وسط اكتظاظ السجون... هل تدفع الأوضاع الاقتصادية الأردن إلى إصدار قانون العفو العام؟

وسط مخاوف من أن تطول قضايا ذات حقوق شخصية، أو تمثل إخلالًا في نظام العدالة، يسعى البرلمان الأردني إلى إصدار قانون العفو العام، بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية، لا سيما في ظل الاكتظاظ الكبير الذي تعاني منه السجون الأردنية.
Sputnik
ونقلت وسائل إعلام محلية أردنية عن مسؤولين، قولهم إن البرلمان يتباحث مع الحكومة الأردنية في إمكانية إصدار هذا القانون للتخفيف على المواطنين في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، وإعطاء فرصة لبعض الأشخاص المتهمين لإعادة دمجهم في المجتمع.
رئيس الوزراء الأردني يؤكد أهمية التعاون الاستثماري مع البحرين
وطرح البعض تساؤلات بشأن إمكانية إصدار مثل هذا القانون في الأردن، لا سيما في ظل اعتراض البعض باعتباره مخالفًا لمبدأ سيادة القانون، ويزعزع ثقة المواطن في منظومة العدالة بالدولة.

سيادة القانون

اعتبر حمادة أبو نجمة، الخبير القانوني الدولي الأردني، أن العفو العام يناقض مبدأ سيادة القانون، ويتسبب في زعزعة ثقة المواطن بالدولة ومؤسساتها وفي ضياع الحقوق، وينطوي على تنازل غير مبرر، ويشجع على تكرار الأفعال الجرمية والاستهانة بالقوانين وبالحقوق العامة والخاصة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، في العادة هناك جرائم خطيرة يسعى نواب لشمولها أيضا بالعفو العام في كل مرة يطرحون فيه هذا الموضوع، وهي ما بين جرائم قتل واغتصاب وهتك عرض، إلى احتجاز الرهائن وإدخال مواد متفجرة وسامة إلى المملكة، والرشوة والاختلاس، وقطع الأعضاء والتشويه وإحداث العاهات، والذم والقدح والتحقير.
وتابع: "يحاول البعض تضمينها كلها في القانون دون أن يشترط على الأقل حصول الضحايا المعتدى عليهم على حقوقهم أو تنازلهم عنها، باستثناء جرائم القتل والاغتصاب وهتك العرض، وتنذر مساعي شمولها بالعفو بتغول خطير على القانون وسيادته المفترضة، وتهميش دور القضاء صمام الأمان لحقوق الوطن والمواطن وملجأ المظلوم للوصول إلى حقه وإنصافه، في الوقت الذي يفترض في الدولة أن تحرص على أن تأخذ العدالة مجراها".
ويرى أنه في كل دول العالم هناك عفو خاص، وليس عاما، وتجربة الأردن بعد إصدار أكثر من 12 قانون عفو عام، تشير إلى أن الجرائم تتكرر من المجرمين ذاتهم، وفي ذلك ضياع لحقوق كثير من الناس، فقانون العفو العام يشجع سجناء وموقوفين على تكرار أفعالهم، وهو أيضا وإن كان مفيدا للعديد من الأشخاص، فهو يضيع حقوق متضررين، وفي حال تشريعه سيشكل ضربة للعدالة وسيادة القانون.
وشدد على ضرورة تأني النواب والحكومة في دراسة حيثيات مشروع القانون، الأردنيون ليسوا في وضع اجتماعي واقتصادي لتحمل كوارث أخرى، وفي ظل هذه التخوفات يفترض العمل على استمزاج مختلف شرائح المواطنين وكافة مكونات المجتمع وهيئاته قبل الإقدام على أي خطوة بهذا الاتجاه.

فوائد اقتصادية واجتماعية

من جانبه اعتبر الدكتور نضال الطعاني، المحلل السياسي وعضو مجلس النواب الأردني السابق، أن الأردن يعاني من ضائقة اقتصادية حادة، ونسب ركود مرتفعة، بسبب الوضع السياسي الذي ينعكس سلبيًا على الوضع، مؤكدًا ألا يمكن التخلص من هذه الأزمات الاقتصادية سوى بحل أزمات المنطقة والإقليم السياسية.
رؤية التحديث الاقتصادي... هل تنجح خارطة طريق الأردن الجديدة في تحسين الأوضاع؟
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تبنى مجلس النواب قانون العفو العام، ويتم مناقشته في لجنة الحريات وحقوق الإنسان، وبين الحكومة الأردنية، للنظر في القضايا المتعلقة والتي يمكن السماح لتضمينها في مثل هذا القانون، والنظر في القضايا التي تحمل إسقاط الحق الشخصي، والجرائم التي ترتكب لأول مرة.
ولفت إلى أن السجون الأردنية مكتظة بالسجناء بدرجة تتخطى الحد الأعلى المسموح به قانونيًا، ولا يوجد أماكن أخرى داخل السجون، لذلك يتم تباحث إصدار قانون العفو العام لتخفيف هذا التكدس الموجود.
وشدد على أهمية إصدار مثل هذه المذكرة القانونية، والتي يمكن أن تنعكس إيجابًا على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في الأردن، لكنه أكد على ضرورة مناقشة نوعية القضايا التي سيتم العفو عن مرتكبيها ضمن المذكرة جيدًا.
وأكد أن هذا القانون وإن كان مهمًا فيجب ألا يتضمن الإعفاء عن القضايا التي تؤثر على الأمن والسلم المجتمعي، أو تخل بنظام العدالة في المملكة.
وتقول وسائل إعلام أردنية إن عدد نزلاء السجون تجاوز السعة الاستيعابية، حيث وصل عددهم لأكثر من 20 ألفًا فيما لا تحتمل السجون سوى 13 ألفًا.
وقبل أشهر، قالت وزيرة الشؤون القانونية في الأردن وفاء بني مصطفى، الاثنين، إن قانون العفو العام يصدر بقانون والقانون يحتاج إلى 3 حلقات مجتمعة للتشريع هي الحكومة ومجلس الأمة بشقيه النواب والأعيان ومصادقة الملك.
مناقشة