وانطلقت أعمال الدورة الثانية من مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة، اليوم الثلاثاء، بدعوة من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وبالتنسيق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يأتي بناء على قرار صدر عن المؤتمر الأول الذي عُقد في أغسطس/آب 2021 في بغداد، لينعقد تأكيدا على دعم العراق وسيادته وأمنه.
وقال مراقبون إن الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان بات من الصعب حلها داخليًا، وبات هناك ترقب لتدخل دولي يضع البلاد على بداية طريق الإصلاح، مؤكدين أن مؤتمر "بغداد 2" قد يكون فرصة لهذه التسوية، حيث يضم أهم الدول الفاعلة في الداخل اللبناني، على رأسها السعودية وإيران وفرنسا.
نقاط التماس
اعتبر سركيس أبو زيد، المحلل السياسي اللبناني، أن مؤتمر "بغداد 2"، الذي يستضيفه الأردن، يهم لبنان في عدة أمور، أهمها أن كل تقارب إقليمي يساعد لبنان للنهوض من أزماته، لأن جانب من هذه الأزمة التنافس والتجاذب والصراع الموجود بين المحاور الإقليمية والدولية وأي تقارب بين دول الإقليم يساعده لإيجاد بيئة مؤاتيه للخروج من أزماته.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هناك بعض المسائل الملفتة والأساسية نحو هذا المؤتمر، خاصة بأنه يجمع إيران إلى جانب السعودية، ولبنان ينتظر ماذا ستكون العلاقات الإيرانية السعودية لأن ذلك سيساعده على الخروج من أزمته، فإذا كان هناك تنافس وصراع سينعكس على لبنان بسبب تأثير ونفوذ كليهما على الساحة اللبنانية، بينما إذا نتج عن المؤتمر التقارب وفتح حوار جدي بين الرياض وطهران ودول الخليج فقد يساعد لبنان لإيجاد تسوية داخلية تخرجه من الأزمة.
وتابع: "هذا المؤتمر الذي عقد تحت عنوان مساعدة العراق وفتح الحوار مع دول الجوار، شهد غياب سوريا التي لها دور أساسي في العلاقة مع العراق، بالإضافة لدورها على الساحة اللبنانية، وغياب دمشق عن المؤتمر يشكل نوعا من الإعاقة ونقطة ترقب إلى ما سيحدث إن كان بالمعنى الإيجابي، وخرج عنه الحوار والمشاركة والتناغم بين دول المجاورة للعراق أم التنافس وولادة محاور جديدة ومحاولة عزل سوريا، وهو ما سيكون له تأثير على الساحة اللبنانية".
ويرى أبو زيد أن كل مؤتمر إقليمي ودولي يعزز الحوار والتعاون والمشاركة بين الدول الإقليمية والدولية يساعد لبنان للخروج من أزمته، وكل تباين وخلاف أو محاور جديدة متنافسة ينعكس سلبًا على الساحة اللبنانية.
تعويل خارجي
بدوره، قال أسامة وهبي، الناشط المدني، والسياسي اللبناني إن "الأزمة في لبنان وصلت لحائط سد، واليوم نعيش بدون رئيس، وفي ظل وجود حكومة تصريف أعمال مشكوك في شرعيتها، وفي ظل انهيار اقتصادي ونقدي كبير، وعجز مالي واقتصادي ضخم، وكل هذه الأزمات التي يعاني منها لبنان، أصبحت الطبقة السياسية الحاكمة عاجزة عن حل أي منها".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن هذه الطبقة عاجزة عن إجراء أي إصلاحات مطلوبة من صندوق النقد الدولي، والدول المانحة، وبالتالي ليس هناك أي أفق في الداخل اللبناني لحل هذه المعضلة، وكل أسبوع نرى المسرحية التي تحصل في مجلس النواب، وتحاول إيهام الرأي العام بأنها جلسات لانتخاب رئيس جمهورية بينما هي مجرد مسرحيات هزلية، يعرف الرأي العام أنها لن تأتي برئيس جمهورية.
وتابع: "كل الأزمات التي عانى منها لبنان في السابق، كانت تحل من خلال التدخلات الخارجية، الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت في 1975، واستمرت 15 عامًا، تم وقفها والاتفاق على عقد اجتماع جديد ودستور جديد من خلال اتفاق الطائف في السعودية، وكانت هذه التسوية الإقليمية والدولية التي أوقفت الحرب وفتحت آفاق جديدة في لبنان واستمر في هذه المرحلة من السلم الأهلي لمدة 15 عاما إلى أن جاء اغتيال الرئيس رفيق الحريري وفتح مرحلة جديدة من الأزمات، ثم اتفاق الدوحة في عام 2008 بالتدخل من قطر ودول عديدة وأنهت الفراغ الرئاسي الذي كان حاصلا حينها، وكان الحل بتسوية إقليمية أيضًا".
ويرى وهبي أن لبنان اليوم في مأزق كبير، وأزمة عاصية عن الحل داخليًا، بالتالي أصبحت القوى السياسية الحاكمة في لبنان تنتظر تسوية خارجية، ومن هنا تأتي أهمية مؤتمر "بغداد 2" الذي سيعقد في الأردن، ويشارك فيه دول لها نفوذ في لبنان، ولها جماعات ويد عليا في الأزمات والحلول، مثل إيران والسعودية وقطر ومصر وفرنسا التي تلعب دورًا بارزًا منذ انفجار مرفأ بيروت في عام 2020.
ولفت إلى أن هناك تعويلا كبيرا على هذا الحراك الخارجي، بانتظار أن يخلق تسوية معينة تأتي برئيس جمهورية وحكومة جديدة فتضع لبنان على سكة الحل.
ويشارك بالمؤتمر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، وحاكم رأس الخيمة في دولة الإمارات، ورئيس مجلس الوزراء الكويتي، ووزراء خارجية السعودية وعُمان والبحرين وقطر وإيران.
ويعاني لبنان من أزمات كثيرة، سياسية واقتصادية، أبرزها مؤخرا شغور منصب الرئاسة، حيث فشل البرلمان لعشر مرات متوالية في انتخاب رئيس للجمهورية خلفا للرئيس السابق العماد ميشال عون، وهو ما يلقي بظلاله على ملفات كثيرة، تتعلق بالاقتصاد وغيره.