وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها لاستقبال الناخبين منذ الساعة الثامنة صباحا على أن تقفل أبوابها في الساعة السادسة مساء، باستثناء بعض المراكز في المناطق الحدودية.
وتعتبر هذه الانتخابات المحطة الأخيرة في المشروع السياسي الذي أعلن عنه الرئيس التونسي قيس سعيد منذ 13 ديسمبر/ كانون الأول 2021، والذي انطلق بتنظيم استشارة شعبية حول جملة من الإصلاحات، تلتها تنظيم استفتاء على الدستور الذي تمت المصادقة عليه في 16 أغسطس/آب الماضي، وصولا إلى تعديل القانون الانتخابي الذي غيّر عملية الاقتراع من القائمات إلى الأفراد.
الاقتراع واجب
في مركز الاقتراع بنهج مرسيليا في قلب العاصمة، توافد منذ صباح اليوم العشرات من التونسيين للإدلاء بأصواتهم في هذا الحدث الذي يصفه كثيرون منهم "بالعرس الانتخابي".
ويتفق عدد من هؤلاء ممن تتحدثوا لـ "سبوتنيك" على أن الاقتراع هو واجب وطني رغم أن الشكوك تساور بعضهم في أن يحقق البرلمان الجديد أملهم بتحسين واقعهم الاجتماعي وتحقيق مطالبهم التي تأخرت كثيرا.
تقول لمياء النجار (44 سنة) لـ "سبوتنيك" إنها قدمت إلى مركز الاقتراع للقيام بواجبها الانتخابي. وتابعت "أتمنى أن تكون هذه الانتخابات مباركة علينا وعلى تونس وأن يكون النواب الجدد في المستوى المطلوب".
وتأمل النجار أن يستفيد أعضاء البرلمان الذين سيتم انتخابهم من أخطاء سابقيهم وأن يحسنوا القيام بمهامهم.
وترى المتحدثة أن إدلاء التونسيين بأصواتهم خطوة مهمة، داعية الناخبين إلى الالتحاق بمراكز الاقتراع. وقالت: "نحن لا نأتي إلى هنا لتحقيق مصلحة شخصية للمترشحين، فنحن لا نعرف الكثير منهم، بل لتحقيق منافع للبلاد. فأبواب البرلمان يجب أن تفتح مجددا أمام أشخاص جيدين وقادرين على تحمل المسؤولية خلافا للنواب الذين سبقوهم".
بدوره، يقول بشير الأسود (56 سنة) متحدثا لـ "سبوتنيك" إنه يتمسك بحقه في المشاركة في هذه الانتخابات التي يأمل أن تغير من الواقع المعيشي للتونسيين.
وتابع:
"أتمنى أن يعي النواب الجدد ما يحتاجه التونسيون وأن يسلطوا الضوء على الاصلاحات الضرورية وفي مقدمتها المستشفيات العمومية والبنى التحتية والبطالة وغلاء المعيشة ومحاربة الاحتكار الذي يهدد قوت المواطنين".
ويلقي الأسود آمالا على البرلمان القادم في تحسين أوضاع التونسيين خاصة وأن جل المترشحين من فئة الشباب، وأن يقدموا الإضافة للشعب.
وأضاف: "نريد أن نقطع مع البرلمانات السابقة التي لم يخدم فيها النواب سوى مصالحهم الخاصة".
وتؤكد سعاد العروسي (58 سنة) أنها أدلت بصوتها في هذه الانتخابات، مضيفة في تصريح لـ"سبوتنيك": "لقد أعطينا أصواتنا لأشخاص نعرفهم وخذلونا، ورغم أنني لا أعرف المترشحين الجدد إلا أن لي ثقة في أن يقدموا الأفضل"
نسب مشاركة ضعيفة
ويؤكد رئيس مكتب الاقتراع بنهج مرسيليا عبد العزيز بهري لـ "سبوتنيك" أن نسب الاقبال على الاقتراع ضعيفة جدا، حيث لم تتجاوز 0.6 في المئة في ساعات الصباح الأولى.
