ورغم الإعلان عن تخفيض العملة من السعر الرسمي القديم الذي يبلغ 1507 للدولار، إلى 15 ألف ليرة للدولار، فلا تزال الأسعار بعيدة بشكل كبير عن أسعار السوق الموازية، التي يتم فيها تبادل الدولار الواحد مقابل 57 ألف ليرة، وفقا لـ"سكاي نيوز".
وبحسب قرار محافظ مصرف لبنان، فإن التغيير سيطبق على القطاع المصرفي في البلاد، والبنوك التجارية التي ستتضرر من التخفيض في قيمة العملة اللبنانية، سيتم منحها فترة 5 سنوات لإعادة تعويض الخسائر الناجمة عن القرار.
ويرى سلامة أن تغيير أسعار الصرف الرسمية يعد خطوة لتوحيد أسعار الصرف المتعددة في البلاد، كما أنها تتماشى مع شروط الاتفاق الذي توصل إليه لبنان مع صندوق النقد الدولي، وهو اتفاق لحزمة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار.
تأثيرات القرار
اعتبر الدكتور عماد عكوش، الخبير الاقتصادي اللبناني، أن اعتماد المصرف المركزي لسعر صرف جديد لليرة لن يكون له تداعيات مهمة على الاقتصاد كإجراء وحيد، كون الحكومة اللبنانية تستوفي رسومها وضرائبها على سعر 15 ألف ليرة للدولار، أو يزيد لبعض الرسوم والضرائب.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، سيكون للقرار تداعيات أساسية على عدة أطراف، منها أن مصرف لبنان بات ملزمًا بإظهار بياناته المالية وفقا للسعر الرسمي الجديد وهو ما سيؤثر على صورة هذه البيانات والتي ستتضمن خسائر كبيرة جدا يمكن أن تصل إلى حدود 700 تريليون ليرة وهو رقم كبير جدا قياسا لموجودات مصرف لبنان، وهي تعادل بسعر السوق الحقيقي حوالي 13 مليار دولار.
ولفت إلى أن القرار سيؤثر كذلك على المصارف التجارية التي ستصبح أموالها الخاصة سلبية، وستكون عرضة للإفلاس، وكذلك على المودعين الذين يقبضون ودائعهم أو جزء منها على سعر 15 ألف ليرة، إضافة إلى بائعي التجزئة حيث الذي بات عليهم الالتزام بالتسجيل لدى دائرة القيمة المضافة ودفع ضرائبهم على السعر الجديد.
ويرى عكوش أن القرار يهدف إلى الوصول لتوحيد أسعار الصرف، وبالتالي إلغاء الأسعار المتعددة، كما يهدف إلى زيادة واردات الدولة، وهو مطلب لصندوق النقد الدولي، مؤكدًا أن هذه الخطو هي الأولى، ويجب أن تتبعها خطوات أخرى للوصول إلى سعر موحد لضبط حركة الدولار في السوق، مع زيادة قدرة الدولة على امتصاص الكتلة النقدية، كلما رفع السعر الرسمي.
مزيد من الانهيار
من جانبه، اعتبر أسامة وهبي، الناشط المدني اللبناني، أن تبني سعر صرف جديد وإنهاء السعر القديم لليرة في البلاد، يعني مزيدا من انهيار العملة اللبنانية، وتعميق معاناة اللبنانيين، ومزيدًا من التضخم، وهو ما يؤدي لكارثة على مستوى المجتمع اللبناني، حيث لم يحدث أي تعديل أو تصحيح في أجور الموظفين التي لا تتخطى لدى الكثيرين الـ 20 دولارًا، في حين تحتاج الأسرة المتوسطة إلى 1000 دولار شهريًا.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، السعر الجديد كارثي، وقد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار والضرائب، كما أنه سيؤثر على ما تبقى من أموال المودعين اللبنانيين لدى المصارف، حيث مضطرون إلى سحبها على السعر الجديد، وهو ما يزيد من حدة الأزمة ويضاعف عملية التخبط الحكومي، فكل قرارات البنك المركزي ترقيعية ولن تؤدي للخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة بل إلى المزيد من الانكماش الاقتصادي.
ولفت وهبي أن الكثير من الاحتياجات الأساسية في لبنان لم تعد موجودة، هناك معاناة في استيراد المواد الأساسية من طحين ودواء ومحروقات، والدولار الأمريكي في تصاعد، ولا يوجد أي سقف لهذا الأمر، ولبنان لا يستقبل أي عملة أجنبية سوى من تحويلات المغتربين التي لا تتجاوز الـ 7 مليارات دولار في السنة.
وقال إن القرارات الاقتصادية تزيد من التدهور، مع غياب تام لأي ملامح حلول للأزمة في الأفق، مشيرًا إلى أن عملية تعطيل القضاء التي تحدث حاليًا في لبنان، تعد العدو الرئيسي لجلب الاستثمارات من الخارج، بل وطرد الموجودة حاليًا.
وأكد أن الأزمة الاقتصادية تتعلق بعملية الانكماش السياسي في لبنان، وهناك حاجة ماسة إلى رئيس من خارج العقلية التي حكمت لبنان على مدار 30 عامًا، ويكون لديه خطة متكاملة لإنقاذ البلاد من الانهيار الكبير.
وكانت وزارة المالية قد أعلنت العام الماضي أنها ستطرح سعر الصرف الرسمي البالغ 15 ألفا في نوفمبر/ تشرين ثاني، لكن هذه الخطوة لم تنفذ.
وفي ظل مواجهة ارتفاع معدل الفقر والانهيار المالي، شهدت الليرة اللبنانية بأكثر من 95% في قيمتها السوقية مقابل الدولار منذ عام 2019.