هل يطيح رفض الشارع بخطة الإصلاح القضائي في إسرائيل بعد المصادقة عليها بالقراءة الأولى؟

على الرغم من التظاهرات الشعبية العارمة، والرفض الدولي الكبير لهذه التوجهات، تمضي حكومة بنيامين نتنياهو قدما في قضية التعديلات القضائية، وذلك بعد إقرار القوانين بالقراءة الأولى داخل الكنيست الإسرائيلي.
Sputnik
وبموجب التشريعات الجديدة، سيتم تغيير لجنة تعيين القضاة بحيث يمتلك الائتلاف الحكومي سلطة مطلقة عليها، كما تسلب المحكمة العليا (أعلى سلطة قضائية في البلاد) سلطاتها في التدخل بمشاريع القرارات التي يقرها الكنيست، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت".
وتمت الموافقة على التشريعات بالقراءة الأولى بأغلبية 63 صوتا (من أصل 120 بالكنيست) مقابل 47 معارضا. ومن المقرر أن يصوت الكنيست، في وقت لاحق، على القراءتين الثانية والثالثة، لتصبح تلك التشريعات قانونا نافدا. وجاء التصويت في وقت احتشد فيه آلاف المتظاهرين ضد خطة الحكومة لإصلاح النظام القضائي خارج الكنيست.
وطرح البعض تساؤلات بشأن خطورة التصويت على هذه التعديلات القانونية داخل الكنيست بالقراءة الأولى، وهو ما يعني تمريرها في وقت لاحق.
الكنيست الإسرائيلي يصادق على تشريعات تحد من دور السلطة القضائية
عنصرية وفاشية
اعتبر محمد حسن كنعان، رئيس الحزب القومي العربي، وعضو الكنيست الإسرائيلي السابق، أن ما يزيد عن 50% من الجمهور الإسرائيلي والقيادات العسكرية والاقتصادية والأكاديمية، وجهاز التربية والتعليم والنقابات المختلفة تهاجم هذه الخطة القضائية، التي تقود إسرائيل من دولة "ديمقراطية" إلى دولة ديكتاتورية من الصف الأول، دولة معادية لحقوق الإنسان ولحقوق المواطنين.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن كل هذه القوانين والتي جاءت ضمن ما سميت بالثورة القضائية لحكومة نتيناهو، هي قوانين تذهب بإسرائيل إلى الديكتاتورية والأبارتهايد، إلى دولة يحكمها الجهاز الديني، والأحزاب الدينية الفاشية المتطرفة، وهو أمر يشكل خطرًا على وجودنا في هذه البلاد.
الأمم المتحدة تدعو إسرائيل لوقف التعديلات التشريعية المقترحة حول السلطة القضائية
وأكد كنعان أن الكثير من الدول والجهات الأوروبية والعالمية تحذر من مخاطر هذا الانقلاب على السلطة القضائية في إسرائيل، لأنه في ظل هذه القوانين لم يعد هناك دورا للسلطة القضائية أمام التنفيذية والتشريعية، حتى الآن كان بإمكان محكمة العدل العليا أن تلغي قانونا سن بالكنيست، بينما اليوم يريدون أن يجهزوا على الجهاز القضائي ويسنوا قوانين بموجبها لا تتمكن أي محكمة من إلغاءها وإن كانت جائرة وعنصرية وفاشية.
وأوضح أن المواطنين العرب يخشون من هذه القوانين، والتي تشكل خطرا على المجتمع العربي في الداخل، حيث تستهدف وجودهم وتحاول تهجيرهم، معتبرًا أن هذه القضية هي أكثر ما يواجهها الكيان الإسرائيلي منذ قيامه.
آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام الكنيست قبيل التصويت على خطة "إصلاح القضاء"
حرب كبيرة
من جانبه قال الدكتور أيمن الرقب، الخبير الفلسطيني في الشؤون الإسرائيلية، إن ائتلاف نتنياهو الحاكم داخل إسرائيل، صوت بأغلبية 63 صوتا لصالح مقترح التغيير القضائي وسيطرة الساسة على القضاء بشكل عام داخل "دولة الاحتلال"، على الرغم من التظاهرات والاعتراضات من قبل الجمهور الإسرائيلي ومبادرة الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ لحل أزمة الانقلاب القضائي.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن التحركات الداخلية والشعبية لم تمنع التصويت على مشروع القانون بالقراءة الأولى، ومن المتوقع أن يتم إقراره بالقراءة الثانية والثالثة الأسبوع القادم، وهذا يعطي دفعة لحكومة نتنياهو حيث سيتم لاحقا إلغاء الإجراء القضائي ضد أرييه درعي رئيس حركة شاس وسيعود بعد ذلك بمنصب وزير للداخلية ونائب لرئيس الحكومة.
واعتبر الرقب أن سيطرة الساسة على القضاء ستكون بمثابة الدافع القوي لتماسك حكومة نتنياهو واستمرارها في العمل، مشيرًا إلى أن المعارضة تهدد بتظاهرات عارمة يوم الأربعاء بشكل كبير، لكن كل هذا لن يؤثر على هذه الحكومة اليمينية المتطرفة خاصة أن نتنياهو يعتبر ما يحدث بمثابة حرب حياة أو سجن وبالتالي ستكون كل الأدوات مشرعنه بالنسبة له لتحقيق هدفه.
الأمم المتحدة تدعو إسرائيل لوقف التعديلات التشريعية المقترحة حول السلطة القضائية
وتوقع خبير الشؤون الإسرائيلية أن تستمر حكومة نتنياهو في مدتها القانونية، طالما لم يحدث خلافات داخلية وهذا مستبعد لتقارب الأفكار والأهداف لدى هذا التحالف الحكومي اليميني.
ودعت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الثلاثاء الماضي، إسرائيل إلى وقف التعديلات التشريعية المقترحة بشأن السلطة القضائية والتي تظاهر ضدها آلاف الإسرائيليين على مدار الأسابيع الأخيرة.
وتشمل الخطة التي طرحها وزير العدل ياريف ليفين، الشهر الماضي، تقليص صلاحيات المحكمة العليا ومنعها من إلغاء قوانين يسنها الكنيست وتتناقض مع قوانين أساس تعتبر دستورية، وتعزيز قوة السياسيين في لجنة تعيين القضاة وعدم إشراك نقابة المحامين فيها، وإلغاء ذريعة عدم المعقولية بنظر المحكمة في قرارات تتخذها الحكومة، وفق قناة "i24news" الإسرائيلية.
وفي 12 فبراير/شباط الجاري، دعا الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، الحكومة والمعارضة إلى التفاوض، معتبرًا أن إسرائيل "على شفا انهيار دستوري واجتماعي"، وحذّر من أن خطة الحكومة لإصلاح القضاء في شكلها الحالي "قد يكون لها أثر سلبي على الأسس الديمقراطية للبلاد".
ويقول معارضون إن نتنياهو يسعى من وراء الخطة، بما في ذلك إلى التأثير على مجريات محاكمته المستمرة منذ 24 مايو/آيار 2020 في قضايا فساد تشمل الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة.
مناقشة