يقطن قرية الخان الأحمر البدو الفلسطينيون الذين هجروا من قراهم بالنقب في عام 1952م، مؤكدًا أن محاولات إخلاء القرية مستمرة منذ أكثر من 13 عامًا.
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "ثاني أكبر مستعمرة إسرائيلية بالضفة الغربية أقيمت منذ عام 2000 بالقرب من القرية، وهو ما كان له الأثر في تضييق حياة الريف على السكان الفلسطينيين هناك، لا سيما فيما يتعلق بتقييد حركتهم في الرعي والمياه وتجفيف مصادرها وملاحقتهم، حتى أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية قرارا في عام 2018 بإخلاء الخان الأحمر من سكانه".
وتابع: "بسبب مرابطة أبناء الشعب الفلسطيني في تلك المنطقة مع سكان الخان الأحمر، وموقف السكان المشرف الرافض لكل الإغراءات في سبيل التهجير طوعيًا، إلى جانب كل فاعليات المقاومة في هذه المنطقة ووضع الخيام لأكثر من 5 أشهر متتالية بالتزامن مع حراك دبلوماسي للقيادة الفلسطينية سواء في الجنائية الدولية أو منظمة العفو أو مكتب الأمم المتحدة، كان له الأثر البالغ في تجميد قرار المحكمة، ولم تقم حكومة الاحتلال بتنفيذه".
تهجير أهالي القرية
وكشف محافظ القدس أن عودة موضوع تهجير أهالي القرية للواجهة مرة أخرى، جاء بعد التماس قدمته حركة ريغافيم (الاستيطانية)، إلى المحكمة العليا الإسرائيلية تطالبها خلاله بتنفيذ أمرها السابق لموضوع إخلاء القرية وتهجير سكانها، مؤكدًا أن هذه الجمعية تنشط في مجال مراقبة السكان الفلسطينيين في كل مناطق "A1"، وتقوم برفع قضايا عبر المحاكم أو تلاحقهم عبر الإدارات المحلية والجيش وبكل الطرق الممكنة، في إطار نزع ممتلكاتهم ومنعهم من التمدد، ومصادرة كل الفضاءات الفلسطينية.
وأوضح غيث أن "هناك أزمة داخلية تعيشها حكومة الاحتلال الإسرائيلي مع الأحزاب اليمينة المتطرفة، وجميعهم يريدون الهروب من هذه الأزمات الداخلية بسلسلة إجراءات وقرارات وتشريعات تستهدف تقويض حلم الشعب الفلسطيني بالدولة الفلسطينية، حيث اعتبر أن تهجير قرية الخان الأحمر والتي يسكنها قرابة الـ 200 فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال وتهجيرهم لمكان آخر يأتي كمخطط لحكومة الاحتلال لبناء مشروع القدس الكبرى".
وقال عدنان غيث، محافظ القدس، إن "الاحتلال يريد إنهاء كل الوجود الفلسطيني في هذه المنطقة، بداية من بوابة القدس الشرقية وصولا إلى غور الأردن والبحر الميت، وتحويلها إلى مستعمرات استيطانية، لتوسيع رقعة ما تسمى بحدود البلدية لتحويل القدس إلى أغلبية يهودية وأقلية عربية فلسطينية"، معتبرًا أن تنفيذ هذا المخطط من شأنه أن يفصل جنوب الضفة عن شمالها، وعزل الأراضي الفلسطينية وتقويض أي وجود لدولة فلسطينية صاحبة السيادة كما أقرتها الشرعية الدولية.
نكبة ثالثة
وبحسب محافظ القدس، فإن الهجمة الإسرائيلية المسعورة على الشعب الفلسطيني ليست فقط في منطقة الخان الأحمر، بل تمتد لتشمل كل ما يمت للشعب الفلسطيني بصلة، مقدساته ومؤسساته وقطاعاته لتزييف وتحريف التاريخ، ومصادرة أموال السلطة وملاحقة الشعب، في إطار محاولة تهجير الشعب الفلسطيني مرة أخرى، مشيرًا إلى أن الفلسطينيين الذين هجروا في عام 1948 وفي عام 1967 عرضة لتهجير ونكبة ثالثة.
وعن التشريعات والقوانين التي يسعى الكنيست لسنها مؤخرًا، يرى أنها "تهدف لملاحقة أبناء الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، وعلى وجه الخصوص بالعاصمة المحتلة التي ترزح تحت وطأة وإرهاب وجرائم الاحتلال ومستوطنيه ومنظماته المتطرفة التي تعمل في الأرض فسادا بغطاء كامل من الحكومة اليمينة المتطرفة، التي يقودها قادة لمنظمات متطرفة معروفة في قتل الفلسطينيين وارتكاب المجازر".
وشدد عدنان غيث، محافظ القدس، على أن "الشعب الفلسطيني بكل مكوناته الرسمية والشعبية وقواه الفاعلة سيظل رافضًا للاستسلام وسيقاوم كل محاولات التهجير، وكذلك سيواجه التشريعات والقوانين والبلطجة والعنصرية الإسرائيلية التي تمارس ضده".
وطالب نواب بالكنيست الإسرائيلي من حزب الليكود بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بإخلاء تجمع "الخان الأحمر" البدوي شرقي القدس، وسط تأكيد سكانه الفلسطينيين على الاستعداد للموت دون ذلك.
إخلاء القرية
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية: "وصل أعضاء كنيست ونشطاء من الليكود صباح (الاثنين) إلى الخان وتوجهوا إلى الحكومة بطلب لإخلائها".
ونقلت عن عضو الكنيست داني دانون من الليكود قوله "هذه أول نقطة اختبار لهذه الحكومة".
وأوضحت الصحيفة أن "التوقيت ليس من قبيل الصدفة، حيث من المتوقع أن تقدم الدولة الأسبوع المقبل ردها إلى المحكمة العليا بشأن إخلاء البؤرة الاستيطانية كجزء من التماس قدمته حركة ريغافيم (الاستيطانية)".
وقضت المحكمة بأن تواجد الفلسطينيين في المكان "غير قانوني"، لكن الحكومة الإسرائيلية السابقة كانت قد أرجأت إخلاء التجمع في عدة مناسبات مختلفة، خاصة بسبب ضغوط دولية.
وتقول إسرائيل إن الأراضي المقام عليها التجمع البدوي "أراضي دولة" تم البناء عليها دون ترخيص، وهو ما ينفيه السكان الذين يسكنون هناك منذ عشرات السنين.
ويمثل إخلاء التجمع البدوي المحاط بالمستوطنات الإسرائيلية أهمية كبيرة للمشروع الاستيطاني حيث يقع ضمن الأراضي التي تستهدف إسرائيل تنفيذ مشروع "E1" في إطارها، بهدف ربط مستوطنة معاليه أدوميم بالقدس الشرقية، وهي العملية التي يقول الفلسطينيون إنها تهدف إلى تهويد المدينة، وتقسيم الضفة الغربية إلى قسمين، ما يقضي عمليا على خيار "حل الدولتين".
وبالتوازي مع اقتحام أعضاء الكنيست من الليكود لتجمع الخان الأحمر، نظم عشرات الفلسطينيين وقفة تضامنية داخل التجمع تضامنا مع سكانه وضد محاولات هدمه وترحيلهم.