الجزائر - سبوتنيك. وقال بعجي، في مقابلة مع "سبوتنيك"، إن "العلاقات بين الجزائر وروسيا "ليست مبنية فقط على واقع محكوم بأبعاد تاريخية، بل يتعدى ذلك إلى تعاون استراتيجي، في مجالاته المختلفة السياسية، والطاقوية والعسكرية"، مؤكدا أن الزيارة المرتقبة لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون إلى روسيا "ستتمخض عن عدد مهم من الاتفاقيات، وستكون فرصة للارتقاء بالتعاون بين البلدين، إلى مستوى يعكس تاريخية هذه العلاقات المتينة".
واعتبر أن الزيارة المرتقبة للرئيس تبون إلى روسيا، ستمثل واحدة من أهم الزيارات التي سيقوم بها إلى الخارج، "من حيث دلالاتها، ومن حيث ما ينتظر منها من توقيع وثيقة استراتيجية جديدة، للعلاقات المستقبلية بين البلدين الصديقين".
ولفت بعجي إلى أن "العلاقات الثنائية بين الجزائر وروسيا، تطورت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، كعلاقة بين دولتين ذواتي سيادة، تقوم على خدمة مصالح شعبين"، مشيرا إلى تأكيد الرئيس تبون في تصريح له مؤخرا أن "الجزائر بلد غير منحاز، وقد وُلد بلدنا ليكون حرا".
وعن مطالب بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي بفرض عقوبات على الجزائر بسبب علاقاتها مع روسيا، قال بعجي: "الأصوات التي تتعالى بفرض عقوبات على الجزائر، لمنع تقاربها مع روسيا، وكذا العويل الذي نسمعه في جوارنا، كل ذلك يدفع إلى التساؤل: هل العلاقات الجزائرية الروسية ضد طرف ثالث؟ الجواب هو بالنفي طبعا".
وأضاف أن "الجزائر تتعامل مع كل الدول، على قاعدة الاحترام المتبادل، ويقتضي المنطق أن تراعي الدول الغربية والولايات المتحدة، تصريحاتها مع الجزائر، باعتبارها دولة محورية في سوق الطاقة وفي محاربة الإرهاب وترسيخ السلم بالمنطقة".
كان 27 عضوا في الكونغرس ينتمون للحزبين الجمهوري والديمقراطي وجهوا، أواخر أيلول/سبتمبر الماضي، رسالة إلى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، يطالبون فيها بفرض عقوبات على الحكومة الجزائرية، بسبب تعاونها مع روسيا.
واستطرد بعجي قائلا: "ولا يخفى أن الجزائر بلد يغطي مساحة تتجاوز 2.3 مليون كيلومتر مربع، وهي عاشر أكبر دولة [مساحة] في العالم، والأولى في الوطن العربي وأفريقيا، إذ تشترك في الحدود البرية مع بلدان عديدة"، لافتا إلى أن ذلك يجعلها بحاجة إلى أسلحة قوية تمكنها من هندسة وتعزيز أمنها الحدودي، "وهو ما يلزم الدولة الجزائرية الاستعداد الدائم والجاهزية لتحصين وتأمين حدودها محليا، وإقليميا للحد من التهديدات والمخاطر العابرة للحدود".
وتابع أن مراقبة الحدود وتحصينها أمر حساس وحيوي للأمن الجزائري، نظراً لتعقد دوائر التهديدات، من مواجهة خطر تهريب المخدرات، والجماعات المسلحة، والأوضاع غير المستقرة في ليبيا، مؤكدا أن "كل ذلك يستدعي تغطية شاملة وأسلحة قوية بهدف رصد ومراقبة وحماية شتى جبهات الحدود داخليا وإقليميا".
وشدد بعجي على أن "التعاون العسكري بين الجزائر وروسيا، أمر يخص البلدين كما أن الإنفاق العسكري في الجزائر شأن داخلي، والجزائر دولة ذات سيادة، ومن حقها دعم جيشها بأسباب القوة خاصة في ظل التحديات الإقليمية والدولية."
وتابع أن "الجزائر الجديدة كما قال السيد رئيس الجمهورية قوة أفريقية، وهي سيدة في اتخاذ قراراتها، بما يعني أنها لن تخضع للضغوط والابتزاز والمساومة".
وأردف أن "علاقات الجزائر مع كل الدول تستند إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية، كما أن الجزائر، وهي التي تنتمي إلى حركة عدم الانحياز، لا تقيم علاقاتها على أساس تكتلات مضادة لتكتلات أخرى".
وحول الزيارة المرتقبة للرئيس الجزائري إلى روسيا، قال بعجي: "يمكنني القول إن السيد رئيس الجمهورية قد أعلن عن زيارة مرتقبة له إلى روسيا، وإلى الصين وفرنسا، وليس هناك من يملي على الجزائر طبيعة أو نوعية علاقاتها مع الدول، وبالتالي فإن الحديث عن فرض عقوبات على الجزائر بسبب علاقاتها مع روسيا يبدو لي نوعا من التهديد يمت إلى فكر استعماري بائد، وهو يمس بجوهر العلاقات الدولية، ومفاده أن السيادة الخارجية للدولة، مرادفة للاستقلال السياسي ومقتضاها عدم خضوع الدولة صاحبة السيادة لأية دولة أجنبية".
وبخصوص الزيارات والأشغال المرتقبة لحزب جبهة التحرير الوطني مع الطبقة السياسية في روسيا، قال الأمين العام لجبهة التحرير الوطني: "يضطلع حزب جبهة التحرير بدوره المنوط به بما يعرف بالدبلوماسية الحزبية، تماشيا مع خطة الإصلاح الشامل للدولة ومؤسسات الجمهورية، ومن باب التذكير، أشير إلى أن حزب جبهة التحرير الوطني كانت له عدة لقاءات مع سفراء دول أجنبية معتمدين لدى الجزائر، ومنهم سعادة سفير روسيا، وهي اللقاءات التي تعد فرصة لتناول العلاقات الثنائية والبحث في كيفية تعميقها وتقويتها، كما أنها مناسبة لتبليغ مواقف الجزائر من القضايا الإقليمية والدولية الراهنة".
واختتم قائلا: "إننا نؤكد إرادتنا في إقامة علاقات تعاون وثيقة مع الطبقة السياسية في روسيا، سواء من خلال الزيارات أو تبادل الخبرات، لتعزيز العلاقات بين حزبنا والأحزاب في روسيا التي نتقاسم معها مواقف ورؤى مشتركة للمساهمة في تقوية العلاقات بين البلدين".
كان الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون قد أكد، خلال لقاء تلفزيوني أواخر الشهر الماضي، أنه سيزور روسيا، مستقبلا، تلبية لدعوة من نظيره الروسي فلاديمير بوتين، لكنه لم يعلن الموعد تحديدا.
وقال تبون: "سأزور روسيا تلبية لدعوة بوتين والصداقة بين الدولتين ليست موجهة ضد بلد آخر".
وكان سفير روسيا الاتحادية لدى الجزائر، فاليريان شوفايف، قد أكد، في مقابلة مع "سبوتنيك" في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أن هناك العديد من الدول بما فيها الجزائر تتعرض لضغوط هائلة من أجل التخلي عن التعاون والتفاعل مع روسيا الاتحادية.