ما الذي تعنيه لغة التصعيد من جانب الشرعية اليمنية وهل وصلت مساعي السلام إلى طريق مسدود أم أن ما يحدث من الطرفين هو مساع للضغط وتحقيق مكاسب أو تنازلات من كل الأطراف؟
بداية يقول عبد الستار الشميري، الباحث السياسي اليمني إن "إعلان الحكومة اليمنية رفع الجاهزية العسكرية والأمنية، يمثل نوعا من أنواع التعبئة الإعلامية أكثر منه التعبئة العسكرية الحقيقية".
إعلانات متكررة
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "إعلان التعبئة والجاهزية العسكرية والأمنية التي صرحت بها الحكومة لوسائل الإعلام خلال الساعات الماضية، لم تكن الأولى في هذا الإطار فقد تكررت تلك الإعلانات عدة مرات في السابق من قبل مجلس الدفاع الوطني والمجلس الرئاسي ومن الحكومة ذاتها، وكذلك من بعض مناطق الجيش".
وبحسب الشميري، فإن تلك الإعلانات المكرورة لم تأت بجديد على صعيد العمليات العسكرية في أي جبهة، وعلى ما يبدو أن الحكومات تحاول أن تصدر رسائل أنها جاهزة كي ترفع سقف الخطاب وتحسن شروط وجودها على طاولة الحوار والمباحثات، التي تدور في نوافذ كثيرة، من بينها مسقط والأردن وغيرهما.
وأشار الباحث السياسي إلى أنه "ليس هناك شيء جديد يمكن أن تفعله الحكومة اليمنية سوى أن تدافع عن الأراضي التي تحت يدها، علاوة على حماية بعض الموانئ التي تتعرض لصواريخ حوثية، والتي تقلص من تصدير النفط اليمني ومن تدفق الموارد المالية إلى البنك المركزي للحكومة، مضيفا: "لذا لا أرى أن الإعلان الأخير عن الجاهزية والأمن لا يمكن أن يقدم شيئا جديدا في المشهد الأمني والعسكري في اليمن".
الورقة الرابحة
وأشار الشميري إلى أن "هناك توازنا ضعيفا بين الطرفين أفضى إلى أن كل الأطراف غير قادرة في الحقيقة على حسم عسكري، واكتفت بما لديها، فالحوثيون وإيران، لديهم ورقة ضغط وهي الصواريخ التي تصل إلى البحر، وهذه هي الورقة التي يستثمرونها في ظل مخاوف الأمم المتحدة، لكي ينالوا مزيدا من الاشتراطات التي طرحوها لكي تمدد الهدنة وتوقف العمليات أو ما إلى ذلك".
وتابع: "لا أعول كثيرا على هذا الخبر وعلى هذا الإعلان بشأن الجاهزية والاستعداد، وربما هو من باب تصدير بيانات إعلامية تعودنا عليها من الحكومة دون وجود عمل عسكري حقيقي".
قضية معلقة
وحول فشل كل المساعي لتمديد الهدنة يقول الشميري إن القضية اليمنية برمتها معلقة في مدرجات الفشل بشكل عام على الصعيد الإنساني وصعيد الهدنة وفي الملف السياسي، مضيفا: "فقد فشل المبعوث الأممي والمبعوث الأمريكي والأمم المتحدة، كما فشلت الدول الراعية في الملف اليمني.
وتابع: "أعتقد أن قضية اليمن أصبحت قضية معلقة أشبه بالقضية السورية وربما بالقضية الفلسطينية، وهناك فشل حقيقي سيجعل هذه القضية طويلة جدا حتى يتم حسمها عسكريا لمن يستطيع أن يتقدم ويفرض شروطه في النهاية".
طريق مسدود
من جانبه يقول العميد ثابت حسين، الخبير العسكري والإستراتيجي اليمني: "من الواضح أن جهود تمديد الهدن قد وصلت إلى طريق مسدود بسبب تعنت الحوثيين "أنصار الله" ومبالغتهم في وضع شروط غير معقولة وغير مقبولة.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "أما الحكومة اليمنية فقد استنفذت ما لديها من تنازلات وبيانات وتصريحات بما فيها إعلان رفع الجاهزية العسكرية".
