وأوضحوا أن الإجراءات التي تتخذ بشأن مكافحة الفساد في السعودية منذ العام 2017، تنطبق على الجميع دون استثناء، خاصة في ظل الحفاظ على سرية معلومات المبلغين عن القضايا.
ونشرت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد السعودية "نزاهة"، أمس الأحد، تفاصيل إيقاف عدد من الموظفين في القطاع الحكومي بينهم دبلوماسيون وعسكريون ووافدون، بسبب تورطهم في قضايا فساد، وتلقوا رشى بملايين الريالات مقابل تأشيرات لدولة بنغلاديش، وبلغ العدد الإجمالي للمتهمين 13 شخصا، حسب وكالة الأنباء السعودية (واس).
إيقاف المئات
خلال السنوات الماضية، أعلنت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد السعودية "نزاهة"، عن إيقاف المئات من الأشخاص والمسؤولين في جهات عدة بتهم الفساد.
وفي فبراير/ شباط الماضي، أعلنت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد "نزاهة" في السعودية عن مباشرتها عددا من القضايا الجنائية والإدارية عبر 2194 جولة رقابية خلال شهر رجب 1444 هـ.
وبحسب بيان نشرته الهيئة على موقع "تويتر"، شمل التحقيق 241 متهما، وإيقاف 159 مشتبها منهم ومن أطلق سراحه بالكفالة الضامنة.
كما كشفت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في وقت سابق، أن عدد البلاغات الواردة للهيئة بلغ 43182 بلاغا في عام 2022.
وفي يونيو/ حزيران 2022، أعلنت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد السعودية "نزاهة" صدور أحكام سجن بحق خمسة قضاة وسفير سابق وعدد من المسؤولين على خلفية اتهامات بالفساد واستغلال النفوذ.
وفي سبتمبر/ أيلول من نفس العام، أعلنت الهيئة ذاتها، أنها حققت "مع 147 متهما من وزارات مختلفة، منها الدفاع والداخلية، والصحة، والتعليم والشؤون البلدية والقروية والإسكان، والنقل والخدمات اللوجستية".
وأشارت إلى أن نتيجة التحقيقات أسفرت عن توقيف 97 شخصا، بعضهم تم إطلاق سراحه بكفالة.
وفي أكتوبر/ 2022، أعلنت المملكة، إيقاف 60 شخصا، بينهم موظفون حكوميون، بتهم فساد خلال شهر واحد فقط.
حصيلة مالية كبيرة
قالت صيغة الشمري، وهي خبيرة مصرفية سعودية، إن
"القيمة المقدّرة لمبالغ التسويات قد تجاوزت (400) مليار ريال "100 مليار دولار"، متمثلة في عدة أصول "عقارات وشركات وأوراق مالية ونقد وغير ذلك".
وأوضحت في حديثها مع "سبوتنيك"، أن "مكافحة الفساد ساهمت بشكل كبير في انضباط آليات العمل، إذ لا يمكن لأي شخص أن يستغل سلطته بتمرير أي قضية فساد، مما أدى إلى نمو منظم من خلال حوكمة، تضمن عدم التلاعب أو استغلال النفوذ، الأمر الذي أثر إيجابا على بيئة العمل بشكل كامل".
انعكاسات مكافحة الفساد
"تأثيرات أخرى تركتها عملية مكافحة الفساد"، بحسب الشمري، موضحة أنها "خلقت نوعا من الثقة والطمأنينة باستثمار محكم، كما سهلت إجراءات ممارسة الأعمال التجارية في جميع مراحلها".
"كما أطلقت المملكة حزمة من الإصلاحات الاقتصادية من شأنها خلق فرص وظيفية مميزة، والاستفادة من الأصول الاستراتيجية الرئيسية في المملكة، ودفع عجلة النمو الاقتصادي نحو التنوع"، حسب الشمري.
وتابعت مشيرة إلى أن "الإصلاحات ساهمت في توفير وتطوير الفرص الاستثمارية وتحفيز الاستثمار المحلي، وجذب الأجنبي منه، عبر تقديم برامج مساعدة ومحفزة للمستثمرين".
إجراءات جادة
من ناحيته، قال الدكتور جمال العقاد، وهو باحث في إيكولوجيا المنظمات والتنمية الاقتصادية وشؤون الطاقة بالسعودية، إن "مواجهة الفساد الشرس بالمملكة عملية جادة ومستمرة، وتأخذ شكل "غسل الدرج من الأعلى للأسفل".
ويرى في حديثه مع "سبوتنيك" أن
"نتائج مكافحة الفساد مبهرة بالرغم من صعوبتها، المرتبطة بكم التعقيدات، غير أن ترسيخ مفهوم ومبدأ عن حماية أو التستر على أي شخص مهما كانت مكانته طمأن المجتمع بشكل كبير".
وبشأن النتائج المترتبة على عملية مكافحة الفساد، يوضح العقاد أن "الحصيلة كانت أكبر من المتوقع، كما ساهمت الإجراءات في رفع مستويات حوكمة العمل بالمملكة، وأكد مصداقيتها، بما انعكس إيجابا على طمأنة المستثمرين".
"أثرت عملية مكافحة الفساد إيجابا على مناخ الاستثمار، ولم يعد بالإمكان عرقلة نشاط الاستثمار أو تعطيله بهدف الاستفادة الشخصية، إذ تعمل هيئة النزاهة بوتيرة جادة، مع الحفاظ على سرية معلومات المبلغين عن أي شبهة فساد، ما رفع من وتيرة التعامل مع الهيئة بشكل جاد"، بحسب العقاد.
محاسبة الجميع
يشدد الدكتور جمال العقاد على أنه "لم يعد بإمكان أي شخص الإفلات من المحاسبة، وأن الإعلان عن القضايا بكل شفافية يؤكد ذلك، فضلا عن استرداد الأموال المنهوبة".
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2022، عزل العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، مدير جامعة الملك عبد العزيز، عبد الرحمن اليوبي، بعد اتهامات له بالفساد.
ولفت العقاد، إلى أن "ما فعله ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، يعد معجزة، كون الأمر كان يحتاج لجسارة وجرأة وصدق في اتخاذ الإجراءات"، مشددا على أن "المملكة تقدمت في 6 سنوات "هي عمر الرؤية منذ انطلاقها" سنوات ضوئية في كل المجالات نحو المستقبل".
وبدأت الحملة الواسعة التي تشنها السعودية لمكافحة الفساد في عام 2017، بعد ملاحقات قانونية لعدد من كبار المسؤولين وشخصيات اقتصادية شهيرة بتهم الفساد، في عملية اشتهرت بـ"قضايا الريتز"، في إشارة إلى الفندق الذي احتجز فيه بعض أولئك أثناء إجراء التحقيقات والتسويات معهم، وأسفرت العمليات عن استرداد نحو 100 مليار دولار.