"ملف النازحين" في العراق... برميل بارود لا يستطيع المسؤولون الاقتراب منه

أكد الرئيس العراقي،عبد اللطيف رشيد، عزم بلاده على إنهاء أزمة النازحين التي خلفتها الحرب ضد تنظيم "داعش"، وضرورة استمرار الجهود لتهيئة الظروف المناسبة لعودة النازحين إلى مناطقهم وطي هذه الصفحة نهائيا في أسرع وقت.
Sputnik
ويرى مراقبون أن تلك التصريحات لا تتعدى كونها للاستهلاك الإعلامي، نظرا لأن العراق قد أعلن منذ 5 سنوات هزيمة التنظيم وهناك مناطق تم تأهيلها منذ سنوات ولم يتم إعادة أصحابها إلى مناطقهم، وهناك مناطق لا يستطيع الرئيس أو أي مسؤول عراقي من الوصول أو الدخول إليها قبل التنسيق مع القوى المسلحة التي تسيطر عليها، لذا فكل الشواهد تؤكد أن أزمة النزوح سياسية في المقام الأول ولا يمكن حلها في الوقت الراهن، لأن الإرادة الدولية والمحلية والإقليمية غير متوفرة لإنهاء تلك الأزمة الإنسانية.
بداية، يقول عمر الفرحان، رئيس المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب، إن قضية النازحين في العراق، هى قضية سياسية بحتة، فقد كانت هناك جهود من الأمم المتحدة وأخرى من بعض الدول الأوروبية والعربية من أجل إعادة هؤلاء النازحين إلى مدنهم وقراهم، لكن هناك عقبة سياسية تقف في طريق إنهاء أزمة النازحين.
العراق... 1400 دولار لكل عائلة عربية نازحة تعود إلى المناطق المتنازع عليها في نينوى

العقبة سياسية

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "العقبة السياسية تتمثل في أن بعض تلك المدن الخاصة بالنازحين قد سيطرت عليها المليشيات وجعلت من بعضها مقرات وهياكل عسكرية، وقد استولت عليها بقوة السلاح بعد تهجير أصحابها خلال العمليات العسكرية أو بعدها لدواع طائفية واستراتيجية من أجل تقدم المليشيات سواء القادمة من إيران أو غيرها".
وأشار الفرحان إلى أن مدينة "جرف الصخر" منذ فترة والمنطقة مهيأة لاستقبال أهلها، وإلى الآن لا يستطيع رئيس الحكومة أو رئيس الجمهورية أو أي شخص كان أن يدخل مدينة "جرف الصخر"، إلا أن يكون هناك ترتيب مسبق من المليشيات أو قادة الأحزاب لترتيب تلك الزيارة.

ممنوع الدخول

أما في شمال العراق وبحسب رئيس المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب، هناك بعض المناطق في صلاح الدين وفي تكريت منها منطقة "الجزيرة"، إلى الآن أهالي تلك المنطقة لا يسمح لهم بالدخول إليها رغم أن العمليات العسكرية قد انتهت بها منذ العام 2016 بعد دحر فلول تنظيم "داعش" بالكامل (تنظيم إرهابي محظور في روسيا ودول أخرى)، لكن لا تزال تلك المناطق تسيطر عليها المليشيات والأجهزة المسلحة التابعة للأحزاب ولا يسمح للمدنيين بالرجوع إلى تلك المناطق بحسب ما ذكره لنا أهالي المنطقة، كل تلك المناطق التي قد تكون ممرات عسكرية للمليشيات القادمة من إيران إلى دمشق عبر الأراضي العراقية.
وأوضح أن تصريحات المسؤولين بضرورة عودة النازحين قد تكون من أجل (ذر الرماد في العيون)، أو قد تكون هناك بعض الضغوطات الدولية والمحلية التي قد تدفع لمثل تلك التصريحات، أما من الناحية العملية فلا يمكن ترتيب تسوية لأزمة النازحين إلا إذا كانت هناك إرادة دولية وداخلية حقيقية، بعيدا عن السياسة أو أي مبررات أخرى وأن تكون هناك حلول جذرية لهؤلاء النازحين، والواقع الآن على الأرض يشير إلى أن الأجواء الحالية لا تسمح بتلك الخطوات لحل الأزمة، إلا إذا كان هناك انقلاب في خطة العملية السياسية ونقلة نوعية من الوضع الحالي.
الرئيس العراقي يبحث "الظروف الكارثية" لـ600 ألف مواطن من النازحين

