ما حقيقة تلك التقارير وهل اقتربت الدولتان من التوقيع النهائي وما العقبات التي يمكن أن تقف في طريق تلك الخطوة والموقف الداخلي والخارجي ومدى القدرة القانونية والدستورية للسلطة الحالية في المضي قدما في تلك الاتفاقات؟
بداية يقول الفريق جلال تاور، الخبير العسكري والاستراتيجي السوداني: "الحديث عن القاعدة البحرية الروسية مجددا جاء بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى الخرطوم وطرح مسالة المصالح الروسية مع السودان".
قرار شعبي
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "خلال الساعات الماضية تناثرت أنباء عبر العديد من منصات التواصل الاجتماعي، بأن القوات المسلحة السودانية قد رتبت أمرها مع الجانب الروسي على قيام القاعدة البحرية التي يدور حولها الحديث (فلامنجو)، وعلى كل حال فإن الاتفاق النهائي ليس قرار سيادي بقدر ما هو قرار شعبي عن طريق المجلس التشريعي المنتظر، حيث أن أي اتفاقات دولية لا يمكن أن ترى النور قبل أن تجيزها البرلمانات المنتخبة، وما يجري الآن هو عملية ترتيب للوضع الداخلي وإعطاء الموافقات الأولية ولم يأتي البرلمان بعدها، وما يتم تناوله هو مراجعة خطوات إنشاء تلك القاعدة".
وأشار تاور، إلى أن الغرب والخارجية الأمريكية أعلنوا صراحة أنهم لا يرغبون في هذا التواجد العسكري الروسي بشكل محدد، وما تم مراجعته هو تواجد قاعدة عسكرية بحرية لوجستية، تضم عددا محدودا من القوات لكنها تمتلك إمكانيات هائلة وهو ما يزعج الولايات المتحدة الأمريكية فعليا.
بيان رسمي
وتابع الخبير العسكري: "كما أن الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الروسي، يبدو أنه قد نتج عنها تفاهمات مع القيادة الحالية للدولة، وإن لم يكن هناك بيان رسمي معلن إلا أن وسائل التواصل تحدثت عن هذا الأمر بالإضافة لبعض التسريبات لوكالات الأنباء، لكن كل الجهات الحكومية المسؤولة لم يصدر عنها أي شيء حتى الآن، نحن الآن في وضع انتقالي يسعى لتأسيس وضع انتقالي جديد.
وأكد الخبير العسكري، أنه مهما صدرت من قرارات الآن من السلطات الحاكمة فإنها سوف تخضع لمراجعة وتأييد أو رفض من جانب البرلمان المنتخب القادم، لأنه السلطة السيادية الخاصة بالشعب، وكل الاتفاقات التي يتم توقيعها بصورة أولية وخاصة تلك الاتفاقية التي نتحدث عنها، لا يمكن أن تصدر فقط من قرار فردي أو من مجموعة، هذا الأمر يخص الشعب وهو الأدرى والأقدر في الحفاظ على مصالحه.
تحديد الخيارات
من جانبه، يقول الدكتور محمد مصطفى، رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان، في الحقيقة السودان دولة كاملة السيادة ومن حقها تحديد خياراتها الاستراتيجية وفقا لمصالحها وفي ذلك يمكنها التعاون مع أي دولة اقتصاديا أو عسكريا أو سياسيا أو جميعها.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "لكن السودان الآن يمر بمرحلة بالغة التعقيدات، وظل منذ انقلاب 25 أكتوبر/تشرين أول 2021 بدون حكومة انتقالية متوافق عليها من قبل القوى السياسية، وبالتالي الأولوية الآن تكمن في حل الأزمة الحالية وتشكيل الحكومة المدنية التي يمكن أن تحدد حجم المصالح التي يجنيها السودان من اتفاقية القاعدة البحرية الروسية على ساحل البحر الأحمر.
الفترة الانتقالية
وتابع مصطفى، أن "روسيا دولة عظمى لا يستهان بها وقد أثبتت جدارتها في حماية حلفائها خاصة في الحالة السورية، لكن السودان ووفقا لهذه المرحلة ومتطلباتها يفضل أن يكون بعيدا عن النزاعات والتقاطعات الدولية، لذلك هناك بعض القوى السياسية والثورية ترى إرجاء الاتفاق وتأجيل اعتماده إلى ما بعد الفترة الانتقالية، فأي حكومة غير منتخبة قد لا تَمنح أي ضمانات لمثل هذه الاتفاقيات".
أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الخميس الماضي، في مؤتمر صحفي مع نظيره السوداني علي الصادق، أن موسكو والخرطوم في طور التصديق على نقطة للبحرية الروسية في البحر الأحمر.
وقال لافروف للصحفين، في الخرطوم: "أما الاتفاق على إنشاء مركز دعم مادي للبحرية الروسية في السودان فهو الآن في طور المصادقة عليه".
من جانبه، قال وزير الخارجية السوداني علي الصادق، إنه ناقش مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في الخرطوم، القضايا ذات الاهتمام المشتركة.
وأكد دعم بلاده لمساعي روسيا لإرساء التعددية القطبية في العالم وإصلاح الأمم المتحدة.
وتابع: "اتفقنا على موضوع إصلاح الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي"، مضيفًا أن "السودان يدعم السعي الروسي لخلق عالم متعدد الأقطاب والعمل على خلق أمم متحدة تتساوى فيها جميع الدول".
وأوضح الوزير أيضا أنه أكد للجانب الروسي أن "السودان سيكون مشاركا في المنتدى الروسي الأفريقي الذي سينعقد في شهر تموز/يوليو القادم".
ووصل لافروف إلى الخرطوم، يوم الأربعاء الماضي، في زيارة رسمية، التقى خلالها مع نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، محمد حمدان دقلو، ورئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان.