القاهرة- سبوتنيك. واختتم البنك المركزي المصري عام 2022، برفع سعر الفائدة بنسبة 3 بالمئة دفعة واحدة، في أكبر زيادة لسعر الفائدة منذ 2016، ليصبح إجمالي الزيادة في سعر الفائدة خلال العام الماضي 8 بالمئة، حيث بلغ سعر الفائدة الحالي 16.25 و17.25 للإيداع والإقراض على التوالي، وذلك في محاولة من المركزي لامتصاص معدلات التضخم المرتفعة خلال 2022، ودعم الجنيه المصري الذي فقد نصف قيمته أمام الدولار.
وفيما تذهب بعض التوقعات إلى أن البنك المركزي سيقرر في اجتماع الغد تثبيت سعر الفائدة بعد الزيادات المتتالية، يرى أغلب المراقبين أن البنك المركزي سيستمر في رفع سعر الفائدة تحت ضغط معدلات التضخم المرتفعة، وإن كانت الآراء تختلف حول نسبة الزيادة المحتملة، حيث يتراوح أغلبها بين 1 و2 بالمئة.
ولكن بعض التقديرات تذهب أبعد من ذلك، ومنهم أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأمريكية هاني جنينة يتوقع أن معدلات التضخم الحالية وسعر الصرف يدفعان البنك المركزي لرفع سعر الفائدة غدا بنسبة 3 بالمئة، ويستشهد جنينة في ذلك بمعدلات الفائدة في عام 2017 والذي شهد مؤشرات متقاربة مع الوضع الحالي.
وفي تصريحات حصرية، لـ"سبوتنيك"، قال جنينة: "المؤكد أن البنك المركزي سيقرر غدا رفع سعر الفائدة، وبعكس ما يتصور الجميع سعر الفائدة الحالي ليس مرتفعا، لأن المفترض مقارنة سعر الفائدة بالتضخم، معدلات التضخم الحالية تتجاوز 20 بالمئة، هذا في أفضل التقديرات، كما أنها مرشحة للمزيد من الارتفاع في الفترة المقبلة، بينما سعر الفائدة المتوسط 16.5 بالمئة، أي أن البنك المركزي يحتاج لرفع سعر الفائدة على الأقل بنسبة 3 بالمئة، ليقترب فقط من معدلات التضخم الحالية".
وأضاف جنينة: "إذا راجعنا عام 2017 سنجد أن معدلات التضخم المرتفعة، والقريبة من المعدلات الحالية واكبها سعر فائدة بلغ 19.25 بالمئة، ما نستشعره جميعا حاليا أن معدلات التضخم حاليا لا تقل بأي حال عن معدلات التضخم في 2017 حتى لو ذهبت المؤشرات الرسمية لغير ذلك".
وتابع جنينة: "هناك عامل آخر، وهو سعر الصرف، إذ فقد الجنيه نصف قيمته تقريبا، وحتى الآن لم يستقر على سعر نهائي، وقد يستمر التذبذب لفترة، وسعر الفائدة أداة أساسية لدى البنك المركزي لضبط سعر الصرف، كما أن هناك خطوات سيتوجب على الحكومة اتخاذها، مثل رفع سعر الوقود، والذي ثبتته الحكومة لستة أشهر، ويجب الاستمرار في تثبيته حاليا، كما أن الفترة المقبلة بما فيها شهر رمضان، هي فترة ارتفاع في معدلات الاستهلاك، وبالتالي التضخم، بمعنى أن كافة العوامل المؤثرة في قرار البنك المركزي تدعم قرار رفع سعر الفائدة وبنسبة معتبرة".
وقلل جنينة من الآثار السلبية لرفع سعر الفائدة سواء على مناخ الاستثمار أو على الدين العام، موضحًا أن "رفع سعر الفائدة سيكون تأثيره إيجابيا على القطاع المصرفي، لأن البنوك متورطة في شهادات استثمار مرتفعة العائد، يصل عائدها إلى 25 بالمئة، ورفع سعر الفائدة لدى البنك المركزي يدعم رفع الفائدة على أذون الخزانة وسندات الخزانة وفائدة الإقراض، ما سيعوض الفائدة المرتفعة للشهادات".
وتابع جنينة: "بالنسبة للاستثمارات واحتمالات التباطؤ، فبعض الشركات التي لديها قروض عالية وتبيع في السوق المحلي، ستتضرر بشكل محدود ولفترة قصيرة، لأن ما يخلق فارق للقطاع الصناعي ما يسمى بالفائدة الحقيقية، أي الفائدة المتناسبة مع التضخم، ولذا التسعير سيكون متناسبا مع سعر الفائدة ما يقلل الأضرار ويقصر مداها بالنسبة للشركات التي تنتج للسوق المحلي، أما الشركات التي تصدر فلن تضار لأن فارق سعر العملة سيعوض سعر الفائدة".
وأضاف جنينة: "الدين العام سيتأثر سلبا، ولكن يمكن تعويضه جزئيا عبر عودة الحكومة للسندات الدولارية، والمستهدف أن تطرح مصر في السوق الدولية سندات بقيمة 3 مليار دولار، ما سيعوض التأثر السلبي على الدين العام جراء رفع سعر الفائدة".
وتشهد مصر في الفترة الأخيرة موجات تضخمية متتالية ناتجة عن ارتفاع أسعار الطاقة عالميا، وارتفاع أسعار الحبوب، وهو ما أدى أيضا للضغط على احتياطي النقد الأجنبي لسد الاحتياجات من البترول والحبوب، حيث تعد مصر مستورد صافي للبترول، كما أنها أكبر مستوردي القمح في العالم، وهو ما أدى بدوره لتراجع قيمة الجنيه بنسبة 50 بالمئة تقريبا أمام الدولار، عاكسا المزيد من التضخم على السوق المصري.
ويتوقع مراقبون أن تستمر معدلات التضخم في الارتفاع في الأشهر المقبلة، جراء تراجع قيمة الجنيه، بالإضافة للتضخم الموسمي الناتج عن ارتفاع معدلات الاستهلاك في شهر رمضان، والذي يحل في النصف الثاني من آذار/مارس المقبل.