هل يمثل القانون تهديدا حقيقيا لحقوق الإنسان في الصومال أم أن تلك التحذيرات الخارجية ما هى إلا نوع من الضغط للتحكم في الداخل وفرض أجندات على مقديشو؟
بداية يقول عبد الرحمن إبراهيم عبدي، مدير مركز مقديشو للدراسات بالصومال إن "إعداد القوانين تعد ضمن الجهود الجارية لإرساء دعائم مؤسسات الدولة الصومالية، و إن الحكومة الحالية برئاسة حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء حمزة بري، فيما يبدو تعطي أولوية خاصة لمسارين في هذا العهد، استكمال عملية بناء الدولة ولا سيما فيما يتعلق بوضع القوانين والتشريعات للهيئات والمؤسسات الوطنية، وإعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع البلاد".
المساءلة والشفافية
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" قائلا: "لذا أعتقد أن قانون وكالة المخابرات والأمن الوطني الصومالي يأتي ضمن هذا السياق وفي هذا الإطار، فالشعب الصومالي بحاجة ماسة إلى إعداد القوانين تأكيدا وحرصا على المساءلة والشفافية".
وتابع عبدي، "صحيح أن هناك مخاوف لكن الحكومة تؤكد مرارا أن القانون يساهم أيضا في تبديد تلك المخاوف، وأن لديها مسؤولية أساسية تجاه حماية المواطن الصومالي، لأن مثل هذا القانون كان غائبا منذ فترة طويلة".
وأشار رئيس مركز مقديشو إلى أن" الهيئات الدولية والتشريعية والقضائية هي الأخرى ينبغي أن تكون حريصة على حماية الصومالي وسلامته وضمان حقوقه الأساسية المنصوص عليها في المواثيق والمعاهدات الدولية، ونظرا لأن المؤسسات الدولية وهيئات حقوق الإنسان مهتمة بهذه القضايا ولذلك تحث الحكومة الصومالية على تأكيد ذلك وتعزيزه".
الكثير من الشكوك
ويختلف عمر محمد المحلل السياسي الصومالي، مع الرأي السابق قائلا: "هناك الكثير من الشكوك والريب حول عمل جهاز المخابرات والأمن الوطني الصومالي منذ تشكله بمرسوم رئاسي رقم 14 في 1970م، حيث كانت الدولة غالبا ما تستخدمه لخدمة أغراضها السياسية وخاصة في قمع المعارضة".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" أن: "أسباب تلك الشكوك أنه لم يكن هناك قانون معتمد يوضح عمل الجهاز ويحدد مسؤولياته الأمنية والوطنية، بل كان يخضع لرغبات القيادة العليا في الجهاز والبلاد، فارتكبت الانتهاكات تحت لوائه بحجة الحفاظ على الأمن الوطني وحماية المواطنيين، وهذا ليس أمرا خافيا، حيث قدم وزير الدولة للشؤون الأمنية اعتذاره للشعب عن الانتهاكات التي ارتكبت باسم الجهاز منذ تأسيسه".
وأكد محمد: "أن هناك ما يشبه الإجماع على ضرورة إيجاد قانون ينظم عمل الجهاز ويفصل مهامه ويحدد مسؤولياته وواجباته، حتى تزول الشبهة المعلقة عليه منذ تأسيسه قبل 53 عاما تقريبا".
شرعية الجهاز
وأوضح المحلل السياسي أنه: "على الرغم من مصادقة المجلس الوزاري ومجلسي البرلمان الصومالي على هذا القانون، إلا أن هناك أصواتا تطالب بمراجعة القانون وإجراء تعديلات حول بعض مواده، ومن القائلين بهذا الرأي عضو مجلس الشيوخ الصومالي، الحاج موسى سوذي يلحو، أحد أبرز السياسيين الصوماليين، الذي يرى أن الرئيس الحالي للجهاز قد وضع قانونا على مقاسه".
وأشار إلى أن: "سلطات الجهاز وصلاحياته تتمركز في يده، وأن أدوار الجهات المعنية بالجهاز تنتهي عند تعيين المدير والمصادقة عليه من قبل المجالس التشريعية والتنفيذية في الدولة الصومالية، ليبدأ بعدها الدور اللامحدود لرئيس الجهاز على حسب قول السيناتور حاج موسى سو ذي، إذ إن مدير الجهاز هو قائد قوات الجهاز والمشرف على جميع أو معظم أعمال فروع الجهاز وأقسامه، مما يشكل خطرا على شرعية الجهاز وابتعاده عن حظوظ النفس وتسييس مهامه".
عدم التسرع
واختتم بقوله: "ربما هذه المخاوف وغيرها قد تدفع البعض نحو دعوة الرئيس وبقية الجهات المعنية الأخرى إلى عدم التسرع في الاعتماد على القانون قبل إجراء تعديلات على بعض بنوده المثيرة".
دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية، حسن شيخ محمود إلى عدم التوقيع على قانون وكالة المخابرات والأمن الوطني الذي صادق عليه مؤخرا البرلمان الفيدرالي.
وقالت المنظمة إن القانون يعطي وكالة المخابرات مزيدا من الصلاحيات التي قد تستخدمها لقمع المعارضة السياسية ووسائل الإعلام.
وطالبت مديرة مكتب المنظمة في القرن الأفريقي، لاتيتيا بدر، الرئيس حسن شيخ بإعادة القانون على البرلمان حتى تتم مراجعته لاحتوائه على أمور تتعارض مع حقوق الإنسان، "بحسب مواقع صومالية".
وقالت "هيومن رايتس ووتش": إن "أصدقاء الصومال الدوليين يجب أن يثيروا مخاوفهم بشأن هذا القانون"، مضيفة "عليهم الضغط على الحكومة لإصلاح القانون لضمان احترامه لحقوق الناس، بدلا من تسهيل الانتهاكات".
وكان كثيرون قد أعربوا عن مخاوفهم من القانون الذي يهدف إلى جعل وكالة المخابرات والأمن الوطني هيئة شرعية بعد مرور 53 عاما من تأسيسها، وأشاروا إلى أن القانون يعطي الوكالة صلاحيات قد يتم استغلاها لقمع الجهات المعارضة للحكومة الصومالية.