زيارة غروسي لإيران... ما الرسائل التي تحملها وهل تعيد الملف النووي للطاولة؟

وسط اتهام إيران بتخصيب اليورانيوم عند مستويات متقدمة للغاية، وفي ظل تجمد العملية التفاوضية الخاصة بالملف النووي، أعلنت إيران، اليوم الثلاثاء، أن مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي سيزور طهران قريبا.
Sputnik
وكان المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي، قد صرح أمس الإثنين، بأن المنظمة وجهت دعوة رسمية لغروسي لزيارة إيران. وأعرب عن أمله في أن توفر الزيارة أرضية للمزيد من التعاون ولآفاق واضحة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية.
إيران تكشف ما وراء تقرير "بلومبرغ" عن تخصيبها اليورانيوم إلى 84%
يأتي ذلك بعدما أعلنت إيران الأسبوع الماضي أن مفتشين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية أجروا مباحثات في طهران، بعدما نشرت وكالة "بلومبرغ" خبرا، يفيد بأن مفتشي الوكالة اكتشفوا مستويات تخصيب بنسبة 84% أي أقل بقليل من 90% المطلوبة لإنتاج قنبلة ذرية.
وطرح البعض تساؤلات بشأن أهمية الزيارة وأهدافها والرسائل التي يحملها غروسي من قبل أمريكا وأوروبا، وموقف إيران منها، وإمكانية أن تسهم في إعادة ملف المفاوضات النووية على الطاولة من جديد.
إحياء الاتفاق النووي
اعتبر عماد أبشناس، المحلل السياسي الإيراني، أن زيارة رافايل غروسي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية لطهران، تأتي في خضم الجهود الدولية المبذولة من أجل محاولة إحياء مفاوضات الاتفاق النووي بين إيران والمجموعة الدولية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، أن الخلاف المشتعل ما بين إيران والمنظمة الدولية للطاقة الذرية يعد أحد أهم العقد التي تعرقل ملف الاتفاق النووي، ومن المحتمل أن تكون زيارة المدير العام للوكالة من أجل إيجاد صيغة تفاهم بين الجانبين في هذا الإطار.
الرجل الأمريكي
وفيما يتعلق بالموقف الأمريكي والأوروبي من الزيارة، والرسائل التي يمكن أن تحملها، قال أبشناس، إن الزيارة إجمالا تأتي بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية والجانب الأوروبي، فغروسي هو رجل الولايات المتحدة داخل المنظمة، ولا يقوم بأي خطوة من دون إذن واشنطن.
منظمة الطاقة الذرية الإيرانية: لم نقم بتخصيب اليورانيوم بنسبة تتجاوز 60% والوكالة الدولية تعلم
ويرى المحلل السياسي الإيراني، أن في حال أفضت الزيارة إلى التوصل لاتفاق ما بين الوكالة وطهران، قد تكون بادرة خير ومقدمة قوية للعودة إلى طاولة المفاوضات لتباحث الملف النووي.
رسائل إيرانية
في السياق، وجد محمد خيري، الخبير المصري في الشأن الإيراني، ومدير وحدة الفكر الإيراني بـ "المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية"، أن زيارة غروسي لطهران تأتي في توقيت خاص وحساس جدًا، لا سيما بعد إعلان عدد من وسائل الإعلام الأمريكية بأن إيران بدأت في تخصيب اليورانيوم عند نسبة نقاء بلغت 84%، وهو ما يؤهلها إلى البدء بشكل فعلي في إنتاج السلاح النووي.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، حاولت طهران قدر الإمكان التواصل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والترتيب لهذه الزيارة الكبيرة، التي تشمل مدير الوكالة، بالتزامن مع وجود مفتشي الوكالة هذه الأيام داخل إيران، وهي رسالة تقول إن رئيس الوكالة يمكنه أن يضطلع بنفسه على الحقائق الكاملة فيما يتعلق بالنسبة التي وصلت إليها تخصيب اليورانيوم، وأنها لم تتخط حاجز الـ 60% الأخيرة التي توقف عندها التخصيب في إيران.
ما تداعيات إعلان بايدن "موت" جهود إحياء الاتفاق النووي مع إيران؟
ويرى خيري أن إيران تريد إرسال رسالة للمجتمع الدولي مفادها أنها لا تزال ملتزمة بآخر ما توصلت إليه من تكنولوجيا التخصيب النووي، تجنبًا لفرض أي عقوبات جديدة عليها، سواء من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، أو الدول الأوروبية، لا سيما بعد العقوبات الأخيرة التي جاءت في خضم التظاهرات والأزمات التي تشهدها طهران الآونة الأخيرة.
جسور تعاون
ويعتقد الخبير في الشأن الإيراني، أن طهران تريد من هذه الزيارة الحرص على إقامة جسر تعاون من آن لآخر مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، من أجل أن تصدر الوكالة تقريرها وهو يتضمن نفيًا قاطعًا بأنها لم تطور تخصيب اليورانيوم لديها عند معدلات مرتفعة، وأن آخر ما وقف عنده هذا التخصيب هو حاجز الـ 60%، والذي استؤنفت عنده المفاوضات ما بين إيران والمجموعة الدولية.
وقال إن إيران فتحت الباب أمام دخول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وكذلك زيارة رئيس الوكالة، من أجل إيصال هذه الرسالة، والتأكيد على أنها لم تتجاوز نسبة التخصيب الأخيرة، لا سيما وأن مفتشي الوكالة لم يصدروا تقريرهم النهائي عن هذه النقطة بعد.
مدير عام وكالة الطاقة الذرية يزور إيران خلال أيام
يذكر أن الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين طهران وكل من واشنطن وباريس ولندن وبرلين وموسكو وبكين، أتاح رفع عقوبات عن إيران مقابل خفض أنشطتها النووية.
إلا أنه أصبح في حكم اللاغي منذ أن قرر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب انسحاب بلاده أحاديا منه في 2018، معيداً فرض عقوبات قاسية على إيران التي ردت بالتراجع تدريجيا عن غالبية التزاماتها الأساسية.
ومنذ أبريل/نيسان 2021، أجرت طهران والقوى الكبرى، بتنسيق من الاتحاد الأوروبي وبمشاركة أمريكية غير مباشرة، محادثات لإحياء الاتفاق، غير أنها تعثرت.
مناقشة