إلى أي مدى يمكن أن ينخفض أو يرتفع سعر صرف الجنيه أمام الدولار خلال ما بين نهاية العام الجاري وبداية العام المقبل؟
بداية، قالت حنان رمسيس الخبيرة الاقتصادية المصرية، إن لا حيلة للبنك المركزي المصري لإخراج البلاد من تلك الأزمة، إلا أن تكف وزارة المالية المصرية عن الاقتراض من الخارج، حيث تقع البلاد في مأزق كبير جدا في وقت استحقاق الفوائد والأقساط، عندما يبدأ الاحتياطي النقدي وسعر العملة المصرية في الانخفاض.
حل الأزمة
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك": "الحل الثاني للأزمة ما رأيناه من اجتماع الرئيس عبد الفتاح السيسي مع ولي العهد السعودي والقيادة الصينية في خطوة نحو التحول أو تقليص الاعتماد بصورة أساسية على الدولار".
وأوضحت أن ذلك يكون عن طريق عملات أخرى يمكن الاعتماد عليها لكي تخرج مصر من الأزمة المتكررة للدولار والسوق السوداء، وهذا ضمن الإجراءات التي كان يتحدث عنها محافظ البنك المركزي بضرورة التحول إلى عملات أخرى لتخفيض الضغط على الدولار في الفترة القادمة.
وبحسب الخبيرة الاقتصادية، فإن ما حدث للدولار في الفترة الأخيرة هو تعويم كامل لسعر الصرف وليس تحريكا كما يقول البعض، لأن الدولار ترك في السوق أمام العرض والطلب، وطالما أن السوق الموازية تعمل وليس عليها رقابة، فهذا الأمر هو تعويم كامل وليس تحريك.
وأردفت أن التحريك يكون في حدود معينة وعندما يخرج عنها يتدخل البنك المركزي لتصحيح الأوضاع ويضع سقف، لكن الوضع الحالي يتيح البيع والشراء للدولار في البنوك بلا قيود.
أزمة مفتعلة
وأشارت رمسيس إلى أن "الأزمة التي تعيشها البلاد اليوم، فيما يتعلق بالدولار هى أزمة مفتعلة وأبطالها التجار الذين يفضلون مصالحهم الخاصة على مصلحة الدولة من أجل المكسب السريع وعلى رأسهم تجار الذهب والسيارات، حيث يتلاعب تجار الذهب بسوق النقد عبر بثهم الشائعات بأن أفضل استثمار حاليا هو الذهب وأنه ملاذ آمن".
ومع ذلك، قالت إن الذهب لن يكون آمنا بتلك "الأسعار الجنونية"، لأن من يشتري اليوم وفق هذه الأسعار لن يستطيع بعد أيام بيعها حتى بنفس الأسعار لنفس التاجر، والذي يختلق الحجج، متوقعة انخفاض الأسعار بصورة كبيرة "الارتفاعات غير المعقولة".
وحول التوقعات للأيام القادمة تقول رمسيس: "بالنسبة للذهب، أعتقد أنه سوف ينخفض انخفاضا سريعا، لأنه بدأ هذا النزول السريع الفعلي في الخارج، فلا تستطيع واشنطن الاستمرار برفع سعر الفائدة إلى ما لا نهاية".
موارد قادمة
بدوره قال أبو بكر الديب، الخبير الاقتصادي المصري: "يتوقف مسار الدولار في مصر خلال الفترة القليلة المقبلة وبالتحديد قبل نهاية العام الحالي على العديد من العوامل، من بينها التمويل الذي ستحصل عليه مصر من صندوق النقد الدولي أو من الشركاء الإقليميين، والذي يقدر بنحو 9 مليارات دولار، وهذه المبالغ عندما تبدأ مصر في استلامها بالفعل سيكون لها انعكاس مهم على الجنيه".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" أن مصر خلال الفترة الماضية اتخذت قرارات عدة لتحرير سعر الصرف ورفع الفائدة من أجل الحفاظ على تماسك الجنيه، كما أن تجديد الودائع الخليجية لدى مصر والتي تقدر بنحو 7.7 مليار دولار، سوف تساهم أيضا في ثبات قيمة العملة.
ثمار التنمية
وتابع الديب: "مع بداية العام المقبل 2023، قد ترفع قيمة الجنيه ارتفاعا طفيفا أمام الدولار والعملات الأجنبية الأخرى وهو السيناريو الأكثر تفاؤلا، مع تجاوز الاقتصاد المصري تداعيات العملية العسكرية في أوكرانيا وآثار جائحة كورونا، وذلك بدعم من المشروعات التنموية التي تنفذها الحكومة بصورة كبيرة".
وتوقع أن بعض تلك المشروعات ستؤتي ثمارها في العام القادم، لافتا إلى اكتشافات النفط والغاز الكبيرة، والتي كان آخرها الأسبوع الماضي، قائلا إن مصر ستتحول إلى مركز إقليمي للطاقة بالشرق الأوسط، وسوف تلبي الاحتياجات الأوروبية من الغاز، وبالقطع ستكون هناك موارد من العملات الصعبة تدخل الخزانة المصرية.
بحسب نشرة التضخم الشهرية الصادرة صباح اليوم الخميس عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفع معدل التضخم في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بنسبة 2.5 في المئة عن الشهر السابق، وبلغ على أساس سنوي 19.5% مقابل 6.2% في نوفمبر من العام الماضي.
وتأثرت أسعار المستهلكين في مصر بالتراجع الذي شهدته العملة المحلية على مدار العام الجاري، حيث سجل نحو 15.70 جنيه للدولار الواحد في أوائل العام قبل أن يصل اليوم إلى 24.60 جنيه.
أبرمت مصر قبل أسابيع اتفاقا مع صندوق النقد الدولي، تحصل بموجبه على حزمة تمويلية تشمل 3 مليارات دولار قرض مباشر، ومليار دولار من صندوق الاستدامة والتنمية التابع لصندوق النقد الدولي، و5 مليارات دولار أخرى من جهات وشركاء دوليين.