وتشير مصادر "جمعية المصارف" إلى أن الحكومة لم تتمكن من البت بالإدعاءات القضائية بحقها، ما يؤثر على عملها بشكل منتظم.
في المقابل، بدأ مصرفيون ومتخصصون في الشأن الاقتصادي إلى التلميح بإمكانية إقفال بعض المصارف أبوابها بشكل نهائي، نتيجة تقلص أرصدتها الموجودة في المصارف الخارجية وعدم قدرتها على تحويل الأموال بالعملة الصعبة إلى فروعها الموجودة في لبنان.
وساهم إعلان المصارف استئناف الإضراب بارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة اللبنانية، بعد أن وصل إلى عتبة التسعين ألف ليرة للدولار الواحد، وسط أسئلة بارزة حول مصير أموال المودعين.
بهذا السياق قال الخبير الاقتصادي محمد موسى لوكالة "سبوتنيك" إن "لبنان ليس بلدًا مفلسًا ومصارفه ليست مفلسة، المسألة تحتاج إلى اقتراح الحلول، تحديد الفجوة مع صندوق النقد الدولي واتفاق الأطراف المعنية بهذه الخسائر على حلول قد تقي المصارف من الإفلاس وأن تبقى صامدة وتقي سمعة الدولة اللبنانية وتقي اللبنانيين شرورًا أمنية وبالمعنى الاجتماعي والاقتصادي".
وأوضح أنه "منذ الدعاوى القضائية التي مورست بحق المصارف والتي أخذ القضاء أمرًا قضائيًا بتنفيذها وهناك شكوى من المصارف حول استنسابية الدفع للمودعين بالدولار فوريًا واستيفاء كل القروض على 1500 إضافة إلى العديد من الاشتباكات القضائية المصرفية ووضع المصارف بات على المحك"، لافتًا إلى أنه "منذ الإضراب السابق ومبادرة الرئيس ميقاتي وكتابه الشهير إلى وزير الداخلية الذي كان جزءًا من ترطيب العلاقات مع المصارف، إلا أن ذلك لم ينفذ أكثر من أسبوع أو 10 أيام فتحت به المصارف وجاء التعميم الشهير لحاكم مصرف لبنان لكي يمتص السيولة من أيدي اللبنانيين نتيجة تدهور سعر الصرف إلى حدود 93 ألف".
وأضاف موسى "نحن اليوم أمام إعلان قبل 4 أيام على إضراب قادم نهار الثلاثاء القادم، وهذا انعكس في لحظات على سعر سوق الصرف كما شهدنا ارتفع حوالي 10% بمجرد التصريح وبالتالي المسألة أبعد بكثير من مسألة دعاوى قضائية وأبعد من مسألة سيولة وبالمناسبة هناك تضارب بين حديث حاكم مصرف لبنان الذي أعطاه لـ"بلومبرغ" وقال إن المصارف استوفت أموالها وقد استدانت من مصرف لبنان وبين حديث أمين عام جمعية المصارف خلف الذي تحدث عن 86 مليار دولار هي قيمة مودعة من المصارف اللبنانية لدى مصرف لبنان وبالتالي أصبحنا أمام بيانات وصورة ضبابية نحتار من نصدق".
وأشار إلى أن "المسألة واضحة، اتجاه المصارف إلى الإضراب هو نتيجة انعدام السيولة، المشكل القضائي من جهة وعدم القدرة على ضبط كل الأسواق، لا صيرفة نجحت ولا الدولة قادرة على اقتراح حلول في المعنى السياسي ولا قادرة بالمعنى الاقتصادي الوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد وبالتالي نحن في حلقة مفرغة تدور والتضخم يأكل أكثر وأكثر، الكتلة النقدية اليوم تتجاوز 94 ترليون كل هذا التضخم والطبع سينعكس حكمًا في الأيام القادمة".
كما رأى موسى أن "المسألة أبعد من سيولة وإلى متى ستستمر الحلقة المفرغة للوصول إلى حلول، أعتقد أن الحلول تحتاج إلى تنفيسة بمكان ما إما في القضاء وإما باتفاق مع صندوق النقد وإما بحل سياسي يتبلور، أما إذا بقيت الصورة على ما هي عليه للأسف الخشية من تدهور مالي وفي أسعار الصرف وللأسف الخشية أكثر من تدهور اجتماعي وتدهور بالمعنى الأمني".
وشدد على أنه "لا بد أن تجتمع الأطراف المعنية الأربعة، الدولة اللبنانية، المصارف، ومصرف لبنان المركزي والمودعين، ولا بد أن يوصل إلى أرضية ما يتحمل كل جزء بحسب قدرته، لا يمكن أن ينهض الاقتصاد من دون القطاع المصرفي ولكن لا نستطيع أن نبرئ القطاع المصرفي الذي تعرض لدولة مفلسة والذي أعطاها خارج الاتفاقيات وكل الأطر القانونية ولا نستطيع تحميل المودعين أموالهم التي أودعت كوديعة لا بد أن تحترم، وعلى المصرف المركزي أن يتحمل الكثير من مسؤولياته إضافة إلى الدولة والسياسيين الذين أنفقوا هذه الأموال".
من جهته، اعتبر رئيس جمعية المودعين حسن مغنية أن كل ما تقوم به المصارف اليوم هو وسيلة ضغط لإقرار قانون الكابيتال كونترول الذي يخدم مصلحة المصارف بالدرجة الأولى.
وفي حديثه لـ"سبوتنيك" أضاف أن "كل ما تقوم به المصارف هو ضغط لمنع رفع الدعاوى القضائية عليها، ولو أرادوا إعلان إفلاسهم كانوا أعلنوا هذا الأمر منذ بداية الأزمة، هذه جعجعة بلا طحين بموضوع إعلان الإفلاس، وإذا كانت هناك جدية بالموضوع فليعلنوا إفلاسهم وليخضعوا للمحاسبة الحقيقية والشفافة".
ولفت مغنية إلى أن "كل ما يحدث هو تهويل لكي ترتاح المصارف في قانون الكابيتال كونترول"، مشيرًا إلى أن "المودعين يحملون بشكل كبير السلطة السياسية في لبنان مسؤولية هدر الودائع".