وسط انسداد الأفق السياسي... إلى أي مدى يمكن أن يصمد لبنان في الشغور الرئاسي؟

مع بداية عام جديد، لا يزال مصير الأزمة اللبنانية مجهولا مع استمرار الشغور الرئاسي، وتدهور الوضع الاقتصادي، لا سيما في ظل انسداد الأفق أمام أي حل سياسي سواء من الداخل أو الخارج.
Sputnik
ويؤكد المراقبون أن الوضع خطير، لكنه لم يصل بعد إلى مرحلة الانفلات الأمني، في ظل مساع داخلية ومحلية لعدم ذهاب الأزمة إلى مرحلة أكثر خطورة.
أنهى وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو، جولته على عدد من المسؤولين اللبنانيين حيث أكد استمرار الدعم للبنان وتطلع بلاده لنهوضه، مركزا على أهمية انتخاب رئيس للجمهورية.
وقبل أيام، قال رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، إن لبنان على خط النار، مؤكدا أن الفراغ في رئاسة الجمهورية يتحمل بضعة أسابيع وليس شهورا.
وزير الدفاع الفرنسي يكشف عن "برنامج تعاون عسكري" مع لبنان

انسداد الأفق

اعتبرت ميساء عبد الخالق، المحللة السياسية اللبنانية، أن هناك انسدادا في الأفق السياسي بلبنان، وسط تقاذف الاتهامات بين المسؤولين السياسيين عن تعطيل المسار الدستوري، وهذا الأمر قد يؤدي إلى مخاوف أمنية في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد، وانهيار سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأمريكي على الرغم من الإجراءات التي اتخذها حاكم مصرف لبنان في هذا السياق.
وبحسب حديثها لـ"سبوتنيك"، لا يزال المسؤولون في لبنان ينتظرون الإشارة الخارجية والحل من الخارج، وبات معروفا أيضا أن المجتمع الدولي دائما ما يردد على مسامع المسؤولين اللبنانيين بأن عليهم أن يباشروا هم بحل أزمتهم الداخلية المتمثلة في انتخاب الرئيس، وكذلك القيام بجملة إصلاحات لحل الوضع الاقتصادي.
واستطردت: "لا سبيل للخروج من هذا المأزق إلا بانتخاب رئيس جديد للبلاد، وتشكيل حكومة جديدة تكون أول مهامها الإصلاحات في البلاد من أجل الحصول على مساعدات صندوق النقد الدولي المقدرة بـ3 مليارات دولار، وإعادة إنتاج العمل المؤسساتي، لأنه لا سبيل للخروج من براثن الأزمة الاقتصادية سوى بالخروج من هذه السياسات البالية، وإعادة تفعيل القطاعات الإنتاجية في البلاد، وأهمها الزراعة والصناعة، وكله مرتبط بتنفيذ خطط حكومية".
ونبهت عبد الخالق من تأثير الشغور الرئاسي على الوضع الأمني، وقالت إن الأخطر من الضائقة المعيشية والحياتية التي يعاني منها غالبية الشعب اللبناني بعد أن تجاوزت معدلات الفقر أكثر 82% من سكان لبنان، المخاوف الأمنية المرتبطة بأزمة الفراغ الرئاسي.
وزير الدفاع الفرنسي يزور لبنان... تشمل مقر "اليونيفيل" في الناقورة
ورأت أن أزمة لبنان ليست في أولويات المجتمع الدولي، وأكبر دليل على ذلك أن زيارة وزير الدفاع الفرنسي إلى لبنان لم تحمل أي مبادرة، واقتصرت تصريحاته على ضرورة انتظام عمل المؤسسات ودعم فرنسا للجيش اللبناني، معلنا أن لديه تكليفا من الرئيس ماكرون لصياغة برنامج تعاون عسكري بين البلدين للمرحلة المقبلة.
ولفتت إلى أن تقاذف الاتهامات بين المسؤولين السياسيين اللبنانيين واتباعهم "لمصالحهم الضيقة على حساب مصلحة الوطن" يعطل مسار المؤسسات الدستورية.

وضع خطير

بدوره اعتبر سركيس أبو زيد، المحلل السياسي اللبناني، أن هناك سباقا بين الاستقرار والفوضى، والشغور الرئاسي وانسداد الأفق يضع لبنان في مرحلة صعبة، حيث هناك نوع من الدول العميقة تحاول أن تضبط الوضع الأمني حتى لا ينفجر، وألا تذهب الأمور إلى انفجار أكبر.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "هناك دور كبير للمؤسسة العسكرية، والأمن وحاكم مصرف لبنان ورؤساء الطوائف، والفئات الحاكمة لاحتواء الأزمة حتى لا تذهب إلى انفجار، ومن هنا يتم عملية ضخ بعض الأموال والمساعدات من وقت لآخر، للحد من أي انفجار، والسلطة الأمنية قادرة حتى الآن على ضبط الوضع، بالإضافة إلى أن تدخلات حاكم مصرف لبنان تحاول احتواء الأزمة المالية قدر الإمكان".
وتابع: "أما على المستوى الإقليمي والدولي، على الرغم من الخلافات والتجاذبات بين القوى الإقليمية والدولية المتباعدة، يكون هناك تدخلات لاحتواء الانفجار، هناك اتصالات لإبقاء الأمور كما هي دون أن تتطور، فطالما أن الأزمة اقتصادية وهناك احتمالات لتدهور أكبر، يكون احتمال الانفجار الأمني واردا، خاصة إذا كان هناك بعض الجهات المتضررة، أو بعض الأجهزة الأمنية الخارجية التي يمكن أن تتدخل، أو بعض الحركات الإرهابية التي تحاول الاستفادة من الوضع".
ليلة رأس السنة في لبنان... الصليب الأحمر يعلن عن 423 نداء إغاثة طارئ حتى صباح اليوم
ولفت أبو زيد إلى وجود مساع دائما لاحتواء الأزمة داخليا ودوليا، لكن هذه الحالة لن تستمر إلى الأبد، حيث سيكون هناك خلال أشهر استحقاقات أساسية إذا لم تتم معالجتها سيشهد لبنان المزيد من الانهيار، منها اختيار رئيس للمصرف المركزي، وبعض التعيينات والدور الحكومي وغيرها من المسائل.
وأوضح أن الأمور ستبقى بحالة ترقب حذر مع إمكانية انفجارها إذا لم يتم معالجة القضايا الأساسية لاحتواء الأزمة؛ فالوضع خطير لكنه لحد الآن لا يزال "ممسوكا من الداخل والخارج إلى حدود معينة".
يعاني لبنان أزمات سياسية واقتصادية متعددة، آخرها كان شغور المنصب الرئاسي، عقب انتهاء مدة الرئاسة الفعلية للرئيس السابق العماد ميشال عون. ألقى شغور المنصب الرئاسي بظلاله على العديد من الأزمات الاقتصادية وغيرها، حيث تسبب في جدل حول صلاحيات الحكومة الموجودة حاليا، وطبيعتها كحكومة تصريف أعمال.
وفشل البرلمان اللبناني في أكثر من جلسة نيابية في التوافق على انتخاب رئيس جديد، في ظل محاصصات طائفية كثيرة تنتهجها بعض النخب السياسية اللبنانية.
مناقشة