وحققت السعودية في السنوات الأخيرة نقلة مهمة على مستويات عدة في المشروعات الاستثمارية والسياحية الضخمة، كما نما القطاع الخاص غير النفطي في السعودية بأسرع وتيرة في سبعة أعوام في نوفمبر/ تشرين الثاني المنصرم.
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، كشفت الهيئة العامة للإحصاء في السعودية ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 12.2%، في الربع الثاني من عام 2022 مقارنة بالربع المماثل من عام 2021.
تشير توقعات الخبراء إلى أن رؤية 2030 تسير بوتيرة سريعة مدعومة بنمو القطاع غير النفطي، وأسعار الطاقة، والعمل في جميع المشروعات بالتوازي، في ظل ثقة كبيرة في الاستثمار في المملكة، وهو ما أظهرته العديد من الاتفاقيات التي وقعتها المملكة مؤخرا مع العديد من الدول.
مشروعات عملاقة
مشروعات عدة ومهمة "قيد الإنشاء" تسابق المملكة الزمن من أجل الانتهاء منها فيما تبقى من سنوات على الرؤية، فيما أشار العديد من المسؤولين بالمشروعات إلى أن العديد من المشروعات يبدأ افتتاحها خلال السنوات القليلة المقبلة بداية من 2024، لتضع المملكة على خريطة أهم المقاصد السياحية في المنطقة العربية.
مشروع البحر الأحمر
وتعد وجهة البحر الأحمر من المشروعات ذات الأولوية بالنسبة للمملكة، وهي أحد المشاريع الكبرى التابعة لصندوق الاستثمارات العامة.
وتمتد وجهة البحر الأحمر على مساحة 28 ألف كم2 من الأراضي والبحيرات البكر، وستضم أرخبيلاً يحتوي على أكثر من 90 جزيرة. كما تحتوي على أخاديد جبلية، وبراكين خامدة، ومعالم ثقافية وتراثية تاريخية.
كما ستضم فنادق ووحدات سكنية، ومرافق، ومشاريع ترفيهية، يرتقب أن يشهد عام 2024 الانتهاء من بعض المشروعات، حيث تفتتح الأخرى تباعا على مدار الأعوام المقبلة.
وتساهم وجهة البحر الأحمر في تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030 بشكل مباشر، حيث تعمل على إبراز الإمكانات الوفيرة للمملكة وإيجاد فرص اقتصادية وثقافية واجتماعية مهمة.
أول الجزر المرتقب الانتهاء منها
من ناحيته قال المهندس هاني عوني أحد القائمين على مشروع "جزيرة شورى"، إنه من المقرر أن يتم الانتهاء من بعض أجزاء المشروع العام المقبل ويليه الانتهاء تباعا من تسليم بعض الفنادق والوحدات بالجزيرة.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن العمل يتم بوتيرة سريعة في المشروع الذي بدأ العمل فيه منذ وقت قريب.
بحسب عوني يتكون المشروع من 11 فندقا ومنطقة جولف بها 75 فيلا، وملاعب جولف كبيرة، كما تضم الفنادق نحو 240 غرفة في الفندق الواحد، ويقع المشروع بجوار مطار البحر الأحمر الذي يجرى العمل عليه في الوقت الراهن.
ويقع المشروع على مساحة 10 كيلومترات مربعة، حيث تقام الفنادق على نحو 12 ألف متر مربع، ويربط الجزيرة جسر بطول 3 كيلومترات.
وتعد جزيرة "شورى" البوابة الرئيسية للوجهة ضمن المرحلة الأولى للتطوير، التي ستضم عند اكتمالها 11 منتجعا وفندقا فاخرا، ووحدات سكنية وملاعب للغولف ومرسى لليخوت، والعديد من مرافق الترفيه والاستجمام.
وفي وقت سابق قال الرئيس التنفيذي لشركة البحر الأحمر للتطوير، جون باغانو، إن الشراكة رسالة تبين اهتمام المجتمع وقطاع الاستثمار بوجهة البحر الأحمر والفرص السياحية متسعة الأفق في المملكة.
وأضاف أن وجهة البحر الأحمر تقدم العديد من الفرص التجارية الواعدة، وذلك بقدرتها على استغلال الأصول الاستراتيجية والرئيسية للمملكة ودفع عجلة النمو الاقتصادي وتنوعه على النحو الذي حددته رؤية المملكة 2030.
مدينة العلا
لوحات طبيعية شكلتها الرياح والطبيعة ونحتت عبر آلاف السنوات، ونقوش على أحجار الجبال الشاهقة شاهدة على عصور طويلة وحضارات متعاقبة تعود للقرن الثاني قبل الميلاد، حيث تعد مدينة العلا من أقدم المدن المأهولة في المنطقة وتتمتع بجمال خاص وطبيعة مغايرة حتى يومنا هذا.
تجولت "سبوتنيك" في العديد من المناطق التاريخية بمدينة العلا، والتي تعد من الوجهات السياحية المهمة التي يقصدها العديد من شعوب العالم.
تضم مدينة العلا التاريخية العديد من المواقع الأثرية التي يعود تاريخها إلى القرن التاسع قبل الميلاد، حيث تؤكد النقوش على الجبال الشاهقة والمدافن أن المناطق الجبلية في الوقت الراهن سكنها العديد البشر عبر عصور مختلفة.
ورصدت "سبوتنيك" خلال جولة مصورة في المناطق التاريخية والمشروعات الحديثة تفاصيل عمليات التطوير التي تقوم بها المملكة.
تقع مدينة العلا شمالي المدينة المنورة بنحو 370 كيلومتراً، وهي واد يحده جبلان مرتفعان يمتدان من الشمال إلى الجنوب.
ترتفع المنطقة عن سطح البحر بنحو 750 مترا، وهي أشبه بالمدينة الحمراء، حيث أن جبالها هشة "رملية" يسهل قطعها ونحتها وتشكيلها والكتابة عليها، ويشار إلى أن العديد من الأحجار المنحوتة شكلتها الرياح على مدار مئات السنوات.
نقوش الطبيعة
بعض الأحجار في جبال العلا تشبه الآدميين ورؤوس الحيوانات والقدور والصواني، وهي جميعها شكلت من خلال حركة الرياح، كما تضم المدينة الغيران (جمع غار) الفسيحة التي يأوي إليها الناس في الصيف.
كانت العلا معبرا رئيسا لقوافل التجارة منذ العهد القديم بين جنوب الجزيرة وبلاد الشام، ما أدى إلى استقرار السكان فيها قديما وممارسة النشاط البشري على أرضها واستغلال طبيعتها في صنع المدنيات وتكوين الحضارات التي تعود لآلاف السنوات.
بحسب العديد من المراجع فإن الثموديين خرجوا من جنوب الجزيرة (اليمن)، انتشروا في أنحاء شتى من الجزيرة العربية. والثموديون ينتمون إلى قبيلة ثمود وهم قبيلة عربية كبيرة وبطونها كثيرة، وقد استقر المقام بأحد بطونها في الحجر "مدائن صالح" والعلا.
ضمن أشهر المعالم في مدينة العلا منطقة "الخريبة" أو ما يعرف بـ"مقابر الأسود" والبلدة القديمة وجبل الفيل وحرة عويرض، و"مدائن صالح" وتعتبر من الأماكن السياحية الهامة في العلا، و"جبل عكمة".
كما تعمل المملكة على عدة مشروعات ضمن الرؤية في العديد من مدن المملكة الكبرى وتوابعها، منها الرياض وجدة والعلا ومدن أخرى.