خلف لحيته البيضاء، يكاد المرء يلمح علامات الإنهاك تعتلي وجه "بابا نويل" وهو يجوب إحدى الخيم التي تم إنشاؤها في محافظة الحسكة خصيصا للاحتفال به، إذ أن كيس هداياه يصطدم بآلاف الأمنيات التي تختزنها القلوب الصغيرة... أمنيات لا يقوى على تحقيقها بدءا من الحصول على قطرة ماء نظيفة، وقد لا تنتهي عند توقف القصف وتخفيف الحصار الجائر الذي يضرب أعماق حياتهم.
محاولا زرع البسمة فوق الوجوه الصغيرة الغارقة في التعب، يهز "باب نويل" جرسه النحاسي دون توقف خلال احتفال أقامته مطرانية السريان الأرثوذكس، يحدوه الأمل في خلق الضجيج الكافي لاتنزاع الآلام التي تحاصر حياة أطفال الجزيرة السورية بالجملة.
"بابا نويل" ينتزع أشواك الحصار والحرب من وجوه أطفال الحسكة
© Sputnik . Atia Al atia
الاحتفال الذي حضرته مجموعة كبيرة من الأطفال من كافة مكونات المنطقة في ملعب روضة الأمل، ورعاه مطران الجزيرة والفرات للسريان الأرثوذكس نيافة الحبر الجليل مار موريس عمسيح، تضمن توزيع هدايا وفقرات موسيقية، وكلمات تعتبر عن الفرح ومعاني الأعياد والأمل بمستقبل مزهر للجزيرة بشكل خاص وسوريا بشكل عام.
"بابا نويل" ينتزع أشواك الحصار والحرب من وجوه أطفال الحسكة
© Sputnik . Atia Al atia
"بِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ"
وقال نيافة الحبر الجليل مار موريس عمسيح مطران أبرشية الجزيرة والفرات للسريان الأرثوذكس في تصريح لمراسل"سبوتنيك" شرقي سوريا ،بأنهم ضمن عمل المطرانية ومع اقتراب أيام الأعياد ،وفي ظل الظروف الصعبة التي تم بها الجزيرة وسوريا والعالم اجمع، خاصة الأوضاع الاقتصادية السيئة ،في ظل استمرار انقطاع مياه الشرب عن مليون مدني لليوم الــ 40 على التوالي في مدينة الحسكة ،وانتشار الأمراض والأوبئة بين الأطفال ،أقمنا هذا الاحتفال المتواضع في محاولة لزرع الفرح في نفوس الأطفال.
"بابا نويل" ينتزع أشواك الحصار والحرب من وجوه أطفال الحسكة
© Sputnik . Atia Al atia
وتابع المطران عمسيح بأن الجزيرة السورية شرقي البلاد، تعاني كثيراً في ظل وجود الاحتلالات وقيامها بسرقة ثروات الشعب السوري والحصار الاقتصادي عليه، مؤكداً على رسالتهم الدائمة بالسلام والأمان وحب الأوطان ،ونقول دائما كما قال الإنجيل "الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ" والرجاء الصالح لبني البشر.
رسالة السلام
بدوره الأب الفاضل أنطونيوس الحنو كاهن رعية القديس مار جرجس بالحسكة، وسكرتير المطرانية، بين لــ "سبوتنيك" بأنهم يعيشون أيام صعبة في أبرشية الجزيرة والفرات ومحافظة الحسكة شرقي سوريا،لكن رغم كل ذلك ما يزالون على أمل دائم بان الفرح يصنعه الإنسان لنفسه بنفسه ،موضحاً "وهذا ما نعمل عليه خلال أيام الأعياد المجيدة وراس السنة الميلادية الجديدة".
"بابا نويل" ينتزع أشواك الحصار والحرب من وجوه أطفال الحسكة
© Sputnik . Atia Al atia
مضيفاً : لذلك اليوم نعمل على أن نعيش مع أطفالنا المحرومين من الحياة الطبيعة، لحظات من الفرح والبهجة ،وهي لحظات فرح الميلاد المجيد ،بهدف التخفيف عنهم وعن ذويهم ،ونطلب من الله أن يحل السلام ويرفع عنا جميع المصاعب والشدائد.
"بابا نويل" ينتزع أشواك الحصار والحرب من وجوه أطفال الحسكة
© Sputnik . Atia Al atia
بابا نويل رمز الفرح
من جانبها مشرفة الاحتفال السيدة فهيمة راهب تمنت عبر "سبوتنيك" للجميع الخير والسلام والصحة الدائمة ،وتمنت أن تعود سوريا كما كانت أمنة مطمئنة من الحروب والويلات،وأنهم من خلال هذا الاحتفال البسيط إرسال رسالة محبة لجميع من الحسكة الجريحة والعطشة.
"بابا نويل" ينتزع أشواك الحصار والحرب من وجوه أطفال الحسكة
© Sputnik . Atia Al atia
أما المربية سناء دولة قالت لــ"سبوتنيك" بأنهم جعلوا من هذا الاحتفال المتواضع الكبير بمعانيه السامية رسالة محبة للجميع رسالة فرح يحملها بابا نويل رمز الفرح للأطفال المتعبين ليس فقط في الحسكة بل في سوريا كلها.
في حين عبرت مجموعة من الأطفال المشاركين في الاحتفال عن فرحهم بقدوم (بابا نويل) ومشاركتهم فرحتهم بمناسبة قدوم الأعياد والسنة الجديدة التي تمنوها أن تكون سنة سلام حقيقة على مدينتهم الحسكة وعلى بلادهم سوريا ،وان ترفع عنهم الحروب والأمراض وتعود المياه تتفق إلى منازلهم بالقريب العاجل، موجهين التحية لكل من يساند بلادهم لتجاوز المحن.