ويوم الأربعاء، أعلنت الحكومة الفلسطينية عن مقتل 11 فلسطينيًا وإصابة أكثر من مئة آخرين برصاص الجيش الإسرائيلي في مدينة نابلس، وتبع ذلك إضراب عام أمس الخميس في مناطق مختلفة بالضفة.
وقررت القيادة الفلسطينية التوجه إلى مجلس الأمن الدولي، لعقد جلسة طارئة لطلب الحماية الدولية للشعب الفلسطيني و"إدانة المجزرة، التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في مدينة نابلس".
وطرح البعض تساؤلات بشأن الانتهاكات الإسرائيلية وإمكانية استصدار قرار بمجلس الأمن الدولي ضد تل أبيب، لا سيما بعد التنديد الغربي والدولي.
تحرك مطلوب
اعتبر الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلوم السياسية والمستشار الفلسطيني في العلاقات الدولية، أن "الجريمة" التي قامت بها القوات الإسرائيلية هي "عدوان جديد يضاف إلى مسلسل العدوان والجرائم الطويلة على الشعب الفلسطيني"، موضحًا أن "هذه الجريمة ليست بالجديدة على سلوك هذا الاحتلال الدموي".
وقال في حديث لـ "سبوتنيك"، إن الصورة باتت واضحة تمامًا، و"الاحتلال" لا يريد التهدئة والسلام مع الفلسطينيين، مؤكدًا أن المجتمع الدولي أصبح أمام اختبار حقيقي في مصداقيته وفي جديته التي بات يخدع الجميع بها، ويثرثر بها لعقود مضت من القرارات والوعود والمشاريع الدولية لحل الصراع.
وأكد شعث أن العالم "إن لم يكن جادًا وصادقًا في حل الصراع، فإن إسرائيل ستواصل جرائمها ضد المدنيين في فلسطين دون أي اعتبار للقوانين والتشريعات الدولية"، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي يتبع سياسة الكيل بمكيالين في تعامله مع الملف الفلسطيني، مقابل الملفات الدولية الأخرى.
ولفت إلى أن الشارع الفلسطيني الذي "مل من القرارات والوعود والخداع الدولي"، سيواصل "نضاله"، ولا خيار أمامه "سوى الصمود والنضال الوطني، بكافة الأشكال المشروعة، وصولًا لتحقيق حقوقه الوطنية المشروعة بالحرية والاستقلال".
انفجار الأوضاع
من جانبه، اعتبر المستشار زيد الأيوبي، المحلل السياسي الفلسطيني والقيادي في حركة فتح أن "المجزرة" التي ارتكبها "جيش الاحتلال" الإسرائيلي في نابلس كانت مخططة ومدبر لها مسبقا وقد صممت حكومة نتنياهو - بن غفير على الانقلاب على الجهود الدولية والعربية التي تسعى لاحتواء التصعيد وتهيئة المناخ السياسي لعودة الفلسطينيين والإسرائيليين إلى طاولة المفاوضات من جديد.
وتابع في حديث لـ "سبوتنيك"، أن "القيادة الفلسطينية أبدت تعاونا منقطع النظير مع المساعي الدولية الهادفة للجم العدوان الإسرائيلي على المدن الفلسطينية"، مستدركا بأن "حكومة نتنياهو أثبتت من جديد بأنها لا تحترم العهود والاتفاقات بل إنهم ينقلبون على أي جهود دولية لإنهاء هذا العدوان".
وأشار الأيوبي إلى أن القيادة الفلسطينية تواصل الليل بالنهار لوضع المجتمع الدولي عند مسؤولياته الدولية تجاه القضية الفلسطينية وتوفير حماية دولية للشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أن "المواقف الدولية التي سمعناها والتي تتضمن التنديد والاستنكار والشعور بالقلق تجاه جرائم الاحتلال لا يمكن لها أن تنصف الإنسان الفلسطيني ولا يمكن أن تلجم العدوان الإسرائيلي على المدنيين والأبرياء".
وبيّن أن "القيادة الفلسطينية ووزارة الخارجية تسعى لحشد الدعم للموقف الفلسطيني والتوجه لمجلس الأمن من جديد لإدانة هذا العدوان الإسرائيلي لكن من المتوقع أن تقوم أمريكا بالتصدي لهذا التوجه من خلال الفيتو".
ولفت الأيوبي إلى أن الوضع الأمني في الضفة الغربية والقدس آخذ بالتدهور خصوصا بعد التهديدات التي أطلقها القادة الإسرائيليون ومنهم نتنياهو وبن غفير "ولذلك نحذر من مغبة ارتكاب الإسرائيليين لمجازر جديدة بحق الفلسطينيين خصوصا قبل شهر رمضان المبارك، والذي نتوقع فيه اشتداد الهجمة الإسرائيلية على المسجد الأقصى والمقدسيين، بما يؤكد انفجار الأوضاع في هذا الشهر، إذا لم يتم وضع حد لجرائم الاحتلال وتعنت حكومة التطرف الإسرائيلية".
انفجار كامل
بدوره، اعتبر فادي أبو بكر، المحلل السياسي الفلسطيني، أن "مجزرة نابلس" التي قامت بها إسرائيل، جاءت كشاهد حقيقي أمام المجتمع الدولي، عن أن إسرائيل كالعادة لم تستطع الالتزام بأي من الاتفاقيات، سواء كانت شفوية أو مكتوبة، ولا حتى تلك التي تشرف عليها الولايات المتحدة الأمريكية.
ومضى في حديثه لـ "سبوتنيك"، بأن الجماهير الفلسطينية ستتحد لمواجهة التصعيد الإسرائيلي والتلاحم الشعبي سيزداد، مضيفا أنه "إذا لم يتخذ مجلس الأمن قرارا جريئا ضد إسرائيل، فإن الأجواء المحتقنة أصلاً، ستتفاقم إلى فعاليات ومواجهات أكبر، قد تصل إلى انفجار حقيقي في كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة".
وأمس الأول (الأربعاء)، شيعت جماهير غفيرة جثامين 10 فلسطينيين، قتلوا إثر مداهمة القوات الإسرائيلية مدينة نابلس، بالإضافة إلى إعلان وزارة الصحة الفلسطينية مقتل مسن متأثرا بإصابته خلال الاقتحام ذاته، ما يرفع الحصيلة إلى 11 قتيلا.
من جانبها، اعتبرت وزارة الصحة الفلسطينية، شهري كانون الثاني/ يناير، وشباط/ فبراير 2023، الأكثر دموية منذ انطلاق الانتفاضة الفلسطينية الثانية، عام 2000.
وقالت وزارة الصحة، في بيان لها، إنه "حسب البيانات المتوفرة لدينا، فإن بداية هذا العام هي الأكثر دموية في الضفة الغربية، منذ عام 2000 على الأقل؛ حيث لم يتم تسجيل هذا العدد من الشهداء [61]، خلال الشهرين الأولين في الأعوام الـ 22 الماضية".
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس الخميس، إن إسرائيل ستواصل العمل بقوة في كل القطاعات القريبة والبعيدة لإحباط جهود من يسعى إلى المساس بجيشها ومواطنيها.
وحول العملية التي نفذها الجيش الإسرائيلي في نابلس، قال نتنياهو: "دعوني أشيد بقوات المخابرات والاستخبارات العسكرية على المعلومات الاستخباراتية الدقيقة, وكذلك المقاتلين الذين قاموا بتنفيذ المهمة ببطولة وهدوء تحت إطلاق للنار".