وقال ماكرون إن لبنان بحاجة إلى رئيس ورئيس وزراء "نزيهين"، لافتًا إلى ضرورة تغيير القادة السياسيين الذين يعرقلون الإصلاحات، وأعلن إطلاق مبادرات في الأسابيع المقبلة لدعم لبنان.
وطرح البعض تساؤلات حول ماهية المبادرات التي يمكن للرئيس الفرنسي طرحها، وعن طرق تغيير القادة السياسيين وإمكانية تحقيق ذلك في لبنان في هذه المرحلة.
بنود إصلاحية
اعتبر داوود رمال، المحلل السياسي اللبناني، أن حديث الرئيس ماكرون عن تغيير القادة يقصد به إحضار رئيس جمهورية خارج الاصطفافات السياسية في لبنان، يكون شخصية على مسافة واحدة من الجميع، وقادر أن يباشر العملية الإصلاحية التي يحتاجها لبنان، وكذلك تغيير رئيس الحكومة، ومجلس الوزراء، ليكونوا قادرين على تلبية وتنفيد كافة المشاريع والقوانين ذات الطابع الإنقاذي الإصلاحي.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تغيير الطبقة السياسية في لبنان لا يمكن أن يتم بالقوة، الانقسام الطائفي يجعل عملية تغيير المنظومة الحاكمة أمرًا صعبًا خاصة في ظل وجود قوة تمتلك فائض القوة، وتحمي هذه المنظومة الحاكمة من خلال التحالف معها، مشيرًا إلى أن التغيير مسؤولية الشعب، الذي لا يزال يصفق لزعمائه الطائفيين والمذهبيين، على الرغم من كل ما حدث.
مبادرة خارجية
أما فيما يخص المبادرات، فأي مبادرة خارجية إذا لم يتوفر لها قاعدة توافقية في الداخل اللبناني لن تنجح، والمعلومات تشير إلى مساع لإطلاق مبادرة ليس على قاعدة انتخاب الرئيس، لكن على قاعدة سلة من التفاهمات تشمل انتخاب الرئيس ورئيس الحكومة والوزراء والوظائف الأساسية والقيادية في الدولة، والبنود الإصلاحية ومستقبل عائدات الغاز والنفط عندما يبدأ استخراجها من لبنان.
وبحسب رمال، هذه المبادرات تحاول الوصول إلى تنفيذ ما يسمى بدستور الطائف خاصة في بنوده الإصلاحية التي يدور حولها الخلاف، وهذه البنود تتمثل في إقرار اللامركزية الإدارية الموسعة، إعداد قانون انتخاب خارج القيد الطائفي يعتمد على الوحدة الإدارية الانتخابية، وإنشاء مجلس الشيوخ، وتشكيل الهيئة الوطنية التي تبحث في سبل إلغاء الطائفية السياسية في لبنان.
وقال إنه مع بداية العام المقبل هناك حراك نشط على المستوى الداخلي، انطلق عمليا في فترة الأعياد من خلال اللقاءات التي بدأت أن تعقد لاستشراف المرحلة المقبلة ووضع خارطة طريق، تتلاقى مع المسعى العربي والدولي لمساعدة لبنان على إنتاج استحقاقاته، موضحًا أنه من الصعب أن تتبلور في الشهرين المقبلين، لكن قد يصل لبنان لهذه التفاهمات وصولا لانتخاب الرئيس في الربيع المقبل.
مجرد تمنيات
بدوره اعتبر سركيس أبو زيد، المحلل السياسي اللبناني، أن طرح الرئيس ماكرون عملية تغيير النظام اللبناني وعقد اجتماعي جديد، وتغيير المسؤولين والقيادات التي لا تلتزم بانتخاب رئيس جمهورية وخطوات الإصلاح، مجرد تمنيات لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هذه التمنيات لم يذكر فيها الرئيس الفرنسي كيف سيتم تطبيقها وتنفذيها، وهل سيكون هناك انقلاب عسكري بقيادة قائد الجيش المطروح اسمه ضمن المرشحين لرئاسة الجمهورية، أم سيكون هناك فرض لتسوية بين الأطراف من أجل تشكيل والتوافق على رئيس من خارج المنظومة وتشكيل حكومة من خارج الطبقة السياسية الحاكمة؟.
ويرى أن تصريحات ماكرون تعد من ضمن الطروح النظرية وأقر إلى التمنيات، مؤكدًا أن حديثه عن طرح مبادرات جديدة تشمل عقد مؤتمر دولي أسوة بالذي استضافه الأردن من أجل العراق قبل أيام، وشاركت فيه باريس بفاعلية.
وتابع: "يفكر ماكرون بمؤتمر مشابه ليكون هناك مشاركة دولية وإقليمية كما أشار لضرورة مشاركة إيران، لكنه لم يشر إلى أهمية مشاركة روسيا، مع العلم أن أي مؤتمر دولي يتعلق بشؤون لبنان يجب أن يشمل الأطراف الرئيسية في الإقليم والعالم، حتى يكون له فاعلية ودور، وألا تصطدم المحاور ببعضها البعض ما يقود بدوره بتعطيل عملية الحل والإنقاذ".
ولفت إلى ضرورة التمييز بين التمنيات التي طرحها الرئيس ماكرون وبين الإمكانيات الفعلية على الأرض، ومدى تجاوب القوى السياسية المتناحرة مع بعضها، ودور القوى الإقليمية والدولية بالمشاركة في حل شامل وجدي وجذري من أجل إنقاذ لبنان.
وقال الرئيس ماكرون: "ما يهمني هو اللبنانيون واللبنانيات، لأن الطبقة السياسية التي تعيش على حساب البلد ليس لها الشجاعة للتغيير". وأعرب عن استيائه من "تصرف هذه الطبقة وعن شكوكه بطاقة الشعب اللبناني لدفعها إلى التغيير".
وأشار إلى أن "مشكلة لبنان هي حل مشاكل الناس وإزاحة الذين لا يعرفون كيف يفعلون ذلك"، مؤكدا أنه "يجب تغيير قيادة هذا البلد".
وعن تأييده قائد الجيش اللبناني للرئاسة، شدد ماكرون على أن "فرنسا لن تدخل في لعبة الأسماء للرئاسة لأنها سبق وتدخلت مرات كثيرة في الماضي وقد فشلت".
وردا على سؤال حول ما إذا كانت السعودية مهتمة بالتعاون مع فرنسا من أجل لبنان، أجاب الرئيس الفرنسي: "نعم، لقد أظهروا ذلك خلال الأسابيع الماضية عندما استقبلوا ميقاتي وبدأوا بالتمويل، ولكن هذا غير كاف".