وإن التدخل الأمريكي في العراق جعل الهويات القومية والطائفية تنشط على حساب الهوية الوطنية بصورة أضعفت الدولة العراقية.
وقال الخبير العسكري والاستراتيجي العراقي كامل الدليمي إن ما تقوم به تركيا وإيران هو تجاوز يجب أن يوضع حدا له على المستوى الدولي، وعلى العراق أن يتقدم بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي لوضع حد إلى هذه الانتهاكات.
وتابع الدليمي في حديثه لـ "سبوتنيك": "تم انتهاك علاقات حسن الجوار وانتهاك سيادة العراق. المشاكل الداخلية أضعفت العراق كدولة، لكنه سينهض من جديد وعلى الدول المجاورة أن تراعي علاقات حسن الجوار لتساعد الدول التي تعاني من مشاكل على النهوض وترميم بنائها من جديد".
وأوضح أن تركيا وإيران تسوقان "أسبابا واهية" حول احتضان العراق للمعارضة، مشيرا إلى أنه من المفترض احترام سيادة الدولة العراقية، وأن تجلسا على طاولة التفاوض للحد من هذه الانتهاكات وللتفاوض مع معارضيهم الموجودين في العراق.
وقال الخبير العسكري والاستراتيجي العراقي إنه في السابق كانت إيران تحتضن معارضة عراقية وكان العراق يحتضن معارضة إيرانية، مضيفا: "لكن لم تتجرأ إيران على ضرب العراق ولم يتجرأ العراق على ضرب إيران، عندما كانت الدولتان متكافئتين".
وتابع: "لكن التدخل الأمريكي السافر الذي يتم بصورة دائمة في الشأن العراقي، حول العراق إلى كنتونات طائفية وقومية، جعلت الهوية الوطنية العراقية في سبات، بينما نشطت الهويات الطائفية وهو ما أثر سلبيا على الوضع العام للدولة".
واستطرد: "العراق سينهض وسيعود كما كان، وعلى دول الجوار أن تتعامل على مستوى المسؤولية فيما يخص الشأن العراقي. كما تدين تدان، وعلى الجميع أن يحسب ألف حساب قبل أن يتجرأ على انتهاك سيادة العراق".
ولفت كامل الدليمي إلى أن المشاكل السياسية يجب أن تحل بالتفاوض لا بالتهديد والوعيد وشن الحروب والاكتساح والطائرات المسيرة والطائرات الحربية، مضيفا: "هذه الفعاليات تكشف وهن تلك الدول وضعفها داخليا ومحاولتها تصريف مشاكلها الداخلية بما تفعله في العراق".
وقال الدليمي: "ما ينتظر العراق سيكون أفضل، ومن انتهك سيادة العراق سيندم في يوم من الأيام وعلى مجلس الأمن أن يلعب دورا كبيرا في الحد من هذه الانتهاكات".
وأوضح أنه على وزارات الخارجية في العراق وتركيا وإيران أن تذهب إلى طاولة التفاوض للتفاهم على وضع المعارضة، مشيرا إلى أن هناك منظمات إرهابية تعبث بأمن العراق وغالبيتهم في تركيا.
وتابع: "غالبية أعضاء داعش الإرهابي (منظمة إرهابية محظورة في روسيا وعدد من دول العالم) يتواجدون في تركيا، لكن العراق لم يقدم على ضرب تركيا لأنها تأويهم وأيضا في إيران يوجد معارضين في العراق، لكنه أيضا لم يتجرأ على ضرب إيران لأنه تعامل وفق القوانين الدولية".
ودعا الخبير العسكري والاستراتيجي العراقي كامل الدليمي إلى تفعيل القانون الدولي تجاه القضية العراقية وأن تفعل معه العلاقات التي من المفترض أن تكون جيدة بين دول الجوار.
وتابع: "كل ما يحدث يعبر عن ضعف ووهن الدول التي تضرب العراق ويكشف حجم ما تواجهه هذه الدول من مشاكل كبيرة داخل بلدانهم. ضرب مواقع في العراق لن يحل مشاكلهم الداخلية وضرب مراكز معارضة أو مدنية لن يحل تلك المشاكل أيضا".
