القرية الميلادية" فكرة جديدة أطلقها المجتمع الأهلي للاحتفال بسنة جديدة بالتزامن مع الذكرى السادسة لتحرير حلب من الإرهاب، تواصل الأوساط الشعبية من كلا الطوائف المسيحية والإسلامية التقاطر لمشاهدة القرية منذ افتتاحها تعبيرا عن فرحة العائلات بعودة ساحة الحطب بعد الدمار الكامل الذي ألحقته بها الحرب الإرهابية الأخيرة، ولتعيد للمكان بريقه مجددا.
القرية التي حولتها الحرب إلى رمز وطني بعدما قضى فوق أرضها الكثير من الأبرياء قنصا، وتشظى آخرون غيلة بالعبوات الناسفة والقذائف الصاروخية، ها هي اليوم تجسد الميلاد محتضنة حوانيت مصنوعة على شكل تشبه أكواخ خشبية مزركشة تقدم المأكولات والأعمال اليدوية المميزة، إلى جانب مسرح يقدم حفلات متنوعة تقام كل مساء.
كما قامت الساحة حقا، يرنو الحلبيون إلى العام الجديد 2023 كموعد مرتجى مع القيامة تخففا من سني الحرب الطويلة التي أرهقت كاهلهم، وما تلاها من حصار اقتصادي فرضته الولايات المتحدة الأمريكية حتى على أنفاسهم.
عضو مجلس محافظة حلب ومسؤول التنظيم بمهرجان القرية الميلادية جورج بخاش، قال في حديثه لـ "سبوتنيك" أن: "القرية حولت الدمار إلى بناء وساحة الحطب رمز لأهالي حلب كونها تعد مركزاً صناعياً وتجاريا وثقافيا".
واعتبر مسؤول التنظيم أن القرية تحمل رسائل عدة في جوهرها، فهي رسالة للشهداء الذين سقطوا للدفاع عنها في فترة حرب امتدت لسنوات طويلة إلى أن تحقق النصر، ورسالة للعالم أجمع ليشاهدوا بأم أعينهم كيف أن آلة الحرب والإرهاب قد دمرت المدينة القديمة ليعيد الناس هنا من جديد إحياء حجارتها وتعود إلى سابق عهدها.
وأردف قائلاً: "القرية الميلادية انطلقت بعد منتصف شهر كانون الأول/ ديسمبر، وستستمر لغاية اليوم السابع من شهر كانون الثاني القادم، وتضم 36 فعالية من منتجات ومأكولات مما يتميز به أهالي حلب مع وجود دائم للاستعراض بالإضافة لتواجد بابا نويل بشكل يومي وحضور جوقات مسائية وتراتيل".
وتشهد القرية برنامج مزدحم بالأنشطة احتفالا بمناسبة الميلاد وعيد رأس السنة 2023، ويكفي للزائر الانصات للأناشيد التي يتردد صداها من خيمة بلاستيكية شفافة، وأغاني تصدح بها بعض الفرق الاستعراضية أو الغنائية، ومجسمات فنية تحاكي الميلاد كمغارة ولادة السيد المسيح، إضافة إلى تمثالين لرجلي دين مسيحي وآخر مسلم يمسكان بأيدي بعضهما بعضا في دلالة على وحدة الأديان والوطن.
تقول راشيل (زائرة) لـ "سبوتنيك": المكان يمنح مشاعر الحميمية بشكل ملفت،
فالأجواء مريحة وجميلة، وتسري سعادة بكل مكان بخاصة بالنسبة للأطفال بهذا الاحتفال، أمنيتي أن تعود البلد بألف خير وكل الذين هاجروا بالعودة إلى أرضهم ووطنهم".
وعلى الرغم مما يقاسيه الشارع في المدينة من صعوبة معيشية واقتصادية جمّة ناتجة عن حصار خانق على مصادر الطاقة، تحدى الناس كل ذلك بالحضور في أجواء باردة ليشاركوا أطفالهم فرحة العيد، الأطفال يقابلون بابا نويل ويسعدون بهداياه بينما قلوب الكبار تبتهج فرحاً بعودة ساحة الحطب حيث يمكن مشاهدة هول الدمار الذي يحيط بها ليقابله المواطنون بمزيد من أمل الإعمار وعودة الحياة.
وتروي هوري صلاحيان، رئيس لجنة سيدات أعمال مدرسة (كيليكية) عن بهجة الجميع بعودة الساحة إلى ما كانت عليه بعد غياب 12 سنة وقالت لـ "سبوتنيك": "تعود ساحة الحطب مجدداً كما عدنا إلى المدرسة، الملاصقة بالساحة نعمل بكل جهد لإعادة ما دمره الإرهاب، بينما مشاركتنا تقتصر على عرض لأشغال يدوية صنعتها السيدات بالمدرسة بأيديهن، والأشغال نسوقها ولعل مردوها مقابل ربح مادي لهن".
بالمقابل يمضي الزائرون ساعات وهم يلتقطون الصور التذكارية ويتجولون بين الأكشاك الخشبية لإقتناء الهدايا التذكارية.
يقول كابريل دايخ من كشاف مارجرجوس: "أردنا المشاركة لرسم البهجة والفرح على وجوه الأطفال وتقديم أطعمة وحلويات بأسعار رمزية للزائرين".
وتبقى إقامة القرية الميلادية على أنقاض الدمار بادرة لاقت كل استحسان من الوسط الشعبي لا سميا كون ساحة الحطب تعد من أبرز الساحات بالمدينة القديمة تقع في حي "الجديدة" قد دبت في أرجاء المكان الروح بعد إطلاق المجتمع الأهلي من أبناء المدينة للقرية وسط آمال أهل المدينة بعودة بناء كل حجارة دمرتها الحرب خلال عقد من زمن الحرب.