وقال الاتحاد الأوروبي في بيان، أمس الثلاثاء، إن المبادرتين تندرجان في إطار الاستجابة لمواجهة التداعيات السلبية للأحداث العالمية على الدول المجاورة للاتحاد الأوروبي.
وطرح البعض تساؤلات عن أهمية هذه المساعدات، وإمكانية أن تشارك في إنهاء أزمة الأسر الفقيرة في لبنان، وعن ضمان توزيع هذه الأموال على الأسر المستحقة.
غياب الثقة
اعتبر عماد عكوش، الخبير الاقتصادي اللبناني، أنه في ظل الواقع اللبناني الحالي، ومع غياب شبه كامل لمؤسسات الرقابة، وفي ظل حكومة تصريف الأعمال، وعدم الشفافية لدى كل المنظومة السياسية والقطاع العام، لا يمكن أن تكون هناك صورة واضحة عن عدالة توزيع مساعدات الاتحاد الأوروبي وضمان وصولها إلى مستحقيها من الفقراء.
وتابع، في حديثه لـ"سبوتنيك": "من المؤسف أن لبنان يعيش على المحاصصة وتوزيع الغنائم بين الأحزاب الحاكمة وعلى حاشيتها، ولا يوجد أي ثقة بتسليم هذه المنظومة ما يصل إلى البلاد من أموال المساعدات".
وأكد أن العائلات اللبنانية بحاجة إلى الكثير من المساعدات، مشيرا إلى أن قيمة ما أعلنت أوروبا إرساله إلى بيروت لا يغطي قيمة الأدوية التي لا توجد في السوق بسبب دعمها من قبل مصرف لبنان، واستفادة التجار من هذا الدعم وبيعها في السوق السوداء.
وتابع: "نحن نعيش اليوم في حالة "اللا دولة" وكل مساعدة يجب أن تأتي مباشرة للعائلات اللبنانية المحتاجة، حتى يتم التأكد من إيصالها لمستحقيها، فلا ثقة بالقطاع العام اليوم من رأس الهرم إلى القاعدة"، مشيرا إلى ضرورة أن يتم ضم هذه المساعدات إلى سلسلة تمويل شبكة الأمان التم تم إنشائها من قبل الحكومة لتوزيعها ضمن بطاقات خاصة للعائلات الفقيرة".
حل مطلوب
بدوره اعتبر سركيس أبو زيد، المحلل السياسي اللبناني، أنه بسبب الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، فإن كل مساعدة تصل إلى لبنان هي مفيدة بشكل كبير، لأن هناك حاجات وفقراء وأعداد كبيرة من المواطنين المحتاجين لأي مساعدة وعمل خيري، والمبلغ الذي أعلن عنه الاتحاد الأوروبي له فائدة ضمن الحجم المعطى به.
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن هذه المساعدات الخارجية تبقى محدودة الفاعلية، لأن احتياجات لبنان كبيرة، وتحتاج إلى مبالغ أكبر بكثير من أجل تأمين مساعدة جدية، يمكنها إخراج أعداد كبيرة للفقراء من أزمتهم وحاجتهم إلى الغذاء والدواء والمسائل الحياتية الأساسية.
ويرى المحلل السياسي أن المشكلة تكمن في الطريقة التي يتم بها توزيع هذه المساعدات وهي ليست سليمة دائما ولا تحمل الطابع الجدي، فإذا تمت عبر الدولة، فالأجهزة الحكومية فاسدة ولا يوجد مراقبة جدية وهناك هدر كبير لهذه الأموال، وإن تم منحها لما يسمى بمؤسسات المجتمع المدني، فهذه الجمعيات غير مراقبة ولا يوجد تأكيد بأنها تصل للجهات المعنية التي تحتاج إليها فعليا، وفقا له.
وعن الحل المطلوب، شدد أبو زيد، على ضرورة أن يكون هناك إصلاح سياسي جدي وقيام لأجهزة حكومية سليمة وفاعلة، ومراقبة شديدة لتوفير الخدمات، وأن يكون هناك خطة إصلاح شاملة يمكنها إعادة عجلة الاقتصاد وتوفير الدعم للفقراء، مؤكدا أن المساعدة إيجابية لكن بحدود، والحل الفعلي يكمن عبر إعادة بنية الشبكة الحاكمة لتكون أكثر فاعلية ونزاهة وسلامة، وأن يكون ذلك ضمن خطة شاملة.
وذكر بيان الاتحاد الأوروبي أن المبادرتين توفران الأموال، لتقديم مساعدات مباشرة لأكثر من 7 آلاف عائلة لبنانية فقيرة تضم أكثر من 41 ألف فرد مسجلة في البرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقرا، بحسب الوكالة الوطنية للإعلام.
وأضاف بيان الاتحاد الأوروبي: "في المديين المتوسط إلى الطويل، يرغب الاتحاد الأوروبي بالمساهمة في تعزيز المنظومات الزراعية والغذائية"، مؤكدا ضرورة "زيادة القدرة الإنتاجية للمزارعين اللبنانيين مما يساعد لبنان على تنويع إنتاجه الغذائي".
ومن المقرر أن يجري تنفيذ المشروع بالشراكة مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة وبرنامج الأغذية العالمي.
ويعاني لبنان منذ عام 2019 من أزمة اقتصادية حادة صنفها البنك الدولي بأنها واحدة من أسوأ 3 أزمات في العالم، وتسببت في انهيار مالي ومعيشي ونقص في الوقود والطاقة والأدوية.
وتتزامن هذه المساعدات مع قرب وصول وفود قضائية إلى بيروت من ثلاث دول هي فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ، وذلك من أجل المشاركة في تحقيقات بقضايا فساد وبعض ثروات السياسيين من بينها حاكم مصرف لبنان.