ما الدور المتاح للصين لحل الخلافات بشأن سد "النهضة" الإثيوبي؟

أعادت القمة العربية - الصينية التي عقدت في الرياض طرح العديد من ملفات المنطقة ومن بينها ملف سد "النهضة"، حيث تتطلع مصر والسودان إلى دور حازم من بكين لإعادة إثيوبيا للتفاوض والتوقيع على الاتفاق القانوني الملزم.
Sputnik
يرى مراقبون أن الحديث عن وساطة وضغوطات صينية على أديس أبابا فيما يتعلق بأزمة سد النهضة، لا يتعدى الأمر العبارات الدبلوماسية، وهذا يعود إلى أن هناك اتفاق وشراكة بين الصين وإثيوبيا في بناء السد وبناء محطات الكهرباء وغيرها، بالإضافة إلى أن بكين تبحث عن مصالحها في المنطقة وتعلم جيدا الموقف المتشدد من جانب أديس أبابا، لذا فإن أقصى ما يمكن أن تقوم به الصين هو الوساطة الهادئة بين الأطراف والدعوة لعودة التفاوض.
بداية، يقول خبير الموارد المائية، مستشار وزير الري المصري الأسبق، نائب رئيس المركز القومي لبحوث المياه، الدكتور ضياء الدين القوصي، إن "الصين كانت أحد الممولين، أو كان هناك اتفاق بينها وبين إثيوبيا على تمويل محطة كهرباء سد النهضة، ويبدو أنها انسحبت عندما وجدت ارتباكا في قضية السد وأن المصريين غير راضين عن ذلك".

مصالح مشتركة

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك":" على ما يبدو أن طرح موضوع سد النهضة في القمة العربية الصينية الأولى في الرياض الأسبوع الماضي لم يكن مصادفة، لأن الصين تقول وتفعل، ومن الممكن جدا أن تكون هناك وساطة صينية، لأن بكين لها مصالحها مع إثيوبيا وأيضا مع مصر، حيث تعد مصر شريكا سياسيا واقتصاديا هاما للصين في المنطقة".
السفارة الإثيوبية في واشنطن تجمع أكثر من 70 ألف دولار لاستكمال بناء سد النهضة
وأكد القوصي أنه "لا مجال للشك أن هناك تعنتا إثيوبيا شديدا وواضحا وإصرارا مصريا على الاتفاق، لأن مصر لا تستطيع تنفيذ أي برامج على الأرض وإدارة مواردها المائية دون أن تعرف أسس تشغيل وإدارة سد النهضة، لذا فإن الوسيط سوف يتحسب لرد الفعل الإثيوبي ويحاول إصلاح ذات البين، لكن ما لست متأكدا منه أو أراه من وجهة نظرى غير وارد، أن تمارس الصين ضغوطا على إثيوبيا".
وقال خبير الموارد المائية: "نأمل أن تكون الصين الطرف الفاعل في تلك الأزمة بعد القمم العربية الثلاث في الرياض والتي تعد الأولى للصين في المنطقة".
وأوضح القوصي أن "أزمة أو ملف سد النهضة لا تصلح فيها الاتفاقات الثنائية، ويجب أن يحظى كل قرار يصدر بدعم الدول الثلاث مصر وإثيوبيا والسودان، وقد أكد على ذلك مجددا الاتفاق الإطاري الذي وقعت عليه الدول الثلاث، لذا فإن كل الإجراءات الأحادية باطلة قانونا".

شريك في السد

في المقابل يقول حيدر يوسف، خبير الموارد المائية والمستشار السابق في وزارة الري السودانية، إن "الحديث عن دور صينى لحل أزمة سد النهضة هو نوع من الذهاب بالعقول بعيدا عن الواقع، نظرا لأن الصين شاركت بل هى ضالعة في بناء سد النهضة".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، "التعويل اليوم على دور صيني في الأزمة ربما يكون نوع من الخيال، فليس معقول أن مشروع كبير مثل سد النهضة لا يمكن أن يكون قد تم تنفيذه بدون دراسات اقتصادية ودراسات جدوى، لذا فإن التصريحات عن وساطة صينية لحل أزمة السد هو كلام سياسي وليس عملي على أرض الواقع، والتصريحات الصينية أو العربية حول الموضوع مسيسة قبل كل شيء نظرا للزيارة التي يقوم بها الرئيس الصيني".
السيسي يحذر من عواقب أزمة الغذاء ويدعو إثيوبيا للانخراط في حل دائم لقضية سد النهضة
وأوضح يوسف أن "الصين تعلم جيدا كل ما تم في سد النهضة، فلا يمكن أن تشارك في سد بتلك الضخامة وتتحول بحيرته إلى قنبلة موقوتة ثم تتحدث عن انسحاب أو تدخل بدور الوسيط، وفي جميع الأحوال إثيوبيا لا تحترم أي اتفاق يتم توقيعه معها، وقد أعلنت في السابق أنها لن توقع على أي اتفاق ملزم بشأن سد النهضة، المخطط وأهدافه أصبحت واضحة ومكشوفة للعيان وتستهدف المقام الأول وحدة السودان وسلامة أراضيه، وهذا المخطط ليس قاصرا على دولة بعينها، إنما ما يجري هو مخطط عالمي للمنطقة".
يذكر أنه في11 أغسطس/ آب الماضي، أعلنت الحكومة الإثيوبية تشغيل التوربين الثاني في سد النهضة لتوليد الطاقة الكهربائية.
ويأتي ذلك في ظل التوتر بين أديس أبابا من ناحية ومصر والسودان من ناحية أخرى، بسبب ما تعتبره الدولتان تأثيرا سلبيا للسد على حصصهما المائية من نهر النيل.
وكانت مصر قد وجهت خطابا في يوليو/ تموز الماضي، إلى رئيس مجلس الأمن الدولي، لتسجيل اعتراضها ورفضها التام لاستمرار إثيوبيا في ملء خزان سد النهضة بشكل أحادي دون اتفاق مع مصر والسودان حول ملء وتشغيل هذا السد.
كما دعت مجلس الأمن لتحمل مسئولياته في هذا الشأن، بما في ذلك من خلال التدخل لضمان تنفيذ البيان الرئاسي الصادر عن المجلس والذي يلزم الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا) بالتفاوض من أجل التوصل لاتفاق حول سد النهضة في أقرب فرصة ممكنة.
مناقشة