بدء تسعير السلع بالدولار الأمريكي... ما انعكاسات القرار على الليرة والاقتصاد اللبناني؟

وسط أزمات اقتصادية طاحنة، وانهيار غير مسبوق للعملة المحلية، دخل قرار التسعير بالدولار الأمريكي للسلع والمواد الغذائية في المحال التجارية حيز التنفيذ، اليوم الأربعاء، على أن يتم الدفع بالليرة اللبنانية حسب سعر صرفها في السوق أو بالعملة الأمريكية.
Sputnik
وتتعرض العملة اللبنانية إلى سقوط حاد ومتسارع مقابل الدولار الأمريكي الذي يواصل ارتفاعه ليلامس 89 ألف ليرة لبنانية، مع عجز اقتصادي متواصل.
وطرح البعض تساؤلات حول أهمية قرار التسعير بالدولار، وتأثيره على السلعة المحلية اللبنانية وعلى الاقتصاد، وإمكانية استغلاله ليعود بشكل إيجابي على المواطنين.

فوائد وسلبيات

اعتبر الدكتور عماد عكوش، الخبير الاقتصادي اللبناني، أن هذا الإجراء يدل بصراحة على فقدان الثقة بالليرة اللبنانية كوسيلة تداول، وكوسيلة للادخار بالدرجة الأولى، مؤكدًا أنه سينعكس على مصداقية الدولة وعلى عملتها المحلية واقتصادها.
لبنان..الدولار على عتبة 90 ألف ليرة
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، المؤسف أن السلطات السياسية والنقدية في لبنان لم تعد قادرة على كبح جماح الدولار مقابل الليرة من ناحية، وبالتالي التغيير المستمر للأسعار بسبب دولرة السلع والخدمات في لبنان كون معظم السلع هي إما مستوردة بشكل كامل، أو مجمعة من مواد أولية مستوردة من الخارج.
ومن ناحية أخرى، يرى عكوش أن عملية الرقابة على الأسعار في ظل تفلت سعر الدولار أصبح شبه مستحيل لعدة أسباب، أبرزها عدم وجود فريق عمل كاف لتغطية السوق، وعدم شفافية المؤسسات التجارية، وغياب القوانين الرادعة، والأهم عدم وجود المؤهلات الكافية لدى الوزارة المختصة لممارسة هذا الدور.
وفيما يتعلق بتأثير هذه الخطوة، يعتقد الخبير الاقتصادي اللبناني أنه لن يكون كبيرا على العملة، حيث فقد الكثيرون الثقة منذ وقت طويل في الليرة، ومعظم التجار في لبنان يبيعون بالدولار الأمريكي في الأساس، ولن يتغير عليهم أي شيء من القرار.
لبنان... نقابة المستشفيات الخاصة تطالب بـ"دولرة" فواتيرها لتأمين استمراريتها
ويرى عكوش أن ثمة تأثيرات إيجابية قد تنتج من القرار وتعود على المستهلك، إذا تم التنفيذ وفق شروط محددة، منها: أن يكون سعر الدولار واضحا على شاشة موجودة عند الصندوق، وترك الخيار للمواطن بالتسديد بالعملة التي يريدها، وتزويد وزارة الاقتصاد بلوائح الأسعار ووضعها على صفحة الوزارة حتى يتمكن المستهلك من قراءتها ومطابقتها مع بقية المتاجر، وحصول الوزارة على لوائح أسعار الموردين ومطابقتها مع لوائح محلات التجزئة وتحديد التجاوزات في الهوامش، وذلك مع وجود قوانين رادعة للمخالفين.
وأكد أن هذا الواقع الحالي بالتأكيد يضعف الاقتصاد الوطني ولا يعزز الثقة فيه، لكن في النهاية في ظل عدم وجود معالجات جذرية تبقى المعالجات الجزئية أفضل من لا شيء.

أزمة التضخم

بدوره اعتبر أسامة وهبي، الناشط المدني اللبناني، أن هذا التدبير جاء من خلال الضغط الذي مارسته الهيئات الاقتصادية وجمعية المصارف من أجل تحقيق أرباح ومصالح للتجار والمصارف والممولين الكبار، لكنه لا يصب في صالح الشعب اللبناني بأكثريته الساحقة، حيث أن التسعير بالدولار يعني تآكل العملة الوطنية بشكل أكبر، وغالبية الشعب اللبناني يتقاضون رواتبهم بالعملة المحلية، وكلما زاد الطلب على الدولار زاد انهيار الليرة، لا سيما في ظل عدم وجود سقف محدد لسعر صرف الدولار مقابل الليرة.
في لبنان.. قرار التسعير بالدولار يدخل حيز التنفيذ غدًا ومخاوف سلبية من القرار
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الكثير من الهيئات الاقتصادية تفكر في مصالحها الخاصة والمكاسب التي تعود عليها من هذا التدبير، والحكومة اللبنانية مؤلفة من كبار الاقتصاديين ورجال الأعمال وأصحاب البنوك ومن لهم مصلحة في هذا التدبير، واعتاد اللبنانيون على المنظومة الحاكمة التي تعمل دائمًا ما في مصلحتها الشخصية وليس لمصلحة الشعب اللبناني.
وأكد أن هناك تضخمًا كبيرًا في لبنان، خاصة إذا ما ذهبت الحكومة لتصحيح رواتب القطاع العام من خلال مضاعفته 3 مرات، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة الكتلة النقدية بالعملة المحلية، ما يعني ارتفاع التضخم، مؤكدًا أن البلاد تذهب لطبع المزيد من العملة، وقد تسلك نفس مسلك فنزويلا.
وأوضح أن بلاده ذاهبة لاتجاه خطير للغاية، إلا إذا تم تصحيح الرواتب والذهاب لإصلاحات جذرية لجلب الاستثمارات ورؤوس الأموال الأجنبية، وفك العزلة التي يتعرض لها لبنان في محيطه العربي نتيجة السياسة التي ينتهجها والصراعات التي يقودها حزب الله ضد الدول العربية وخاصة مع الخليج العربي.
ويأتي هذا الارتفاع الكبير لسعر صرف الدولار أيضَا مع إعلان السلطات اللبنانية رفع الدولار الجمركي 3 أضعاف ليزيد من واردات خزينة الدولة اللبنانية ولتأمين الزيادات التي أقرت لموظفي القطاع العام.
ويحتل لبنان المركز الثالث عالميًا والأول عربيًا في تضخم أسعار الغذاء بنسبة 143% في مؤشر البنك الدولي لتضخم أسعار الغذاء.
مناقشة