ووجه الدليمي رسالة إلى تلك الدول قال فيها إنه يجب على تركيا وإيران حل مشاكلهم الداخلية مع شعوبهم وترك العراق يدير شأنه داخليا، وألا يكونوا سببا في تخريب الوضع داخل البلاد.
أما أحمد الياسري، المحلل السياسي وخبير العلاقات الدولية العراقي، فأشار إلى ضعف الاستراتيجيات العسكرية العراقية في الوقت الحالي، بسبب عدم تنظيم العلاقة الأمنية بين حكومتي المركز والإقليم والانقسام السياسي الداخلي واتجاهات حكومة السوداني إلى العمق العراقي.
وأوضح، في حديثه لـ"سبوتنيك" أنه من الممكن نشر بعض القوات المشتركة على المعابر الحدودية في إقليم كردستان رغم أنه إجراء اعتباري ولا يمثل وسيلة ردع لتركيا أو إيران. ولفت إلى أن حكومة السوداني ليس لها ظهير شعبي، وأنها لن تجازف بخسارة الدعم الإيراني في مواجهتها المقبلة مع الصدريين ومع الشارع.
واعتبر أن قرارات الاستهداف التركية والإيرانية لها دوافع داخلية يحركها الصراع مع حزب العمال في تركيا والمظاهرات في إيران، مشيرا إلى أن فاعلية التدخل الدولي ضعيفة لأن تركيا جزءا من حلف "الناتو" وإيران جزء مما وصفه بـ"المنظومة الشرقية"، كما أن "أي إجراء أمني رادع قد ينعكس على الوضع في أوكرانيا".
من جهته يرى محمد حسن الساعدي، الكاتب والباحث في الشأن السياسي والأمني العراقي، أن هناك ردود فعل متباينة بين حول عمليات القصف الإيراني على الحدود وعلى بعض المواقع في كردستان، وذلك بذريعة وجود معسكرات للمعارضة الإيرانية تدرب المعارضين وتدخل العناصر المسلحة للقيام بعمليات إرهابية داخل إيران.
وتابع الساعدي في حديثه لـ"سبوتنيك": "سعى البرلمان العراقي إلى تحريك القوات الأمنية والجيش العراقي بالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان لحماية الحدود الشرقية، وسيكون هناك تنسيق بين القوات العراقية وحكومة إقليم كردستان وقيادة البيشمركة في هذا الشأن".
ولفت إلى أن وجود القوات المسلحة العراقية وضبط الأوضاع على الحدود الشرقية مع الجارة إيران، سيقود إلى طرد هذه العصابات وثم ضبط الحدود وإزالة الذريعة التي تستخدمها إيران لقصف المناطق العراقية.
وقال الساعدي: "نتفق على الرفض القاطع للمساس بالسيادة العراقية ومحاولات إثارة الخلافات والمشاكل بين العراق وجيرانه، كما نرفض وجود أي تشكيلات مسلحة تحاول المساس بالأمن القومي العراقي أو تهدد السلم والأمن المجتمعي للدول المجاورة كما نرفض أن يكون العراق منطلقا لاستهداف جيرانه".
ولفت الساعدي إلى أن الحكومة العراقية، ومن قبل ذلك الإطار التنسيقي، شددت على أن حماية الحدود العراقية شأنا حكوميا حصرا ولا يحق لأي جهة أن تتدخل فيه، كما أكدت على ضرورة أن يقوم الجيش العراقي بالانتشار السريع لضبط الحدود وطرد المرتزقة والعصابات المتواجدة في إقليم كردستان.
وأوضح أن الحكومة العراقية أكدت على ضرورة أن تصنيف هؤلاء على أنهم لاجئون، لكي يتم ضمهم إلى برنامج المساعدات الانسانية، مضيفا: "إذا كانوا مسلحين فيجب تجريدهم من سلاحهم وطردهم خارج الحدود العراقية وتأمين الحدود نهائيا".
شهدت مناطق عدة في إقليم كردستان العراق، قصفا إيرانيا وتركيا، على مدار الأيام الماضية، باستخدام المدفعية والطائرات المسيرة. واستهدفت عمليات القصف مواقع ومقار لمجموعات تعتبرها أنقرة وطهران "إرهابية"، فيما اعتبرت الخارجية العراقية، ما تقوم به الدولتان خرقا لسيادة البلاد، وعملا يخالف المواثيق والقوانين الدولية.