وقال إنه لن يسمح باهتزاز العلاقات بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي، مثلما حدث على مدى السنوات الماضية بسبب إساءات بالغة الخطورة دفعت ثمنها بلاده غاليا، مضيفًا أن دول الخليج لم تترك لبنان يوما، مؤكدا التزام بلاده بمكافحة تهريب الممنوعات إليهم وفي المقدمة المملكة العربية السعودية، بحسب الوكالة الوطنية للإعلام.
وطرح البعض تساؤلات عن تصريحات ميقاتي والهدف منها، وما إن كانت تبشر بمقاربة خليجية سعودية تحديدًا لإنهاء أزمة الشغور الرئاسي في لبنان.
أولوية لبنانية
اعتبر داوود رمال، المحلل السياسي اللبناني، أن بات واضحًا أن لبنان لا يمكنه تنفيذ خطة التعافي الاقتصادي والمالي من دون الدول العربية والخليجية بشكل خاص، وأن المقاربة السعودية واضحة وتم التعبير عنها بالبيان الثلاثي الذي صدر على هامش أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول الماضي، والذي صدر عن وزراء الخارجية الأمريكية والفرنسية والسعودية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، "تحت هذا السقف تتعاطى السعودية مع الاستحقاقات الرئاسية في بيروت، فالسعودية والدول الخليجية ومجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان واضحون ويقولون إن المطلوب انتخاب رئيس قادر على الوفاء بالتزاماته العربية وتحديدا ميثاق جامعة الدولة العربية والقرارات الدولية".
وتابع: "رئيس الحكومة اللبنانية مع أعضاء حكومته يشكلون فريق عمل من أجل إنجاز البرنامج الإصلاحي، الذي التزم لبنان بتنفيذه بناء على الاتفاق المبدئي، الذي تم توقيعه مع صندوق النقد الدولي"، معتبرًا أن أي توقعات بقطف ثمار ونتائج الاتفاق السعودي الإيراني خاطئة.
ولفت إلى أن مهلة الشهرين قبل إتمام المصالحة هي مهلة بناء الثقة بين البلدين، وخلالها هناك أمور يجب أن تقدم عليها الدولتين، تحديدًا أمور لها علاقة بالمسألة اليمنية، مستبعدًا أن يكون بلاده أولوية ضمن أولويات هذا الاتفاق.
ويرى الأصفري، أن أي تسوية للأزمة السياسية القائمة في لبنان، وعنوانها انتخاب رئيس الجمهورية لن تكون بعيدة عن التسوية التي شهدها لبنان في عام 2008 بمؤتمر الدوحة، حيث لا بد من الذهاب إلى سلة تفاهمات تشمل كل الملفات المطروحة وعلى ضوئها يتم ترجمة الاستحقاقات بناء على هذه التفاهمات.
وأكد أن أي دولة بالخارج، وتحديدًا السعودية لن تقبل أن تمد يد العون والمساعدة للبنان، إذا ما تم الذهاب لانتخاب رئيس جمهورية محسوب على اتجاه أو تيار معين.
تعزيز العلاقات
بدوره، اعتبر سركيس أبو زيد، المحلل السياسي اللبناني، أن الأوساط السياسية في بيروت تفاجأت بخبر المصالحة السعودية الإيرانية، ولا يمكن لأحد أن يحدد مدى تأثير هذه العلاقة على لبنان، والكل ينتظر مهلة الشهرين للتأكد من جدية ورصانة المصالحة، على الرغم من توقيعه من قبل شخصيات معروفة وأساسية بالنظامين السعودي والإيراني.
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، البعض يريد أن يعيد حساباته قبل التأكد من أن المصالحة سيكون لها نتائج إقليمية ودولية، وعلى الساحة اللبنانية، وكل فريق يحاول أن يستغل هذا الوضع ليظهر بأن سيكون له فائدة ودور وفاعلية من نتائج المصالحة.
وتابع: "الرئيس ميقاتي يحاول أن يعزز علاقاته الخليجية حتى يستعيد دوره في المرحلة المقبلة، وأطراف أخرى تحاول أن تظهر بأن الوزير فرنجية بات لديه فرص أكبر، كما أن آخرين يعتبرون بأن المصالحة لن يكون لها تأثير على الانتخابات في لبنان".
ويرى أبو زيد أن هذه المصالحة سيكون لها نتائج إقليمية ودولية، لكن لن تحدث دفعة واحدة بل على مراحل، فيما تتوقع أطراف أخرى أن يكون هناك مفاجآت أخرى، منها أن الحوار ما بين سوريا والسعودية بات متقدمًا، وربما سيتكشف خلال أسابيع قليلة، مما سينعكس كذلك على الساحة اللبنانية.
وقال رئيس الحكومة اللبناني نجيب ميقاتي، إن التزام بيروت بتحسين الأمن الحدودي والمساهمة في الاستقرار في المنطقة سيرسل إشارة قوية إلى المجتمع الدولي، من شأنها أن تساعدنا في السعي للنهوض الاقتصادي عبر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والشركاء الدوليين.
كما شدد على أن هذا البرنامج يمكن أن يعزز ثقة المستثمرين ويساهم في النمو الاقتصادي ويعزز توفير فرص العمل، لافتا إلى أنه خطوة يمكن أن تساعد لبنان على إعادة وضع نفسه مركزا تجاريا في شرق البحر الأبيض المتوسط.
وكانت العلاقات بين لبنان ودول خليجية قد توترت في نهاية عام 2021، بعد تصريحات لوزير الإعلام اللبناني السابق جورج قرداحي حول اليمن أثارت جدلا واسعا، واُعتبرت مسيئة للسعودية والإمارات.
وأجاب وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان عن السؤال الذي تداعى لأذهان كثير من المتابعين عن مستقبل لبنان، بعد الإعلان عن عودة العلاقات بين الرياض وطهران.
ووفقا لمقطع نشرته قناة "العربية"، أكد بن فرحان أن لبنان لا يحتاج إلى تقارب سعودي إيراني لأن أزمته داخلية بين فرقائه السياسيين.
قال الوزير السعودي: "لبنان يحتاج إلى تقارب لبناني لبناني، وليس تقاربا إيرانيا سعوديا"، مشددا: "على لبنان أن ينظر إلى مصلحته، وعلى السياسيين فيه أن يقدموا المصلحة اللبنانية على أي مصلحة أخرى".
وتابع بن فرحان أنه "متى اتُّخذ قرار بتقديم المصلحة اللبنانية، والعمل على بناء الدولة اللبنانية فسوف يزدهر لبنان بالتأكيد، والسعودية سوف تكون معه".
وكانت السعودية وإيران قد أعلنتا أمس في بيان مشترك، توقيع اتفاق يقضي بعودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.