ورفعت الحكومة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو، وبن غفير، وسموترتش، شعار "لا للتهدئة"، إذ أبرزت تصريحات المسؤولين هناك أنه لا مجال للعودة عن التوسع الاستيطاني، أو وقف هجمات المستوطنين وانتهاكات الوزراء، ما دفع السلطة الفلسطينية للتحذير من القفز على مخرجات العقبة.
وقال مراقبون إن حكومة نتنياهو غير ناضجة لفكرة التهدئة، وتسعى للتصعيد في محاولة منها لعرقلة أي أفق أو حل سياسي، مؤكدين أن هذه الانتهاكات ستفشل بالتأكيد أي جلسة تفاوض، وقد تنذر بمواجهات أكثر عنفا.
تفجير الوضع
اعتبر المتحدث باسم حركة "فتح" وعضو مجلسها الثوري، جمال نزال، أن "حكومة إسرائيل بقيادة بنيامين نتنياهو تقع حاليا تحت ضغط من أمريكا، من أجل وضع سقف محتمل أمريكيا على مجال التصعيد في فلسطين، وذلك نظرا لانشغال واشنطن بأمور أهم من حسابات نتنياهو ووزراء حكومته".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن "هذا يضع حكومة اليمين الإسرائيلي أمام اختبار كبير، في ظل تواجد مجموعة من كبار المجرمين الذين يريدون تفجير الوضع كليا باتجاه تدمير السلطة الوطنية الفلسطينية".
وأكد أن
"أمريكا منشغلة الآن عن كفكفة دموع إسرائيل وحمايتها دبلوماسيا، في حالة انفلات الوضع مع الفلسطينيين وخروجه عن السيطرة، واشتعال صدام مفتوح في الضفة مع حركة فتح والسلطة الوطنية، كما حدث في الانتفاضة الثانية".
ويرى نزال أن "الضغط الذي تمارسه الحكومة الإسرائيلية على الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، من خلال الاقتحامات وزيادة وتيرة القتل، تهدف في المقام الأول إلى دفع الرئيس "أبو مازن" إلى الوراء، وتعطيل المضي قدما في المساعي الأمريكية لتهدئة الوضع، تمهيدا لفتح آفاق سياسية لا تستطيع حكومة نتنياهو التعايش معه".
وأوضح أن "هذه الأهداف تفسر قتل 10 فلسطينيين في محافظة نابلس من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية، من أجل أن يصعب على الرئيس الفلسطيني تمرير لقاء العقبة في ظل الظروف الحساسة القائمة".
فشل متوقع
في هذا الصدد، اعتبر عضو المجلس الثوري لحركة "فتح"، تيسير نصر الله، أن "أفعال الحكومة الإسرائيلية على الأرض وبعيدا عن التصريحات التي يطلقها بنيامين نتنياهو ووزراء حكومته، هي من ستُفشل تفاهمات العقبة، ومخرجات الاجتماع".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن
"بنيامين نتنياهو لا يستطيع السيطرة على بعض الوزراء في حكومته، وسيبقى أسيرا لهم حتى لا ينفرط عقد ائتلافه الحكومي، والعودة لصناديق الاقتراع".
وأوضح نصر الله أن "الحكومة الإسرائيلية الحالية غير جاهزة للتهدئة، ووقف كل الأعمال أحادية الجانب التي تتخذها، خاصة فيما يتعلق بوقف البناء والتوسع الاستيطاني".
ويرى عضو المجلس الثوري لحركة "فتح"، أن "الدول الضامنة والتي حضرت التوقيع على اتفاق العقبة في الأردن، تتخذ مواقفا غير مؤثرة، وأن أمريكا هي القادرة والتي يمكنها الضغط على إسرائيل، لكنها لا ترغب في هذه الخطوة".