تجاهل أممي

من جانبه، يقول عبد القادر النايل، عضو الميثاق الوطني العراقي، في حديثه لـ"سبوتنيك"، إن "الأمم المتحدة تتعامل مع الملف العراقي بعين عوراء، ولذلك هي تضع على رأس بعثتها بلاسخارت التي قتلت سبعين مدني في قضاء الحويجة ضمن محافظة كركوك عام 2015، عندما كانت وزيرة دفاع هولندا، بعد أن نفذوا ضربات جوية ضمن ما يسمى الحرب على داعش وأخفت هذه الجريمة التي كشفها الهولنديين لاحقا، مما يضعنا أمام تساؤلات كبيرة إذا مسؤولة بعثة الأمم المتحدة تمتلك ماضي أسود في انتهاكات حقوق الإنسان، فكيف لها أن تمارس مهمتها الأساسية التي تفضي إلى إيقاف انتهاكات حقوق الإنسان، وهذا ما يفسر عدم زيارتها لمخيمات النزوح أو التطرق لاي جهد يفضي إلى إعادتهم، أو طرح قضيتهم ضمن إحاطتها الدولية في مجلس الأمن، لأنها تهتم فقط بأحزاب السلطة لارتباطها بشبهات صفقات مالية وتجارية هي وكادرها في العراق".
السلطات العراقية تعلن تسجيل أكثر من 1500 أسرة نازحة للاندماج في محافظات متعددة

مليون وسبعمائة ألف نازح

وأشار النايل إلى أن "تصريحات رئيس الجمهورية الحالي حول النازحين، هي نشاط إعلامي يمكن أن يمارسه أي ناشط ومحلل سياسي في القنوات، لأن المشكلة الرئيسية معلومة، فنحن نتكلم عن ثمان سنوات من بقاء أكثر من مليون وسبعمائة ألف نازح في المخيمات عدا النازحين الساكنين في كردستان العراق ومدنهم الرئيسية منزوعة السكان مثل "جرف الصخر محيط امرلي وعزيز بلد ويثرب والقائم غرب الانبار وتلعفر وجبل سنجار وديالي" وحكومة السوداني ورئيس الجمهورية الحالي ورئيس البرلمان بالرغم من تعهدهم ضمن البرنامج الحكومي بعودة النازحين لكنهم لم يفعلوا شيئا، وهنا نتساءل هل يمكن لرئيس الجمهورية أن يزور جرف الصخر وهل أرسل رئيس الجمهورية قوافل مساعدات وإغاثة لمخيمات النزوح ولاسيما أن يوم أمس الاثنين الموافق 9/1/2023 مات أحد النازحين في مخيمات عامرية الفلوجة من شدة البرد والجوع".
أكد الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، اليوم الثلاثاء، ضرورة استمرار الجهود لتهيئة الظروف المناسبة لعودة النازحين إلى مناطقهم وطي هذه الصفحة نهائيا في أسرع وقت.
وذكرت الرئاسة العراقية - في بيان أوردته وكالة الأنباء العراقية (واع) - أن ذلك خلال لقاء الرئيس رشيد بالسفير البريطاني لدى العراق مارك برايسون ريتشاردسون، حيث تطرق الرئيس العراقي إلى زيارته إلى محافظتي البصرة ونينوى للإطلاع على أوضاعهم من الناحية الأمنية والخدمية ومتابعة الإنجازات المتحققة في تطوير البنى التحتية والجامعات والمحاكم والطرق والجسور.
وأكد الرئيس رشيد أن منهج الحكومة العراقية يستهدف ضمان استمرار التحسن الأمني والاقتصادي وتعزيزه لما له من أهمية في دعم الاستثمارات والقطاع الخاص، وكذلك سن التشريعات وتوفير التسهيلات المطلوبة بما يساعد على تطوير البنى التحتية وتقديم الخدمات الضرورية للمواطنين.
مناقشة