رغم تلك الإجراءات إلا أن القتال والعمليات العسكرية تتصاعد بين الجانبين، حيث شهدت عدة ولايات قتالا عنيفا الإثنين الماضي، بين الجيش الصومالي وحركة "الشباب" المرتبطة بتنظيم "القاعدة" الإرهابي (المحظور في روسيا وعدة دول).
ودارت المعارك في إقليم شبيلي السفلى جنوبي البلاد بعد هجوم شنه التنظيم على قواعد الجيش وقوات تابعة لبعثة الاتحاد الإفريقي الانتقالية في بلدة قوريولي.
أعلن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، أمس الثلاثاء، أن العسكريين الذين يتدربون منذ أشهر في إريتريا سيباشرون العودة إلى الصومال في الأيام المقبلة .
وفي منتدى نظمه مغتربون صوماليون في الولايات المتّحدة خلال زيارته إلى هذا البلد، قال محمود إنه "قبل نهاية شهر كانون الأول/ ديسمبر، سيبدأون بالعودة وفي كانون الثاني/ يناير ستُنجز عودتهم بالكامل".
عهد الرئيس السابق
تلقى نحو 5000 جندي صومالي أرسلتهم الحكومة الصومالية السابقة تدريبات في إريتريا، وقد أثار إرسال أولئك الجنود سرا في عهد الرئيس السابق، محمد عبد الله فرماجو، جدلا سياسيا كبيرا في البلاد.
وقد زار الرئيس حسن شيخ محمود منذ فوزه برئاسة الجمهورية في منتصف مايو الماضي، أسمرة مرتين، لبحث ترتيبات عودة تلك القوات إلى البلاد مع الرئيس الإريتري، أسياس أفورقي.
هل تأثرت حركة "الشباب" بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة الصومالية لحصارها اقتصاديا وإعلاميا علاوة على الحملات العسكرية؟
بداية يقول مدير مركز مقديشو للدراسات في الصومال، عبد الرحمن عبدي، إنه منذ شهور تواصل الحكومة الصومالية إجراءاتها للقضاء على حركة "الشباب"، ونجحت حتى الآن في تحرير عدد من المناطق في وسط الصومال.
الإجراءات الحكومية
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن هذه الاجراءات التي تقوم بها الحكومة ضد الحركة سواء كانت على الصعيد الاقتصادي أو الأمني وأخيرا الإعلامي، بدأت تلك الإجراءات تؤتي أكلها، وكان لها أثر كبير على قدرات الحركة فيما يتعلق بتنفيذ هجمات داخل العاصمة أو المناطق القريبة للعاصمة.
وتابع عبدي، صحيح أن هناك بعض الأصوات التي تتحدث عن قلة تأثير تلك الإجراءات الحكومية على قدرات حركة الشباب، لكن كل الوقائع على الأرض تدل على أن هذه الإجراءات كانت مطلوبة وضرورية للقضاء على تهديدات حركة الشباب، أو على الأقل تقليص نفوذها في تلك المناطق القريبة من العاصمة مقديشو.
وأشار عبدي إلى أنه "وفي أكثر من مناسبة أكدت الحكومة الصومالية سواء على لسان الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود أو رئيس الوزراء، أن حركة الشباب هى العدو الأول للشعب الصومالي، وكل من يؤيد هذه الحركة سواء عن طريق الترويج أو نشر أخبارها أو ترويج عملياتها يعد ضمن أعداء الصومال، وبالتالي يمكن القول إن الإجراءات في بعض الأحيان تنص على حرية التعبير وحرية الصحافة في الصومال، لكن الحقيقة على الأرض تدل على أن هذه الإجراءات ليست كما يروجها البعض، أو كما تتحدث بعض مواقع التواصل الاجتماعي".
الرأي العام
وأكد رئيس مركز مقديشو، أن كل ما تقوم به الحكومة الصومالية سواء على الصعيد المالي أو على الصعيد الإعلامي، لها علاقة فقط بالقضاء على حركة الشباب وتجفيف منابع تمويلها ورفضها ورفض إيصال صوتها لدى الشعب الصومالي، ومما يدل على أن هذه الإجراءات قد أتت أكلها أو في طريقها لتحقيق أهدافها، نرى أن تأثير الحركة على الرأي العام الآن، أصبح هامشيا و قليل الأثر بسبب الإجراءات التي قامت الحكومة الصومالية، لأنها ألغت جميع المواقع أو معظم المواقع الصحفية التابعة لحركة الشباب.
تأثير تدريجي
من جانبه يقول، عمر محمد، المحلل السياسي الصومالي، إن نجاح الخطوات والإجراءات الحكومية ضد حركة الشباب ومدى قدرتها على التأثير في المشهد وقدرات الحركة يأتي تدريجيا وعلى مراحل مختلفة، وقد ظهرت أولى ملامح هذه التأثيرات في الميادين القتالية، حيث سيطرت القوات الحكومية خلال الأشهر الماضية على العديد من المدن والمناطق التي كانت تسيطر عليها الحركة، من بينها مدينة آدم يبال، المقر الرئيسي للحركة في إقليم شبيلي الوسطى بولاية هيرشبيلي وسط الصومال، مما يعني خسارتها لأحد مصادر تمويلها الرئيسية، إذ إن فقدان سيطرتها على منطقة إستراتيجية كآدم يبال يؤثر سلبا على رصيدها الاقتصادي الذي يمثل وقودها في المعركة الحالية.
وحول الإجراءات الحكومية الأخيرة بغلق مواقع الحركة الإلكترونية وصفحاتها على مواقع التواصل الإجتماعي يقول محمد في حديثه لـ"سبوتنيك"، لا تزال الحكومة تبذل قصارى جهدها في حربها الإعلامية ضد الحركة، مما أدى إلى تراجع عدد الحسابات المؤيدة أو التابعة للحركة واختفاء بعضها، وعلى الرغم من الجهود الحكومية في هذا الجانب، إلا أن الحركة هي الأخرى تحاول تعزيز وجودها الإعلامي.
وصعدت الحكومة الصومالية من وتيرة حربها الشاملة على "حركة الشباب" بحجب المئات من حساباتها بمختلف مواقع التواصل الاجتماعي، بما في ذلك "فيسبوك" و"تويتر" و"تلغرام" و"تيك توك" و"يوتيوب".
وقال عبد الرحمن يوسف العدالة، نائب وزير الإعلام، أمس الثلاثاء، إنه تقرر حذف أكثر من 600 صفحة إلكترونية لما وصفها بـ"ميليشيات الخوارج"، التسمية الرسمية التي اعتمدتها الحكومة مؤخرا لحركة الشباب.
وأوضح حسب "وكالة الأنباء الصومالية" الرسمية، أن الحجب سيتم من وزارة الإعلام، والاتصالات، ووزارة الأمن الداخلي، مشيرا إلى المتابعة الحالية لأي تحرك للخلايا الإرهابية بخصوص بث أيديولوجيتها، وأخبارها الكاذبة، ورأى أن ميليشيات الإرهاب ضعفت عسكريا، وإعلاميا، واقتصاديا، منذ بدء العمليات العسكرية التي أطلقها الرئيس حسن شيخ محمود.
ويشهد الصومال منذ سنوات، صراعا داميا بين القوات الحكومية ومسلحي حركة الشباب المرتبطة بـ تنظيم القاعدة، التي تسعى إلى السيطرة على الدولة الواقعة في منطقة القرن الأفريقي.