بداية، تقول الدكتورة نادية أبو العز، عضو مركز بابل للدراسات المستقبلية بالعراق: "ليس لدينا مفاجئة في أي من الأعمال التي يقوم بها النظام السياسي الحالي، لأننا نعلم جيدا أنه صنيعة الاحتلال الأمريكي بعد العام 2003".
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك" أن "العراق يعاني من التدهور على كافة الأصعدة، كما أن شخص رئيس الوزراء لا يمتلك الأدوات اللازمة لفرض الإرادة العراقية الوطنية، وهو بين مطرقة سفارة الاحتلال وسندان صراعات الأحزاب التي تسعى إلى الاستئثار بالنفوذ والسلطة، حتى من يدعي أنه ضد الاحتلال نجده يغازل عن بعد لكسب رضا سفارة الاحتلال وسيدتها التي تصول وتجول في وزارات الدولة العراقية ضاربة عرض الحائط بالسيادة، ومتجاوزة حدود عملها الدبلوماسي".
وأشارت عضو مركز بابل، إلى أنه "من الطبيعي أن الأمريكيين يستخدمون ما لديهم من أوراق ضغط من ضمنها ورقة التلاعب بالسوق، وهي على دراية تامة أن هذا الموضوع سيمس قوت المواطن البسيط وليس السياسي الممتلئ حتى التخمة، من أجل خروج الناس لإسقاط الحكومة ووصم الثورة العراقية الباحثة عن الحرية والعدالة والتغيير بثورة الجياع، وهذا ما لا يقبله العراقيون".
وأردفت: "لقد وافق الأمريكيون على تشكيل هذه الحكومة على مضض، فكما يشاع أنها غير متوافقة مع النهج الأمريكي، لذلك يسعون للإطاحة بها عبر احتجاجات ملونة بألوانهم، ليشكل الطرف المقرب من النهج الأمريكي حكومة أخرى يطيح بها المحور المقابل ولنفس الأسباب، وبذلك تضمن أمريكا دوام الفوضى التي تخدم مصالحها".
وأكدت أبو العز على أنه لا حل إلا بإسقاط النظام بشكل كامل، وتأسيس نظام سياسي وطني حقيقي يعمل من منظور وطني بعيدا عن التجاذبات.
القرار السياسي
بدوره، يقول هادي جلو مرعي، رئيس مركز القرار السياسي للدراسات بالعراق: "الولايات المتحدة الأمريكية تريد جني مكاسب أساسية في هذه الفترة، فهي لم تعرقل تشكيل حكومة جل داعميها قوى سياسية على علاقة طيبة بطهران، والثمن لا يتصل بملف واحد بل بجملة ملفات، منها تحجيم الدور الإيراني، وهو مطلب غريب فكيف يمكن ترك حلفاء لإيران يشكلون الحكومة ثم يطلب منهم الابتعاد عن إيران".
وأضاف، في حديثه لـ"سبوتنيك"، أنه: "في نفس الوقت تكافح حكومة السوداني من أجل تحقيق مطالب شعبية عديدة تحت شعار حكومة الخدمات، وليست حكومات المشاريع بعيدة المدى، ولكن الإدارة الأمريكية تحاول على أية حال التماهي مع الأوضاع في البلاد العربية بسبب حجم المشاكل التي تواجهها واشنطن في العالم، وهي حريصة على الاستفادة من الثروات النفطية في هذا البلد لسد العجز في مجال الطاقة".
وتابع: "إثر العملية الروسية الخاصة لتحرير مواطني دونباس من سيطرة عصابات الفاشيين الجدد، وبالتالي لا ترغب واشنطن في مواجهة مفتوحة مع الفصائل العراقية ولامع إيران، وربما تعول على الاحتجاجات في الداخل الإيراني، ثم إن المطالب الخاصة بتعديل العلاقة مع واشنطن هي جزء من حالة الصراع وكأنها رسالة إلى الفاعل الأمريكي، أن عليه أن لا يضع رجلا على رجل ويسترخي، فهناك المزيد من الأوراق لدى الطرف الإيراني وحلفاء إيران، وقد تكون محاولة لدفع الأمريكيين للتفاوض مع الإيرانيين لحلحلة بعض الأمور العالقة".
وأشار مرعي إلى أن الغلبة في النهاية فستكون للذي يصبر أطول فترة ممكنة، خاصة مع تعدد الصراعات في العالم ولايمكن الجزم بمن سينتصر.
ضغوط شديدة
من جانبه، يقول إياد الإمارة، الباحث في الشأن السياسي والأمني العراقي، إن "الولايات المتحدة الأمريكية مارست وتمارس الضغوط على الحكومات العراقية منذ العام 2003 وإلى يومنا هذا، ولم تسلم أي حكومة عراقية بعد التغيير من ضغوطات أمريكية شديدة على كافة الأصعدة والمستويات، سواء كان على المستوى السياسي أو الاقتصادي وحتى الثقافي".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "الفارق بين أي من الحكومات العراقية السابقة هو مستوى استجابة أي منها لضغوط واشنطن، فقد استجاب كل من السيد حيدر العبادي ومصطفى الكاظمي كثيرا، بل أكثر من الآخرين للضغط الأمريكي".
وتابع الأمارة، أن "الضغوط الأمريكية تزايدت مع مجيء حكومة السوداني وبمنحى تصعيدي سريع مخيف يؤشر إلى نية الحكومة الأمريكية للضغط على السوداني بشكل أشد وأقوى لكي تكون حكومة السوداني حكومة السفيرة الأمريكية".
وأكد الباحث السياسي أن تلك الضغوطات ليست لصالح العراقيين، بل بالعكس، لذا على السوداني أن يكون قويا في مواجهة هذه الضغوطات، وعليه أن يستقوي بالجماهير العراقية ليستمد منها عوامل القوة في مواجهة الأمريكيين.
أعلنت قيادة العمليات المشتركة العراقية الأسبوع الماضي، مقتل ما يزيد عن 200 مسلح من تنظيم "داعش" الإرهابي (محظور في روسيا والعديد من الدول) في البلاد على يد القوات الأمنية خلال العام 2022.
جاء ذلك في تصريحات للناطق باسم القيادة العراقية، اللواء تحسين الخفاجي، لشبكة "رووداو" الإعلامية.
وأكد الخفاجي أن "عدد مسلحي داعش في العراق قليل وأغلب الموجودين منهم في البلاد عراقيون".
وأوضح أن مسلحي التنظيم "يستغلون مناطق الفراغ الأمني بين مواقع البيشمركة (قوات إقليم كردستان شمالي البلاد) والجيش العراقي في تحركاتهم ونشاطاتهم"، مشددا على ضرورة التنسيق بين الجانبين في هذه المناطق.
وتابع: "قتلنا في 2022 أكثر من 200 إرهابي، أغلبهم كانوا قياديين في داعش تم استهدافهم بضربات جوية".
وأعلن العراق في 2017 القضاء على تنظيم "داعش" الذي احتل نحو ثلث البلاد بعد نحو 3 سنوات ونصف من المواجهات، واستعادة كافة الأراضي التي سيطر عليها.
وتقوم القوات الأمنية العراقية منذ ذلك الحين بضربات جوية وعمليات استهداف لخلايا التنظيم المتبقية.