وقال: "هذه النسبة هزيلة مقارنة بالمحطات الانتخابية السابقة، فمن ضمن 10 آلاف ناخب مسجل في هذا المركز لم يصوت سوى 80 شخصا رغم أن المركز كبير".
بدوره، يؤكد رئيس شبكة "مراقبون"، سليم بوزيد، في تصريح لـ"سبوتنيك" أن الشبكة وثقت مشاركة 2.22 في المئة من الناخبين المسجلين في السجل الانتخابي إلى حدود الساعة العاشرة صباحا.
وأضاف:
"لقد قمنا بنشر 1100 ملاحظ في كامل ربوع الجمهورية، من بينهم أكثر من 500 ملاحظ في مكاتب الاقتراع القارة و300 ملاحظ يراقبون سير العملية الانتخابية في محيط مراكز الاقتراع".
ويصف بوزيد نسبة المشاركة بالضعيفة مقارنة بالمحطات الانتخابية السابقة، وحتى مقارنة بالاستفتاء على الدستور الذي بلغت فيه نسبة المشاركة 9.98 في المئة في نفس المدة الزمنية.
ويفسر بوزيد نسبة الاقبال الضعيفة على مراكز الاقتراع بضعف الحملات الانتخابية وغياب التمويل العمومي الذي قال إنه لم يشجع على الانتخابات.
وتساءل بوزيد "كيف يمكن لمترشحين تمكنوا من تحصيل 400 تزكية للترشح للانتخابات أن يفشلوا في استقطاب الناخبين؟".
ولاحظ بوزيد الغياب اللافت لممثلي المترشحين في مراكز الاقتراع في 60 في المئة من مراكز الاقتراع.
رفض الاقتراع
وترفض أعداد كبيرة من التونسيين المشاركة في هذه الانتخابات، إما بسبب موقف سياسي من المسار الذي يقوده الرئيس قيس سعيد أو لاعتقادهم بأن البرلمان الجديد لن يحسن من أوضاعهم.
وقرر سمير بن خليفة (78 سنة) عدم الإدلاء بصوته في مراكز الاقتراع، مشيرا إلى أن لا فكرة لديه عن المترشحين في هذه الانتخابات. وقال: "لا يمكن للمرء أن ينتخب شخصا يجهله".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "جل البرامج التي قدمها المترشحون في الحملات الانتخابية غير مفهومة ولا تتضمن خططا واضحة".
بدورها، قالت سلمى الغناي (24 سنة)، إنها تعارض هذه الانتخابات وترفض المشاركة فيها.
وتابعت: "لن تغير هذه الانتخابات شيئا، ولا أفهم لماذا يعيد رئيس الجمهورية المؤسسة البرلمانية بعد أن قام بحلها العام الماضي".
وترى المتحدثة أن أولويات التونسيين لا تتمثل في تنظيم انتخابات تشريعية، مشيرة إلى أن الوضع الراهن يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة لحل مشاكل المواطنين وفي مقدمتها المواد الغذائية المفقودة.. فالمواطنون يبحثون عن قوارير الحليب لأطفالهم وبعضهم يلتقطون الأكل من القمامة، وهؤلاء لن تنفعهم الانتخابات".
وفي تصريح لـ"سبوتنيك"، تؤكد رئيسة مرصد شاهد لمراقبة الانتخابات رؤى بن نجمة أن نسب المشاركة في الاقتراع ضعيفة جدا، مشيرة إلى بعض المراكز سجلت توافد 7 ناخبين فقط.
ولفتت بن نجمة إلى أن المرصد سجل عددا من الإخلالات، من بينها نقل الناخبين على سيارات إدارية وخاصة إلى مراكز الاقتراع.
وأكدت أنه تم رصد أموال توزع على الناخبين في مدينة توزر المدينة (الجنوب التونسي).
وتشير آخر الأرقام الرسمية التي قدمتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن عدد الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم تجاوز 500 ألف ناخب إلى حدود الساعة الواحدة بعد الظهر.