مؤتمر فرنسا الخماسي... لماذا لا يثق اللبنانيون في باريس لحل أزمة الفراغ الرئاسي؟

ويأتي الاجتماع في سياق حث النواب اللبنانيين على الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، آخذين بعين الاعتبار المواصفات التي يُفترض أن يتمتع بها لطي صفحة التصدع الذي أصاب علاقات لبنان بالمجتمع الدولي كشرط لمساعدته للنهوض من أزماته الكارثية، وفقا لـ"الشرق الأوسط".

وسبق وأن طرحت فرنسا العديد من المبادرات لحل الأزمة السياسية في لبنان، والتي فشلت جميعها، ما جعل اللبنانيين لا يثقون بقدرة باريس على حلحلة الوضع المتأزم، وفقا للمراقبين.

قال علي عبدو، المحلل السياسي اللبناني، إن فرنسا تعد أحد أبرز شركاء لبنان على الصعيدين السياسي والاقتصادي، والثقافي والعلمي وغيرها من التفاصيل التي تهم البلدين، فالعلاقات التاريخية واحدة في مختلف الحقب والاستحقاقات سواء كانت داخلية أو دولية، وطالما كان لفرنسا مواقف داعمة لوحدة واستقرار لبنان، ومساهمات أساسية في تعزيز دور المؤسسات هناك.

وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، من الطبيعي أن تكون العلاقة بين البلدين متشعبة وتخضع للكثير من التجاذبات، خاصة في بلد كلبنان، الذي لم يكن يوما محط إجماع بين اللبنانيين، نتيجة التباينات واختلاف الرؤى والمقاربات في رسم السياسات العامة، وكذلك التباينات واختلاف الرؤى الدولية تجاه الحلول في لبنان.

ولفت إلى أنه ليس من المستغرب أن تعاود فرنسا محاولتها لنجدة لبنان بعد المحاولات العديدة في السنوات الماضية والتي لم تؤد إلى نتيجة إيجابية، وبعد تأجيل الاجتماع الذي كان مقررا أوائل الشهر الجاري، عاودت وزارة الخارجية الفرنسية الدعوة للاجتماع، بحضور الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية ومصر وقطر.

وأكد أن الاجتماع يأتي في ظل انسداد الأفق السياسي والانقسام العامودي بين اللبنانيين، لا سيما في ظل الخطابات السياسية والدينية التي باتت تدعو لتدخلات دولية، وتصريحات مضادة ترفض الموضوع بشكل كلي، والمس بسيادة الدولة اللبنانية.

ويرى عبدو أن فرنسا تدرك بأن الأزمة أعمق بكثير من الوصول لحلول أو تفاهمات سريعة خلال اللقاء المرتقب، إلا أن الهدف هو حس الفرقاء السياسيين على تحمل مسؤولياتهم للوصول لحل داخلي بدعم دولي، يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية كمقدمة للبحث عن حلول للأزمة، ووقف الانهيار الحاصل، خاصة أن الواقع الدولي مأزوم ومرتبك.

ووصف المحلل السياسي اللبناني الدعوة بـ "الخجولة"، التي تحمل رسالتين، الأولى تقول إنه لا يوجد رؤية دولية جامعة لحل الأزمة اللبنانية، وهو ما خرج على لسان أكثر من مسؤول غربي بما له من تداعيات على تعميق الأزمة، والثانية تؤكد أن الحل بيد اللبنانيين هذه المرة، ويجب عليهم تحمل مسؤولياتهم، في مقدمتها انتخاب رئيس الجمهورية كمقدمة لإقناع المجتمع الدولي وعودة الثقة الدولية تجاه البلد.

وقال إن اللبنانيين لا يعولون كثيرا على المؤتمر الفرنسي، بيد أن الحل بيد اللبنانيين هذه المرة، والانقسام لا يزال ساريا، ولا يوجد حلول قريبة في المدى المنظور كما هو واضح الآن من تحركات وتصريحات على الساحة الداخلية، وأن الأزمة تراوح مكانها ولا حل في المدى القريب لها.

استبعد ميخائيل عوض، المحلل السياسي اللبناني، أن يقدم اجتماع باريس المرتقب أي حلول للأزمة اللبنانية، سواء تلك التي تتعلق بالفراغ الرئاسي وانتخاب الرئيس في البرلمان، أو المرتبطة بالأزمة الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة وانهيار العملة المحلية لمستويات غير مسبوقة، أو لغيرها من الأزمات الضاربة في لبنان.

وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك":

ويرى أن فرنسا ليس لها أي تأثير في لبنان، أو قدرة على التأثير في بنيته الداخلية، ولا فرصه لتمويل المنظومة التي نهبت لبنان، أو القدرة على تقديم الحلول للأزمة الاجتماعية الاقتصادية الضاربة في لبنان طولًا وعرضًا.

وأكد أن اللبنانيين لا يمكنهم التعويل على فرنسا بعد أن جربوا عنتريات ماكرون ولغته الكلامية لمرات عدة، عندما حضر للبنان وتحدث وفرض شروطه ووعد، وفي النهاية لم يخرج عنه أي شيء ذو قيمة.

وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أن باريس ستستضيف بعد غد الاثنين اجتماعا دوليا لحل الأزمة اللبنانية، وأن الاجتماع يضم ممثّلين عن كل من فرنسا والولايات المتحدة ودول عربية، فى محاولة لتشجيع السياسيين اللبنانيين على إيجاد مخرج للأزمة التى يتخبّط فيها بلدهم.

ويعاني لبنان من فراغ رئاسي منذ 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2022، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس جديد للبلاد في 11 جلسة، وتقوم حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي بإدارة شؤون البلاد في ظل أزمة اقتصادية خانقة أنهكت المواطن اللبناني، إضافة إلى عمق الأزمة التي يعانيها النظام السياسي اللبناني نتيجة للمحاصصة الطائفية والمذهبية.

ويؤمل من مؤتمر باريس أن يقدم آلية لحل الأزمة في لبنان، تمكن من التوصل لاتفاق حول اسم الرئيس القادم ورئاسة الحكومة.