وقال المفتي، في مقابلة مع "سبوتنيك" حول تداعيات الوضع السياسي الليبي بعد تسليم أبوعجيلة المتهم في قضية لوكربي إلى واشنطن، "يبدو أننا نمر باستعراض مراحل حقد دفين بين الولايات المتحدة الأمريكية وليبيا مستمر منذ عام 1969 حتى اليوم، تجسدت في عدة محطات أهمها قضية لوكربي 1988، ومقتل السفير الأمريكي لدى طرابلس [كريستوفر ستيفنز] بتفجير استهدف القنصلية الأمريكية في بنغازي عام 2012".
وبشأن علاقات ليبيا مع الدول الغربية والعربية، اعتبر المفتي أن "العلاقات الدولية من المواضيع التي لا يمكن اختبارها بمساعدة الأدوات العلمية الحديثة، لأن المسألة التي تهتم بها العلاقات الدولية متعلقة أساسا بموضوع المصالح لا الأخلاق، ومن هذا المنطلق فقد ألحق [عبد الحميد] الدبيبة [رئيس حكومة الوحدة الوطنية]، و[عبد الحميد] السراج [رئيس المجلس الرئاسي السابق]، و[الصادق] الغرياني [مفتي ليبيا ومقره طرابلس]، ضررا بالغا بعلاقات ليبيا العربية والدولية، وأساءوا لنظرية العلاقات الدولية بإدخالهم ما يمكن تسميته منهج النماذج المنبطحة حيث هؤلاء السلوكيين قطعوا علاقتهم مع الفلسفة والتاريخ ليتعاملون مع مصير دولة بحجم ليبيا حسب أجندتهم الضيقة من دون أي اعتبار لما يريده الشعب". وفق وصفه.
وتابع أن "شكل الدولة الليبية بعد 2011، وحتى اللحظة يعتبر المثال النموذجي من الفوضى العارمة بما يخص النظم السياسية المعاصرة، وهذا يثير مشكلة الفرق بين الدولة والنظام السياسي، أي ليبيا اليوم كدولة، حاضرة على الخريطة كجغرافيا لكن بدون نظام سياسي، ولذلك أصبحت مجموعات قزمية هي من تمثل نظام الحكم بأبعاده الداخلية والخارجية".
وأردف متسائلا "هذا المشهد المأزوم يطرح سؤالا جوهريا، وهو هل هذا المناخ الشاذ أوجدوه من هم في الخارج أم أن التركيبة الليبية هي من أوجدته؟".
وحول مطالب الشعب الليبي من السلطات والأطراف السياسية الليبية والمجتمع الدولي بالكامل، وتعامله مع الأزمة الليبية، قال المحلل والخبير السياسي الليبي إن "هناك مطلب ملح لفهم ما يجري في ليبيا من تحولات لفتح المجال أمام نظرة مغايرة خارج حالاتها الكلاسيكية من التفسير النمطي المتهالك خاصة بما قامت به البعثات الأممية من معالجات قاتلة أفسحت الطريق أمام تكالب دول عديدة على الدولة الليبية كمساحة جغرافية شاسعة محاطة بطوق من الدول الفقيرة، مقارنة بقلة عدد سكان ليبيا وثراء مواردها الطبيعية، والتي نتج عنها استباحة ليبيا من دون مراعاة أو تقيد بالحد الأدنى من القوانين والأعراف الدولية".
وأضاف "وبذلك بات تدويل القضية الليبية ميثاق بين دول مفلسة تتكالب على ليبيا وليس من صالحها إيجاد أي حلول لصالح الشعب الليبي".
واعتبر المفتي، أن "الشعب الليبي الآن أمام خيارين، إما الإعلان عن المقاومة والبدء بالتعبئة الشعبية ضد هذا المشهد الخارجي المخزي وترتيب صفوفه بالداخل، وإفساح المجال أمام عناصر جديدة تحمل الكثير من أجل الشعب والتخلي عن إقصائها بالمساهمة في هذه المرحلة التاريخية الحساسة، أو أن يخضع للوضع القائم ويعيش بلا كرامة". حسب قوله.
وأضاف المفتي، "قد يفسر البعض هذا التحليل، على أنه خطاب خشبي لا معنى له وهذا من حق كل ناقد، ولكن والمؤكد أن ليبيا ضاعت ومن يقبل بضياعها لن يحترمه الشعب، ومن يرضيه ذلك فليتحمل جحيم القادم".
وتواجه السلطات الليبية في طرابلس انتقادات واسعة على مستوى الشارع، واتهامات من جانب جهات تشريعية وقضائية وأطراف سياسية بالخيانة العظمى، على خلفية تسليم المواطن الليبي أبو عجيلة مسعود إلى الجانب الأميركي بتهمة الضلوع في تفجير لوكربي 1988.
كان رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة قد أعلن، في كلمة يوم الخميس الماضي، عن تسليم أبو عجيلة مسعود المريمي إلى واشنطن، وأكد أن مسؤولية الدولة الليبية عن قضية لوكربي انتهت، ولن يتم فتحها مرة أخرى.