وسعت الحركة النسوية العربية طوال تاريخها إلى اكتساب الحقوق القانونية والسلطة السياسية والحق في الاقتراع والتصويت، وإنهاء التمييز في المجتمع والمساواة في التعليم والعمل.
في مصر يذكر التاريخ أسماء كثيرة؛ كهدى شعراوي وصفية زغلول، وفي سوريا الصحفية والكاتبة هند نوفل، أول امرأة عربية تصدر مجلة نسوية، والمناضلة السورية نازك العابد، والشاعرة والأديبة الفلسطينية مي زيادة، وفي تونس هناك بشيرة مراد والتي عُرض فيلم وثائقي عنها مساء أمس السبت في مدينة الثقافة التونسية.
احتفاء متأخر
الفيلم الوثائقي حمل اسم "التونسية" وتناول السيرة الذاتية لرائدة الحركة النسائية التونسية بشيرة مراد، (1913 - 1993) وسط أجواء احتفالية واحتفائيه بالعمل الذي طال انتظاره.
والشريط من بطولة الممثلة حليمة داود وإخراج منصف بربوش، الذي أعلن أن العمل استغرق سنتين، لكن عملية جمع الوثائق والصور الخاصة بالراحلة بشيرة بن مراد استغرق ثلاثين سنة.
ولفت بربوش في تصريحات نقلتها وسائل إعلام تونسية إلى أنه "لم يتلق أي تمويل من الدولة التونسية مكتفيا بإمكانياته المادية الشخصية وبدعم من عائلة المناضلة الراحلة".
وكشف عن عدم عثوره على أي وثائق في الأرشيف الوطني التونسي تتعلق ببشيرة داود، وأنه "استند إلى وثائق متنوعة تحصل عليها من الأرشيفين الفرنسي والبلجيكي".
وسعى الشريط الوثائقي لرسم صورة مكتملة على بشيرة بين نضالها الديمقراطي والتحرر الفكري المجتمعي منطلقا من دور عائلتها الذي أثرى معرفتها.
ويتضمن العمل شهادات عن مشاركة المناضلة الراحلة في الحراك الذي عرفته تونس خلال النصف الأول من القرن العشرين، وأكد المخرج في تصريحاته أنه "اعتمد على الكثير من الشهادات الحية والمتنوعة من عائلة بن مراد وشخصيات حقوقية وسياسية من أصدقائها".
من هي بشيرة مراد؟
تصنف بشيرة مراد كواحدة من رائدات العمل النسوي والتحرري في تونس، ولدت يوم 11 أغسطس/ آب عام 1913، والدها الشيخ محمد الصالح بن مراد، وكان حريصا على أن تتلقى ابنته تعليمها في جامع الزيتونة، الذي كان يعتبر جامعة علمية دينية.
تلقت بشيرة علوم الدين من الفقه والتفسير، وتمكنت من اللغة العربية وأتقنت قواعدها، وحفظت قصائد الشعر العربي، شجعها والدها على رغبتها للكتابة والتعبير عن أفكارها.
تزوجت بشيرة عام 1929، عندما كان عمرها 16 عاما، وكان زوجها الشيخ صالح الزهار، الذي كان يعمل في سلك العدول القضاء.
شجعها زوجها على الاهتمام بالأوضاع السياسية والمشاركة في المجال العام، وبدأت في الكتابة ونشر المقالات، وكانت تكتب بأسماء مستعارة أحيانا.
في هذه المقالات ركزت بشيرة على تحرير المرأة التونسية، ومنحها حقوقها كاملة، والسعي نحو إشراكها في المجال العام ومساواتها بالرجل، دون التخلي عن الضوابط والحدود الإسلامية.
وفي عام 1936 أسست بشيرة الاتحاد النسائي الإسلامي التونسي، كأول منظمة تعنى بحقوق المرأة في تونس، الذي كان يهدف إلى جانب تعليم الفتيات والمطالبة بحقوقهن كان له دور كبير في دخول المرأة التونسية للسياسة ولحركة التحرير الوطني فترة الاستعمار الفرنسي، لتصبح بذلك بشيرة رائدة النسويات التونسيات.