ووسط التنديد الدولي والعربي لمقتل أبو حميد، يطالب البعض بضرورة توفير حماية دولية للأسرى، وسط الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة للقوانين الدولية، بيد أن المراقبين يرون بأن المجتمع الدولي يكيل بمكيالين، ولا يوفر أي ضمانات لهذه الأزمة.
وأعلنت إسرائيل، اليوم الأربعاء، "عدم تحرير جثمان الأسير الفلسطيني ناصر أبو حميد وتسليمه إلى السلطة الفلسطينية لنقله إلى عائلته"، بعدما توفي رهن الاعتقال أمس.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، في بيان صادر عن مكتبه، إنه "وبعد تقدير للموقف الأمني وبتوصيات من الجهات الأمنية والجيش تقرر الإبقاء على جثمان أبو حميد رهن الحجز، وذلك تماشيا مع قرار المجلس الوزاري الأمني المصغر لضرورات تتعلق بالمفاوضات على عقد صفقات تبادل للأسرى والمفقودين الإسرائيليين".
ضمانات دولية
اعتبر الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، شرحبيل الغريب، أن ما جرى مع الأسير ناصر أبو حميد جريمة مكتملة الأركان، أساسها الإهمال الطبي وسياسة القتل البطيء التي تمارسها إسرائيل بحق الأسرى في سجون الاحتلال، حيث كان مريضا بالسرطان، وإدارة السجون لم تقم بالدور الواجب تجاهه من مسيرة علاج، وتركته يموت بسياسة القتل الممنهج، وهي جريمة كبيرة بحق الإنسانية تعكس عقلية الإجرام والإرهاب التي تعيشها دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، المجتمع الدولي غير منصف، ينظر بعين واحدة لمعاناة أكثر من 5 آلاف أسير فلسطيني، بينهم المرضى والأطفال والنساء وكبار السن، ويضرب بعرض الحائط كل القوانين التي تعطي الحق للأسرى بتلقي العلاج، وما جرى جريمة ضد الإنسانية، ضد أسير يعاني من المرض.
ولفت إلى أنه لا يوجد ضمانات دولية للأسرى، والمجتمع الدولي يكيل بمكيالين، وكل المؤسسات الدولية التي تصدر البيانات وتشكل لجانا للتحقيق لا تقوم إلا بدور إعلامي يقتصر على بيانات الشجب والاستنكار والإدانة.
معاقبة إسرائيل
ويرى أن المطلوب إيجاد صيغة عملية واضحة لمعاقبة إسرائيل على هذه الجرائم، ووقف سياسة الإهمال الطبي، وتشكيل وسائل ضغط حقيقية على إسرائيل من أجل السماح للأسرى بتلقي العلاج اللازم حفاظًا على أرواحهم وحياتهم.
وأوضح أن الدور الحقوقي والقانوني مهم، لكن يجب أن يأخذ مسارات عملية واضحة تجاه تشكيل لوبي ضاغط على إسرائيل من المجتمع الدولي، والأمم المتحدة ومجلس الأمن، لوقف سياسة القتل البطيء والمتعمد التي تمارسها إسرائيل بحق الأسرى والأسيرات داخل السجون.
ازدواجية المعايير
اعتبر أسامة شعث، أستاذ العلوم السياسية والمستشار الفلسطيني في العلاقات الدولية، أن الحكومة الإسرائيلية تتحمل المسؤولية الكاملة عن قتل الأسير ناصر أبو حميد الذي كان يعاني من المرض، حيث رفضت الكثير من المطالبات الرسمية الفلسطينية والدولية بالإفراج عنه.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، ما حدث جريمة جديدة تضاف إلى سلسلة الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، حيث قتل الكثير من الأسرى الفلسطينيين نتيجة التعذيب والإهمال الطبي المتعمد، وأبو حميد ابن مدينة نابلس هو أحد أبطال وقادة فلسطين الميدانيين في الانتفاضة الأولى الذين سطروا أروع ملاحم البطولة والفداء دفاعا عن وطنه وقضيته وشعبه وأمته.
وأكد أن "رفض حكومة الاحتلال الإفراج عن جثته هي جريمة حرب وانتهاك خطير لاتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة 1949، والمتعلقة بحقوق الأسرى، وهناك العشرات من الجثامين التي ترفض حكومة الاحتلال الإفراج عنهم دون معرفة السبب، إلا أنها ستظل شوكة في حلق الاحتلال".
القدس الشرقية
ولفت إلى أن الصمت الدولي وسياسة الازدواجية في المعايير تهدد حياة كافة الأسرى، لكنها في النهاية لن تكسر الإرادة الوطنية العربية والفلسطينية، ولن تمنع الشعب الفلسطيني من مواصلة نضاله الوطني حتى تحرير أرضه ومقدساته الإسلامية والمسيحية وإقامة دولته وعاصمتها القدس الشريف.
وكانت السلطة الفلسطينية، "وجهت ثلاث رسائل إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر (الهند)، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، حول مواصلة إسرائيل، اعتداءاتها اللاإنسانية على أبناء الشعب الفلسطيني".
وشدد شعث على "ضرورة أن يتصرف المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن، بشكل عاجل وجاد وملموس لمواجهة جرائم الحرب الصارخة والجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات حقوق الإنسان وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني".
ولفت إلى "محاولة القيادة الفلسطينية تأمين الإفراج عن جثمان أبو حميد حتى تقوم عائلته بدفنه بشكل لائق"، داعيا المجتمع الدولي للتحرك الفوري لمطالبة إسرائيل باحترام القانون الدولي.
وحمل وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، إسرائيل المسؤولية عن وفاة الأسير الفلسطيني ناصر أبو حميد الذي أعلنت وفاته أمس في مستشفى إسرائيلي نقل إليه، بعد تدهور حالته الصحية في الأسر، لافتا إلى رفع ملف وفاته إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وقال المالكي، في بيان له، إن هناك حراكا متواصلا للإفراج عن جثمان أبو حميد، حتى يتسنى لأسرته مواراته الثرى بما يليق بتضحياته، مطالبا "المجتمع الدولي والإدارة الأمريكية والأمم المتحدة وهيئاتها المختصة بممارسة ضغط حقيقي على الحكومة الإسرائيلية للإفراج الفوري عن جثمان الشهيد".
ولفت إلى أن "الوزارة ستواصل حراكها على المستويات كافة لحشد أوسع ضغط دولي لتأمين الإفراج عن جثمان الشهيد، واستكمال العمل لتحرير جثامين بقية الشهداء المحتجزة لدى الاحتلال"، مشيرا إلى أن "الوزارة ستعمل على رفع ملف الأسير الشهيد ناصر أبو حميد للمحكمة الجنائية الدولية".