وخلال مؤتمر صحفي عقد في مقر الوزارة في دمشق، الخميس 9 فبراير/شباط، للوقوف على آخر تطورات تداعيات الزلزال، عرض الوزير السوري مشاهد لعمليات الإنقاذ التي تتم في مختلف المناطق المنكوبة وإخراج الناجين من تحت الأنقاض، كاشفاً أن حصيلة الضحايا في المناطق التي تقع تحت سيطرة الدولة السورية وصل إلى 1347 شهيدا 2290 مصاباً، في حصيلة غير نهائية ومرجحة للازدياد مع مرور الأيام وتضاؤل الفرص بوجود ناجين تحت ركام المباني.
وأوضح الغباش أن المشافي والمراكز الصحية تعمل بأقصى طاقاتها لتقديم الخدمات الطبية لكافة المحتاجين، وأن جميع الاحتمالات مفتوحة في قادم الأيام معبرًا عن أمله أن تكون الخسائر محدودة.
كذلك لم يخف الوزير السوري قلقله إزاء المباني الآيلة للسقوط والتي أصبحت غير قابلة للسكن، الأمر الذي سيزيد أعباء في تقديم الاحتياجات للمنكوبين ولمدة ليست قصيرة، وأضاف: "نعمل مع الناجين الموجودين خارج منازلهم وتأمين استجابة لهم عبر إقامة نقاط طبية وعيادات متنقلة في المراكز والمناطق التي احتضنتهم"، منوهًا إلى وجود تحديث يومي لأعداد الضحايا والمصابين سيصدر عن وزارة الصحة مع استمرار عمليات الإنقاذ، أما البيانات الأخرى حول الأبنية وأعداد المنكوبين في مراكز الإيواء، فستتولى وزارات أخرى الحديث عنها.
الغباش أكد أيضاً أن طريقة إدارة الحكومة السورية للكارثة وتداعياتها خفف من حدة الأضرار، فمنذ اللحظات الأولى لكارثة الزلزال، وبعد توجيه من الرئيس السوري بشار الأسد الذي اجتمع مع أعضاء الحكومة خلال الساعات الأولى للزلزال، تم تفعيل غرف الطوارئ في وزارة الصحة واستفارها في جميع المحافظات المنكوبة، وعلى الفور تم العمل على إرسال وإدارة حركة القوافل الطبية إلى المناطق المتضررة.
معاناة من "الزلزال الغربي"
وحول الصعوبات التحديات التي يواجهها القطاع الطبي السوري، أوضح وزير الصحة أن معاناة القطاع الطبي السوري ليس فقط من الزلزال الذي ضرب منذ أيام، إنما أيضاً من الزلزال الغربي الذي يضرب سوريا على مدى 12 عاماً ويعيق القطاع الطبي من ترميم نفسه، وتابع بالقول: "لا أتحدث هنا من منطلق سياسي بل من منطلق طبي وإنساني، فالعقوبات التي تفرضها الدول الغربية على بلادنا لا تقيم وزنا لحياة مواطنينا حتى في مثل هذه الكوارث الطبيعية".
ولفت إلى أن الحاجة الطبية اليوم هي الحاجات الأساسية والطارئة التي تساهم في مواجهة الكارثة إضافة إلى نقص التجهيزات الطبية الكبيرة، الأمر الذي كان له تأثير على عمليات إنقاذ الحياة، كما شدد على ضرورة صدور قرار دولي برفع العقوبات عن سوريا، لافتاً إلى أن الحكومة سوريا لا تستجدي أحداً بهذه المطالبات وهذا حقها الطبيعي.
نداء إلى الأمم المتحدة
ودعا الوزير السوري الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة والأمانة العامة للمنظمة واللجنة الدولية للصليب الأحمر وغيرها من المنظمات ذات الصلة إلى بذل كل الجهود لإيصال المساعدات المنقذة للحياة إلى سوريا لمواجهة الكارثة، وأضاف أن وزارته تقوم يومياً بإعلان احتياجاتها في قوائم ترسل إلى وزارة الخارجية والجهات المعنية لإيصالها على أوسع نطاق.
تدفق المساعدات مستمر
وبيّن الوزير الغباش أن تدفق المساعدات مستمر إلى سوريا وأن النقص بالآليات تم تعويضه مع استمرار غياب الآليات النوعية التي تساعد بشكل كبير في عمليات الإنقاذ المستمرة على مدار الساعة، وعبّر عن أمله بوصول هذه المساعدات النوعية والأجهزة الطبية مع القوافل التي تصل تباعا إلى البلاد، وأضاف أن أبواب والمؤسسات الحكومية السورية الخاصة مفتوحة أمام من يريد إرسال المساعدات وعلى استعداد للتعاون، حيث توجد آلية لاستقبال المساعدات وضعتها اللجنة العليا للإغاثة بالتنسيق مع منظمة الهلال الأحمر العربي السوري، تتولى استقبالها وتوزيعها على القطاعات المختلفة لإيصالها إلى مستحقيها.
وحول التبرعات التي وصلت من الداخل والخارج، أوضح وزير الصحة أن أي تبرع وصل بشكل رسمي وفق المحددات التي وضعتها الحكومة السورية سيصل إلى المستحقين، مشيراً إلى وجود كميات من المساعدات وصلت من دول عدة يجري العمل على تنظيمها، الأمر الذي يتطلب بعض الوقت ليصار إلى تسليمها بشكل أصولي.
وأشاد الوزير السوري خلال المؤتمر بالجهود الجبارة والأعمال البطولية التي بذلتها قوات الجيش السوري والدفاع المدني والطواقم والهلال الأحمر العربي السوري والمجتمع الأهلي لنجدة المنكوبين، إضافةً إلى مهنية فرق الإنقاذ الروسية وطواقم الحماية الجزائرية والعراقية واللبنانية والأردنية وغيرها ممن وصلت في الأيام الأولى للكارثة لتقديم يد العون، مؤكداً أن هذا التضامن كان كفيلا بمواجهة الصدمة الأولى للكارثة.
وختم وزير الصحة حديثه للصحفيين بالإشارة إلى أن القطاع الطبي السوري قبل الحرب كان يضرب المثل به في المنطقة، واليوم وبعد سنوات طويلة تم استهلاك الكثير من إمكانياته وتضرر جزء كبير منه بالتزامن مع فرض العقوبات منعت أي تعويض لهذه الخسائر، وتابع بالقول: "سوريا مفتوحة للجميع ومتسامحة ومحبة للجميع وكل أخوتنا وأصدقائنا يعلمون ذلك، ونتمنى أن تكون هذه المحنة فاتحة لمد يد التعاون مع سوريا ليس فقط خلال هذه الكارثة بل في المستقبل أيضا".