ما أهمية عودة لبنان للتصويت داخل الأمم المتحدة وانعكاساتها السياسية والدبلوماسية؟

مع استمرار الأزمات السياسية التي عنوانها الشغور الرئاسي، وكذلك الاقتصادية والمالية التي تنعكس على كافة مناحي الحياة، استعاد لبنان حقه في التصويت داخل الأمم المتحدة بعد سداد مستحقاته القديمة.
Sputnik
وأوضحت الخارجية اللبنانية في بيان رسمي، أن لبنان استعاد حقه في التصويت في المنظمة الدولية، بعد أن سددت بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في مدينة نيويورك الأمريكية، المساهمتين السنويتين المتوجبتين، عن العامين 2022 و2023، وذلك بناء على تحويلات مالية واردة لحسابها أخيرا.
وكتبت الوزارة في بيانها: "بذلك يكون لبنان قد عاد للعب دوره الطبيعي وحضوره في أعمال ومناقشات الأمم المتحدة ولجانها المتخصصة".
وقال مراقبون إن استعادة لبنان حقه في التصويت يحافظ على علاقاته الدولية، وتدفعه للعودة إلى لعب دوره الطبيعي وحضوره الدبلوماسي والسياسي، مشددين على ضرورة إيجاد حلول للأزمة الدستورية والاقتصادية تعيد للبنان مكانته مرة أخرى.
لبنان يعلن استعادته حق التصويت في الأمم المتحدة

حلول مطلوبة

اعتبر الدكتور علي عبدو، أكاديمي ومحلل سياسي لبناني، أن لبنان لم يخسر شخصيته القانونية في المنظمة الدولية، وما حدث كان تعليقا لحق التصويت بسبب التأخير - وليس الامتناع- عن تسديد المستحقات المالية نتيجة الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد، واستعاد لبنان هذا الحق بعدما قام بتسديد كافة المستحقات المتوجبة عليه للتأكيد على مصداقيته وإيفائه بالتزاماته الدولية، حفاظًا على مكانة هذا البلد في علاقاته الدولية، والعودة إلى لعب دوره الطبيعي وحضوره السياسي والدبلوماسي في أي اجتماع أو قرار أو مؤتمر داخل أروقة الأمم المتحدة ولجانها المتخصصة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الرسالة الأهم والتي يجب الإشارة إليها هنا، هو أن ميثاق الأمم المتحدة ينص على أن للجمعية العامة حق التقرير في حال عدم الدفع بالنظر إلى ظروف الدولة العضو إذا كانت خارجة عن إرادتها، وبالتالي يمكن للجمعية عبر سلطتها التقديرية السماح للبلد بالاستمرار في التصويت من عدمه، وفي هذا الأمر دلالة واضحة على أن الأمم المتحدة لم تعتبر التأخير في السداد ناتج عن ظروف خارجة عن الإرادة أو ظروف غير عادية، وهذا يحتاج إلى بحث معمق لأسباب الأزمة في لبنان.
وفيما يتعلق بالشأن الداخلي وانعكاس هذه الخطوة، قال إنها تبقى رمزية، ولا تساهم في حل الأزمة بشكل مباشر، إذا لم تقترن باتفاق داخلي وخطوات عملية وإرادة وطنية بضرورة إنجاز الاستحقاقات الدستورية والوطنية، للوصول إلى إصلاحات تقود لحل الأزمة في لبنان، بالاستفادة من الواقع الإقليمي والدولي المتأزم لإيجاد حلول داخلية بامتياز هذه المرة، أما الحديث عن المقاربة الدولية لأسباب الأزمة اللبنانية، يجب تأجيل الحديث عنها قبل البدء بخطوات داخلية تقنع المجتمع الدولي بباقي التفاصيل التي تأتي كخطوة ثانية.
وأوضح أن الحل يجب أن يبدأ من الداخل لملء الفراغ الحاصل في سدة الرئاسة، حتى يتمكن لبنان من التواصل مع العالم، مشددًا على ضرورة إيجاد تلك الحلول الداخلية وبشكل سريع لإنقاذ ما تبقى من الوطن.
لبنان: البنوك "ليست لديها سيولة كافية" للسداد للمودعين

أزمة العلاقات

في السياق، اعتبر أسامة وهبي، الناشط المدني اللبناني، أن فقدان لبنان حق التصويت في الأمم المتحدة لم تكن خطوة عقابية تحوي موقفا سياسا من الأزمة التي تمر بها البلاد، بل كانت أزمة تقنية لأن لبنان تأخر عن دفع مستحقاته نتيجة الأزمة المالية وعدم وجود السيولة لدفعها، وعاد حق التصويت بعد الدفع.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، انعكست الأزمة في لبنان على الكثير من العلاقات مع الدول العربية والأجنبية والأمم المتحدة، وكلها مرتبطة بالانهيار والأزمة الاقتصادية التي حصلت، ووجود طبقة سياسية عاجزة ورافضة ولا تريد إجراء الإصلاحات المطلوبة والتي تعيد الثقة إلى لبنان، وتعيد كذلك الاستثمارات والسيولة وأموال المودعين، والثقة بالبلاد وبمصارفها.
وتابع: "لبنان الآن أصبح أقرب إلى دولة مارقة ليس فيها حكم قانون، هناك تدخل في القضاء بشكل كبير، وانقسام عامودي بين القوى السياسية، وتعطيل لكافة مرافق الدولة، وفراغ سياسي في أعلى منصب بالدولة، وحكومة تصريف أعمال عاجزة عن تقديم أي حلول بشكل فعلي، والأزمات كلها مترابط، وحلها بوجود طبقة سياسية عاجزة عن ابتكار أي حلول يوصل إلى انفراجات على كل المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية بات مستحيلًا".
جمعية مصارف لبنان تعلن العودة إلى الإضراب ابتداء من 14 الجاري
وأكد أن الأوضاع متأزمة وتتكاثر بشكل مخيف، وسط مخاطر التمسك بالسلطة من قبل أحزاب وشخصيات سياسية كان يجب أن تكون في السجون، حيث يعيش لبنان الآن في ظل حكم المافيا والميليشيات التي لا تؤمن بالعقاب ولا بالعدالة ولا بالمحاسبة، وترى أنها فوق القانون هي وكل الشخصيات السياسية والتي تملك نفوذا مالية وسياسية.
وأعلنت الأمم المتحدة، في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، أن لبنان فقد حقه بالتصويت في المنظمة الدولية، وذلك بسبب تأخره عن سداد مستحقات قديمة.
وبحسب المادة 19 من ميثاق الأمم المتحدة؛ لا يكون للعضو الذي يتأخر عن سداد اشتراكاته المالية في المنظمة، حق التصويت في الجمعية العامة، إذا كانت قيمة المتأخر عليه تساوي قيمة الاشتراكات المستحقة عليه في السنتين الكاملتين السابقتين أو تزيد عنها.
ووفقا لقرار صادر، في أكتوبر/تشرين الأول 2022، يمكن الاستثناء والإبقاء على حق الدولة العضو بالتصويت في الأمم المتحدة، إذا اقتنعت بأن التأخر في السداد ناشئ عن أسباب خارجة عن إرادة الدولة، وأسهمت في عجزها عن الدفع.
مناقشة