وأشار حسين إلى أنه "لا قيمة لهذا الإعلان دون أن يتبعه استعدادات عسكرية على الأرض، تشمل حشد القوات لمواجهة الحوثيين وتحرير محافظات الشمال منهم".
الموقف الدولي
وتابع: "الموقف الدولي، وأعني هنا موقف الدول العظمى وخاصة الولايات المتحدة، لا يرقى إلى مستوى ممارسة ضغوطات جدية وقوية على الحوثيين، ويتسم هذا الموقف بالتوظيف السياسي والمساومات مع إيران على حساب معاناة اليمنيين".
وأكد رئيس المجلس السياسي الأعلى في اليمن، مهدي المشاط، أن "قرار حماية الثروات لا يعني أي تهديد للملاحة الدولية كما تدعي أبواق العدوان، ومن يهدد الملاحة هو من يواصل عدوانه وحصاره ونهب ثروة هذا الشعب".
وقال المشاط، في خطاب له، بمناسبة الذكرى الـ 55 لعيد الاستقلال إن "المحتل اليوم يرى أن دفاع شعبنا عن مقدراته ضد النهب إجراء خاطئ بالنسبة له و لمصالحه"، مشددا على أن "هذه الوقاحة الأمريكية تزيدنا إصرارا على المضي في مسيرة التحرر والاستقلال وإعادة طرد المستعمر الجديد حتى ينال اليمن حريته واستقلاله وسيادته"، حسب وكالة الأنباء اليمنية "سبأ".
وجدد رئيس المجلس السياسي الأعلى في اليمن، التأكيد على "الموقف الثابت بحماية مقدرات الشعب، ومنع نهب ثرواته النفطية والغازية، باعتباره التصرف الدستوري الصحيح والسلوك المنطقي والشرعي"، مؤكدا أن "قرار حماية الثروات لا يعني أي تهديد للملاحة الدولية كما تدعي أبواق العدوان، ومن يهدد الملاحة هو من يواصل عدوانه وحصاره ونهب ثروة هذا الشعب".
كما جدد "استنكار المساعي العدوانية لنهب ثروات اليمن، وحرمان شعبه من مستحقاته الطبيعية، وعلى رأسها دفع المرتبات لكل موظفي الدولة"، وأدان مساعي دول العدوان وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، لعرقلة دفع مرتبات وتعطيل جهود السلام، معتبرا ذلك عملا عدوانيا سيكون له عواقب وتداعيات تتحمّل مسؤوليتها تلك الدول".
ونصح المشاط "قوى العدوان الأمريكي السعودي بالجنوح للسلام العادل والمشرّف، وضرورة المسارعة في دفع مرتبات شعبنا دون مماطلة"، مؤكدا أن "الشعب اليمني لن يقف موقف المتفرج وخيراته تنهب أمام عينيه، وهو يعاني أشد حصار يفرض على شعب في التاريخ الحديث والقديم".
ومطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أعلنت جماعة "أنصار الله" وصول مفاوضات تمديد الهدنة إلى طريق مسدود، في ظل اشتراط الجماعة دفع الحكومة رواتب الموظفين العموميين من عائدات النفط والغاز المنتج من المحافظات التي تسيطر عليها القوات الحكومية.
وتسيطر جماعة "أنصار الله"، منذ سبتمبر/ أيلول 2014، على غالبية المحافظات في وسط وشمالي اليمن، بينها العاصمة صنعاء، فيما أطلق تحالف عربي بقيادة السعودية، في 26 مارس/ آذار 2015، عمليات عسكرية دعما للجيش اليمني لاستعادة تلك المناطق من قبضة الجماعة.
وأودت الحرب الدائرة في اليمن، حتى أواخر 2021، بحياة 377 ألف شخص، كما ألحقت بالاقتصاد اليمني خسائر تراكمية تقدر بـ 126 مليار دولار، في حين بات 80 في المئة من الشعب اليمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية، حسب الأمم المتحدة.
8 سنوات من الحرب في اليمن
© Sputnik