واستطاع العلماء جعل خلايا العين الحساسة جدا للضوء التي نمت في المختبر تقوم بإعادة الاتصال بعد انفصالها، وهي خطوة مهمة جدا لعملية زرع هذه الخلايا لدى المرضى.
وتتحد هذه الخلايا المستقبلة للضوء مع الخلايا الأخرى لتشكيل الشبكية في العين، وهي طبقة رقيقة من الأنسجة تقع في الجزء الخلفي من العين مسؤولة عن تحويل الأطوال الموجية للضوء إلى إشارات يفسرها الدماغ على أنها رؤية.
وكان هدف العلماء في بداية الأمر هو زراعة خلايا شبكية خارج الجسم واستخدامها لاستبدال الأنسجة الميتة أو المختلة وظيفيا داخل العين.
تحويل خلايا بشرية إلى خلايا شبكية
وفي عام 2014، أنتج الباحثون عضيات (مجموعات خلوية منظمة ذاتيًا في أشكال ثلاثية الأبعاد في المختبر) تشبه شكل ووظيفة شبكية العين الحقيقية.
واستطاع العلماء تحقيق هذا الإنجاز عن طريق إعادة برمجة خلايا الجلد البشرية لتعمل كخلايا جذعية، والتي تم تشجيعها بعد ذلك على التطور إلى عدة أنواع من خلايا الشبكية.
حل "آخر قطعة من اللغز"
وفي العام الماضي، نشر الفريق نفسه دراسات تظهر أن خلايا الشبكية المزروعة في المختبر يمكن أن تستجيب لأطوال موجية مختلفة ولشدة الضوء، بالإضافة إلى التواصل مع الخلايا المجاورة لإجراء اتصالات.
ونقلت مجلة "sciencealert" العلمية عن الباحث الرئيسي في الدراسة طبيب العيون ديفيد غام، قوله إن هذه الدراسة الجديدة هي "آخر قطعة من اللغز".
"أردنا استخدام الخلايا من تلك العضيات كأجزاء بديلة للأنواع نفسها من الخلايا التي فقدت في سياق أمراض الشبكية، ولكن بعد أن نمت في طبق المختبر لأشهر كعناقيد مضغوطة، بقي السؤال؛ هل ستتصرف الخلايا بشكل مناسب بعد أن نفصل بينها؟ لأن هذا هو المفتاح لإدخالها إلى عين المريض".
وتعتمد هذه الوظيفة على قدرة الخلايا على الاتصال بعضها ببعض باستخدام امتدادات (وصلات) تسمى المحاور، مع صندوق إشارة كيميائي يسمى المشبك الذي يشكل تقاطعًا.
"داء الكلب" ساعد في حل معضلة الاتصال
ولضمان إجراء اتصالات العمل بين الخلايا، قام الفريق بسحب مجموعات من خلايا الشبكية وتفريقها عن بعضها وراقبها أثناء عملية إعادة الاتصال.
وثم تمت إضافة فيروس "داء الكلب"، والذي شوهد ينتقل بين خلايا الشبكية على مدار أسبوع، مما يشير إلى أنه قد تم بالفعل إجراء اتصالات متشابكة بين الخلايا.
وعن طريق استخدام عدوى فيروس داء الكلب المعدل وراثيا والذي ينتقل بين الخلايا، استطاع الباحثون اختبار قدرة الخلايا على الاتصال المشابك العصبية التي تربط أزواجا من خلايا الشبكية المشتقة من الخلايا الجذعية البشرية المتعددة القدرات.
"كنا ننسج هذه القصة معا في المختبر، قطعة واحدة في كل مرة، لبناء الثقة بأننا نسير في الاتجاه الصحيح. كل هذا يؤدي في النهاية إلى التجارب السريرية البشرية، والتي هي الخطوة التالية الواضحة. كان هذا كشفًا مهمًا لنا، إنه يظهر حقًا التأثير الواسع المحتمل الذي يمكن أن تحدثه هذه العضيات الشبكية".
نتائج مثيرة قد تنهي بعض أمراض العين
وكشف التحليل الإضافي بحسب البحث الذي نشر في مجلة " PNAS" أن أنواع الخلايا الأكثر شيوعًا في تكوين المشابك كانت المستقبلات الضوئية، والتي يتم تمييزها عادةً على أنها قضبان ومخاريط.
ويعتبر هذا إنجازا كبيرا لأن هذه الأنواع من الخلايا هي تلك التي يفقدها المصابون ببعض الأمراض مثل التهاب الشبكية الصباغي والضمور البقعي المرتبط بالعمر.
ووجد العلماء أيضا دليلا على وجود أنواع من الخلايا تسمى خلايا العقدة الشبكية التي تشكل نقاط الاشتباك العصبي. قد يكون استبدال هذه الخلايا في العين مفيدًا في علاج الاضطرابات مثل الجلوكوما، حيث يتلف العصب البصري الذي يربط العين بالدماغ.