ويشير تقرير لجمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" إلى ارتفاع نسبة جرائم القتل الأسرية عام 2022 عن الأعوام السابقة، وزيادة غير مسبوقة منذ عدة سنوات، حيث ارتفعت نسبة جرائم القتل داخل الأسرة عام 2022 عن عام 2021 بنسبة 94%، إذ ارتفعت من 18 ضحية إلى 35.
وكشف التقرير عن حصاد جرائم القتل الأسرية المؤسفة والتي وقعت منذ بداية عام 2022 إلى نهايته، والتي كانت الأعلى على الإطلاق منذ عدة سنوات، حيث بلغت عدد الجرائم الواقعة داخل الأسرة عام 2022 بواقع 25 جريمة راح ضحيتها 35 ضحية.
وطرح البعض تساؤلات بشأن الأسباب التي أدت إلى ارتفاع معدلات ظاهرة القتل الأسري في الأردن، وسبل مواجهتها، وما إن كانت القوانين رادعة أم تحتاج إلى تعديل.
أسباب متعددة
اعتبرت كلثم مريش، عضو الهيئة الإدارية في جمعية معهد تضامن النساء (تضامن)، ورئيسة الاتحاد النسائي الأردني في العاصمة، إن التقرير الصادر كان صادمًا لكنه غير مفاجئ، في ظل الظروف التي مر بها الأردن والعالم، وعلى الرغم من أن النسبة المرتفعة لم تكن الأعداد مبالغًا فيها، حيث قتل 29 امرأة و14 طفلًا نتيجة العنف الأسرة.
وبحسب حديثها لـ "سبوتنيك"، فإن أسباب زيادة نسبة العنف الأسري كثيرة، أهمها انعكاسات جائحة فيروس كورونا التي لا تزال تسيطر على الأوضاع الاقتصادية في الأردن والعالم بأسره، وتأثيراتها السلبية الاقتصادية قائمة حتى الآن، إضافة إلى سلوكيات الأفراد داخل الأسرة، وهو ما له علاقة بالمستوى الاقتصادي والتعليمي والأخلاقي.
وأكدت أن العوامل الاجتماعية الذكورية في تربية الأطفال لا تزال تسيطر على الأسر التي تقسم بدورها الأدوار وتعطي الذكور الحق في ممارسة تأديب الفتيات، إضافة إلى الارتفاع الشديد في نسب البطالة والانخفاض الحاد في مستوى الدخل، ناهيك عن ضغوط العمل – إن وجد- والتي لا تلبي حاجات الأسرة.
وبحسب مريش، يلعب الإدمان وتعاطي المخدرات والمواد الكحولية دورًا في تنامي هذه الظاهرة، وكذلك عدم التواصل داخل الأسرة لحل المشكلات والخلافات، حيث يرون أن الحل الوحيد لها هي استخدام العنف وربما القتل.
وعن القوانين التي تواجه هذه الظاهرة، قالت إن هناك قوانين بالفعل لكنها غير كافية ولا تردع مرتكبي هذه الحوادث، حيث تحتاج إلى تعديلات كبيرة، لا سيما فيما يتعلق بالعذر المخفف والذي يلجأ إليه القاضي للحفاظ على وضعية الأسرة وسلامتها باعتبار أن الأب هو العائل وفقدانه يعني تفكك الأسرة.
وأوضحت مريش أن حملة الـ16 يومًا الأخيرة كانت موجهة في الأساس ضد العنف الأسرى، معتبرة أن المجتمع الأردني لا يرغب في انتشار هذه الجرائم الأسرية.
وعن طرق مواجهتها شددت على ضرورة معالجة المسببات التي تؤدي إلى اللجوء للعنف الأسرى، وهو ما يعني مواجهة الفقر والبطالة وإعادة تأهيل الأسرة لاكتساب آلية للتعامل وحل الخلافات والمشاكل بداخلها دون عنف، مع تفعيل برامج الحماية الاجتماعية للأسر، ومعالجة الإدمان والتخلص من طول فترة التقاضي في تلك الجرائم.
تطبيق القانون
من جانبها قالت الدكتورة صباح الشعار، المحللة السياسية والنائبة السابقة بالبرلمان الأردني، إن ارتفاع معدلات الفقر والبطالة التي نجم عنها ضغط نفسي على أفراد الأسرة لعدم مقدرتهم توفير المستلزمات الأسرية وارتفاع معدلات الاكتئاب والإحباط، فضلاً عن تبعيات جائحة كورونا وما سببته من إغلاقات وحظر لفترات طويلة انعكست سلبًا على الوضع النفسي والسلوكي لأفراد الأسرة وخصوصًا الأب.
وبحسب حديثها لـ"سبوتنيك"، هناك تقارير عالمية خلال جائحة كورونا حذرت من ارتفاع معدلات العنف ضد المرأة نتيجة حالات الاكتئاب وخسارة آلاف الأشخاص لأعمالهم واستنزاف مدخراتهم المالية في تلك الفترة التي تزامنت مع مشاعر الخوف والقلق والإحباط والغضب داخل الأسرة التي دفعت ثمنها النساء في الأسرة باعتبارها الحلقة الأضعف فيها.
وترى الشعار أن أغلب الذكور شهدوا انحرافات سلوكية دفعتهم إلى الإدمان، وهو الأمر الذي شكل تهديدًا واضحًا وملموسًا للمرأة في الأسرة، مطالبة بضرورة تفعيل دور الإرشاد النفسي الأسري، وتطبيق القانون بشكل صارم للحد من جرائم العنف الأسري، وشمول المرأة المعرضة للعنف بالرعاية الصحية الشاملة.
وبحسب "تضامن"، النساء والفتيات لا يعانين فقط من العنف الأسري الذي يؤدي إلى جرائم القتل فقط، بل أن النساء يمارس عليهن مختلف أنواع العنف خارج الأسرة أيضا، حيث تشير "تضامن" إلى أن هناك 6 إناث تم قتلهنّ في الأردن عام 2022 بحسب ما تم الكشف عنه، خارج فضاء الأسرة.
ويستعد الأردن إلى إطلاق "نظام الأتمتة" الخاص بتتبع حالات العنف الأسري، وبدأ وضع المشروع في 2016، بمبادرة من المجلس، وبالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) بإشراف الفريق الوطني لحماية الأسرة من العنف، لإيجاد منظومة عمل إلكترونية ترصد حالات العنف الأسري وتوثقها وتعالجها مع الشركاء الرئيسيين، وفي مقدمتها إدارة حماية الأسرة والأحداث ووزارات: الصحة والتنمية الاجتماعية والتربية والتعليم ومؤسسة نهر الأردن، وذلك وفقا لصحيفة "الغد" الأردنية.