تنصل إسرائيلي
في السياق ذاته، قال القيادي في حركة "فتح"، زيد الأيوبي، إن "حكومة الاحتلال الإسرائيلي تعمل بوجهين، الأول تحاول إظهار إنها معنية بالسلام والهدوء، والثاني هو الأبشع عبر تصعيد عدوانها على الشعب الفلسطيني، من خلال إطلاق يد المستوطنين لارتكاب الجرائم بحق الفلسطينيين وهدم منازل المقدسيين والاقتحامات اليومية للمسجد الأقصى".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن "إيتمار بن غفير مدعوم من نتنياهو شخصيا، وكل جرائم المستوطنين ترتكب يوميا بدعم من الحكومة الإسرائيلية وتحت حماية الجيش الإسرائيلي، بالإضافة إلى أن الحكومة توفر حصانة قضائية للمستوطنين، إذ أنها لا تلاحقهم على جرائمهم وأي ملاحقة تكون صورية، ويتم إخلاء سبيلهم بعد يوم أو يومين دون اتخاذ أي إجراءات قضائية ضدهم".
وأفاد الأيوبي بأن
"القيادة الفلسطينية قدمت من خلال قمة العقبة كل ما يلزم من أجل وقف العدوان الإسرائيلي، والعودة لطاولة المفاوضات، لكن حكومة نتنياهو تتنصل دائما من كل الالتزامات ومصرة على عدوانها ومشاريعها الاستيطانية".
وأشاد بالموقف العربي المتمثل بالدور المصري والأردني الداعم للحقوق الفلسطينية، مؤكدا على أن "الموقف الأمريكي يدين لأول مرة جرائم الاستيطان والمستوطنين لدرجة قيام وفد أمريكي رفيع المستوى بزيارة أهالي بلدة حوارة التي تعرضت لهجوم المستوطنين، وهذا موقف مهم ويجب أن يبنى عليه رغم الانحياز الأمريكي الدائم للاحتلال الإسرائيلي".
وأضاف الأيوبي أن "الشعب الفلسطيني لن يرفع الراية البيضاء وسيدافع عن مستقبله بكل الوسائل المتاحة له وفق القانون الدولي وفي ذات الوقت، سيكون جاهزا للدخول في مسار سياسي يحقن دماء الفلسطينيين، ويفضي لإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف، وفقا لقرارات الشرعية الدولية".
ودانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية اقتحام، وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، جبل صبيح في بيتا، واصفة هذه الخطوة بـ "الانقلاب" على تفاهمات العقبة، والاستخفاف بالجهود الأمريكية والإقليمية المبذولة لوقف التصعيد وتحقيق التهدئة.
ورد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على البيان الختامي لاجتماع العقبة، مؤكدا أن البناء وشرعنة البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية سيستمر دون أي تغيير، فيما قال وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، إن السلطات ستواصل البناء في الضفة الغربية.
واختتم في مدينة العقبة الأردنية، مساء الأحد، اجتماع أمني خماسي طارئ بمشاركة إسرائيلية وفلسطينية وأمريكية ومصرية وأردنية، بهدف وقف التصعيد الإسرائيلي بالضفة الغربية، قبل شهر رمضان.
وقالت الخارجية الأردنية، في بيان لها عقب الاجتماع، إن "الحكومة الإسرائيلية والسلطة الوطنية الفلسطينية أكدتا استعدادهما المشترك والتزامهما بالعمل الفوري لوقف الإجراءات الأحادية الجانب لمدة 3-6 أشهر".
وأشار البيان إلى أن ذلك "يشمل التزاما إسرائيليا بوقف مناقشة إقامة أي وحدات استيطانية جديدة لمدة 4 أشهر، ووقف إقرار أي بؤر استيطانية جديدة لمدة 6 أشهر".
وتزامنت الاشتباكات في الضفة الغربية مع انعقاد اجتماع رفيع المستوى في العقبة، بمشاركة مسؤولين من إسرائيل، وفلسطين، وأمريكا، ومصر والأردن، إذ خلص الاجتماع إلى إلزام إسرائيل بتجميد النشاط الاستيطاني لعدة أشهر.