جاءت عودة الشعراوي إلى المشهد في هذه المرة مرتبطة بحالة من الجدل التي عادة ما تثار من حين إلى آخر، حينما يتعرض الداعية المصري لهجوم من خصومه، فيتبارى أنصاره ومحبوه للدفاع عنه.
وبدأت حالة الجدل الأخيرة بعد أن ترددت أنباء عن عمل فني لإعادة سيرة الشيخ الشعراوي بشكل درامي، سيتم تقديمه على المسرح القومي، ويجسد شخصيته الممثل كمال أبو رية.
وعلى إثر هذه الأنباء، انطلقت العديد من الأصوات الإعلامية والثقافية لتشن هجوما ضاريا على الداعية المصري الراحل.
وعلى رأس قائمة المهاجمين، جاء الإعلامي إبراهيم عيسى، الذي وصف الشعراوي بأنه "شيخ متطرف داعشي سلفي ضد الأقباط ويهين المرأة وليس وسطيّا كما يرى البعض، وتعامل الشعب المصري على أنه نجم وليس شيخ، وكان شيخ سماعي شفهي وليس فقيه".
واتهم عيسى، في تصريحات عبر قناة "القاهرة والناس"، الشعراوي بأنه شيخ سلفي ذكوري ويفضل الرجال على النساء، ويرى أن في الرجل سلطة عن المرأة وأعلى مكانة منها.
وقال إن الشعراوي وضع نفسه في مكانة أعلى من المرأة ويهين المرأة كأنه شخص عجوز ريفي، معتبرا أنه لم يتخذ المعايير والفكر في انتقاد المرأة.
في المقابل، اعتبر الداعية الإسلامي خالد الجندي، أن مهاجمة الشيخ الشعراوي، تعتبر انتحارا ذاتيا، مؤكدا أنه يمثل أحد روافد القوى الناعمة لمصر في العالم الإسلامي أجمع.
وقال في تعليق له عبر فضائية "dmc"، إن الهجوم على الرموز لن يتوقف بعد الهجوم على الشيخ الشعراوي، واصفا الداعية الراحل بأن لديه الكثير "من الصفاء، فهو إنسان ومفتي وسياسي ومفسر". وأضاف متسائلا: "طب اللي (من) ينتقد بينتقد أي صفة فيه".
ودخلت الرئاسة المصرية على خط الأزمة، حيث علق أسامة الأزهري، مستشار الرئيس المصري للشؤون الدينية على الضجة الواسعة المثارة بشأن الشعراوي.
وقال الأزهري في بيان له إن "الإمام الشيخ محمد متولي الشعراوي رمز العلم والوطنية والعطاء المصري لكل العالم العربي والإسلامي، لكن البعض لهم ثأر مع الإمام الشعراوي لسبب مجهول".
وأضاف في البيان : "يقول أحدهم في رواياته: (إن الصحابة الكرام قتلة ودواعش).. فليس غريبا أن يقول مثل هذا عن الإمام الشعراوي الذي حمى الناس من التطرف والإرهاب".
وتابع: "منذ خمسين سنة والإمام الشعراوي يملأ الدنيا علما، فما رأينا أحدًا أراق قطرة دم، ولا حمل السلاح، ولا صار داعشيًا بسبب كلمة سمعها من الشيخ الشعراوي".
وعما أثير بأن الشعراوي مناهض للأقباط، قال الأزهري:" فيرد عليه رأس الأقباط البابا شنودة إذ يقول في رثاء الإمام الشعراوي: (لقد تأثرنا كثيرا لوفاة صاحب الفضيلة الشيخ متولي الشعراوي، فهو رجل عالم متبحر في علمه، وهو أيضا محبوب من الآلاف وعشرات الآلاف ومئات الآلاف... وقد عاش واعظًا وكاتبًا وشاعرًا... وأراد له الله أن يستريح من تعب هذه الدنيا، وقد جمعتني به أواصر من المودة والمحبة في السنوات الأخيرة من عمر".
من جانبه، اعتبر عمار علي حسن الروائي والباحث في علم الاجتماع السياسي، أن أزمة الشعراوي محاولة من السلطة لإلهاء المصريين عن الأوضاع الاقتصادية التي يعانون منها.
وقال حسن في عبر قناة "الجزيرة مباشر": "لماذا الإصرار على طريقة إلهاء الناس بهذه الصورة؟ من حقنا أن نسأل إن كان الشيخ الشعراوي يُستخدم للإلهاء مثلما استُخدمت أشياء كثيرة نراها ونعرفها"، على حد تعبيره.
وأضاف أن محاولات إلهاء المصريين ليست جديدة ولن تنجح في عصر منصات التواصل، واصفا الإعلامي إبراهيم عيسى بأنه "سلفي مغاير"، وفق تعبيره.
يذكر أن الشعراوي ولد في 15 أبريل/نيسان عام 1911، في محافظة الدقهلية شمال القاهرة، وتوفي عن عمر يناهز السابعة والثمانين، في 17 يونيو/حزيران من العام 1998.