بحسب الخبراء أن تدفق الأسلحة من أوروبا باتجاه الدول الأفريقية أصبح ملحوظا بشكل كبير، وأن الأمر لم يعد يقتصر على الجماعات الإرهابية بل وصل إلى مسلحين وتجمعات تبرر حمل السلاح بالدفاع عن النفس، في ظل تعدد الصراعات على الموارد الطبيعية ومناجم الذهب.
وفقا للخبراء فإن وتيرة العمليات الإرهابية مطلع عام 2023 تؤكد حجم المخاطر التي ينتظر القارة هذا العام، حيث قتل أكثر من 100 شخص منذ بداية 2023، وشرد عشرات الآلاف من مناطقهم الأصلية خصوصا في مالي بوركينا فاسو ونيجيريا.
ارتفاع معدل الهجمات الإرهابية
كما ارتفعت معدلات هجمات "داعش" (الإرهابي المحظور في روسيا وعدد من الدول) في وسط أفريقيا وفي الجنوب الأفريقي، بمعدل 50% خلال عام 2022 مقارنة بسنوات سابقة، وفي مناطق غرب أفريقيا بواقع 20%.
عزز تدفق السلاح عبر عصابات "الاتجار" من أوروبا وأفريقيا النشاط الإرهابي بشكل أساسي في حوض بحيرة تشاد الذي يضم أجزاء من الكاميرون وتشاد والنيجر ونيجيريا ومنطقة الساحل الوسطى على طول حدود بوركينا فاسو ومالي والنيجر، ما ينذر بعمليات كبيرة خلال الفترة المقبلة.
تحذيرات الخبراء
يقول الخبراء إن العديد من الجماعات الإرهابية استفادت من تجارة السلاح منها "بوكو حرام" التي تأسست في شمال نيجيريا في العام 2003.
كما تعد جماعة "نصرة الإسلام" في مالي التي تشكلت في العام 2017 والموالية لتنظيم القاعدة من أبرز الجماعات التي استفادة من تجارة السلاح، حيث تضم 4 جماعات إرهابية، وهي: (جماعة أنصار الدين، وكتيبة المرابطون، وإمارة منطقة الصحراء الكبرى، وكتائب تحرير ماسينا).
وكذلك جماعة "الثخراوي" التي تشكلت في 2014 كجماعة جهادية بزعامة عبد المجيد الصحراوي وأعلنت ولائها لتنظيم "داعش" في بلاد الشام، وينشط التنظيم في مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
تحذيرات جادة
من ناحيته يقول الأكاديمي التشادي إسماعيل محمد طاهر، إن العديد من العوامل والظواهر في أفريقيا تشجع على رواج تجارة السلاح في أفريقيا.
في حديثه مع "سبوتنيك"، يوضح أن وجود الأسواق التي تستهلك الأسلحة القادمة من أوروبا يتعزز من حين لأخر بالنظر لتفاقم التوترات وعدم الاستقرار في المنطقة، بسبب الصراع الموارد الطبيعية والمزارع والمناجم، بالإضافة لنشاط الجماعات الإرهابية.
يوضح الأكاديمي التشادي، أن الصراع على مناجم الذهب شمال تشاد وفي النيجر وكذلك الجزائر يزيد من رواج تجارة الأسلحة في المنطقة.
صراعات متعددة
الحركات المتمردة وحركات الإسلام السياسي والإرهابية منها، تساهم بشكل كبير في تجارة السلاح، إضافة إلى الصراعات التي تشعلها العصابات في مناطق متفرقة، منها ما يحدث في منطقة "بحيرة تشاد"، ومنطقة "تيبستي"، حيث يحمل المواطنون السلاح بحجة الدفاع عن النفس.
تنشط تجارة السلاح كذلك في الكونغو ونيجيريا ومنطقة الدلتا، الأمر الذي يعزز الصراعات ونشاط الجماعات الإرهابية بشكل كبير في المنطقة.
وحذر الأكاديمي من تصدير السلاح إلى أفريقيا، الأمر الذي يفاقم الواقع الذي تعانيه أفريقيا بصورة كبيرة.
في الإطار ذاته قال أبو بكر عبد السلام، المحلل السياسي التشادي، إن أفريقيا تعد ساحة لتجارة الأسلحة منذ عقود، حيث انعكست هذه الأسلحة إلى انقلابات، وشكلت العديد من المخاطر في أكثر من منطقة بالقارة.
يوضح في حديثه مع "سبوتنيك"، أن العديد من البؤر باتت ساحات قتالية بين عصابات ومافيا وجماعات خارجة عن القانون، متأثرة بتجارة الأسلحة.
مسار تهريب الأسلحة
يشدد على أن المنطقة أصبحت سوقا مفتوحة لتجارة الأسلحة القادمة من أوروبا، والتي ساعد في تنامي عمليات الإرهاب وانتشار الجماعات المسلحة التي خلفت العديد من الإشكاليات الأمنية بالمنطقة.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كشفت الشرطة الفنلندية عن تهريب أسلحة من أوكرانيا إلى السوق السوداء، وفقاً لما ذكره مكتب التحقيقات الوطني الفنلندي "NBI". وخلصت النتائج الأولية للتحقيق الذي أجراه المكتب إلى أنه يمكن أن تكون كمية كبيرة من الأسلحة التي جرى تزويد كييف بها سابقاً، في أيدي خارجين عن القانون.
مؤشرات العنف
وشهدت منطقة الساحل ارتفاعا في مؤشر عنف الجماعات الإرهابية، الذي تضاعف نحو 4 مرات منذ عام 2019، وهو ما يشير على مخاطر متزايدة.
ومن بين 135 منطقة إدارية في مالي وبوركينا فاسو وغرب النيجر، شهدت 84 مقاطعة (نحو الثلثين) هجمات عام 2022، وكان هذا الرقم في 2017 أقل من الثلث (40 مقاطعة)، حسب مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية ومقره واشنطن.