يرى مراقبون أن الأزمة الحالية في شمال البلاد يمكن أن تصنع نوعا من التوافق بين بغداد وأربيل وتوحد المواقف لمواجهة التهديدات الخارجية، في حين يرى آخرون أن عناصر الخلاف بين أربيل وبغداد ليس من السهولة أن تصل إلى حلول، نظرا لأن هناك مصالح وأيادي تعبث بهذا الملف ولا تريد انتهاء الأزمة واستقرار العراق، لأن هذا سوف يمثل تهديدا لها من وجهة نظرهم.
بداية يقول فرمان عثمان، الكاتب والمحلل السياسي الكردستاني، اللجان التي جرى الحديث عن تشكيلها إبان زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى أربيل، ليست الأولى من نوعها في هذا الاتجاه، فقد تم تشكيل خمس لجان في السابق بين بغداد وأربيل برئاسة السيد البارزاني والطالباني وأياد علاوي والمالكي والهاشمي وجميعهم رأس تلك اللجان ولا نزال نتحدث حتى اليوم عن نفس الملفات.
نقاط الخلاف
وأضاف، في حديثه لـ"سبوتنيك"حيث كانت هناك لجان لبحث تنفيذ ما جاء في المادة 140 من الدستور العراقي والمتعلقة بالمناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، وكانت هناك لجنة متعلقة بالجيش (البيشمركة) ولجنة مشتركة تتعلق بأمور السياسة الخارجية للحكومة العراقية، هذا بجانب لجنة مستحقات الإقليم في الموازنة العراقية ولجنة النفط والغاز، هذه اللجان بالإضافة إلى فقرة تشكيل المجلس الفيدرالي العراقي حسب الدستور.
وأشار عثمان إلى أن، الأسماء السابق ذكرها كانوا هم صناع القرار بالعراق في ذلك الوقت سواء في المؤسسات الحكومية أو على مستوى أحزابهم والتي كانوا يمثلون الرقم واحد فيها ومع ذلك بقيت الملفات عالقة.
نوايا حسنة
في نفس السياق يقول، سالار التاوكوزي، الأكاديمي والباحث السياسي الكردستاني، "أعتقد أننا لا نستطيع الآن إصدار رأي حاسم بخصوص نجاح أو فشل اللجان الفنية التي من المقرر أن تتشكل للنظر في القضايا العالقة بين إقليم كردستان والحكومة المركزية في بغداد مثل النفط والغاز والموازنة وغيرها".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "لكن يبدو لي كمتابع أن هناك في الجانبين نية حسنة، وتفيد المعلومات التي لدينا بأن جو الاجتماع الأخير بين بغداد وأربيل كان إيجابيا وهذا يبشر بالخير، خاصة بعد أن أكد رئيس حكومة إقليم كردستان في زيارته الأخيرة إلى بغداد على التعاون المشترك ودعم حكومة محمد شياع السوداني[ لتنفيذ برامجها]، وكذلك حكومة إقليم كردستان عامل مساعد لنجاح الحكومة العراقية الجديدة وحل الخلافات بالاعتماد على ثقافة الحوار والدستور العراقي".
وأشار التاوكوزي إلى أن، الشارع الكردستاني والعراقي سعيد بالخطوات الجديدة التي اتخذتها حكومة إقليم كردستان والحكومة العراقية لحلحلة الملفات العالقة منذ سنوات".
الثقة المتبادلة
من جانبه يقول، كمال الساعدي، الكاتب والباحث السياسي العراقي، "أعتقد أن الإدارة الصادقة في حكومتي الاتحادية والإقليم هي الركيزة الأساسية في نجاح أي مبادرة".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "العنصر الثاني في إمكانية نجاح مهمة هذه اللجان الفنية لحل المشاكل العالقة بين الإقليم والمركز، هي الثقة المتبادلة خصوصا وأن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يتمتع بمقبولية عند القيادات الكردية".
أعلن مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي،الأحد الماضي، أن "القيادة العراقية لا تقبل بأي انتهاك لسيادة البلاد من قبل إيران وتركيا".
وقال الأعرجي، في مقابلة مع شبكة "رووداو" الإعلامية الكردية، إن "رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني شدد على أنه "ستكون هناك لجنة عليا بين بغداد وإقليم كردستان للتفاهم مع إيران وتركيا لإيجاد حلول مناسبة لهذه الاعتداءات".
وقررت الحكومة العراقية، الأسبوع الماضي، وضع خطة لإعادة انتشار قواتها على طول الحدود مع إيران وتركيا، وذلك ضمن عدة قرارات ردا على الهجمات من الدولتين على أراضيها.
وبحسب بيان للمجلس الوزاري للأمن الوطني في العراق، نشرته رئاسة الوزراء، فقد عقد المجلس اجتماعا في حضور رئيس أركان قوات البيشمركة الكردية، حيث ناقشت الأطراف الاعتداءات التركية والإيرانية، وتم اتخاذ عدة قرارات بينها "وضع خطة لإعادة نشر قوات الحدود العراقية لمسك الخط الصفري على طول الحدود مع إيران وتركيا".
وتابع البيان أن من بين القرارات أيضا "التنسيق مع حكومة إقليم كردستان العراق ووزارة البيشمركة... بهدف توحيد الجهد الوطني لحماية الحدود العراقية"، بجانب "تأمين جميع متطلبات الدعم اللوجستي لقيادة قوات الحدود وتعزيز القدرات البشرية والأموال اللازمة وإسنادها بالمعدات وغيرها، بما يمكّنها من إنجاز مهامها".
وتشهد عدة مناطق في إقليم كردستان العراق، منذ أسابيع، قصفا إيرانيا وتركيا، باستخدام المدفعية والطائرات المسيرة.
واستهدف القصف مواقع ومقار لأحزاب إيرانية وتركية معارضة؛ وهو ما اعتبرته الخارجية العراقية، خرقا لسيادة البلاد، وعملا يخالف المواثيق والقوانين الدولية.