تروي مجلة لوبوان (Le Point) الفرنسية عن لسان مراسلها في أوكرانيا ما قاله جنود أوكرانيون قدمهم بأسماء مستعارة.
فوفقا للمجلة، قابل مراسلها جنديين في استراحة ينتظرانها منذ شهور قبل العودة إلى الجبهة شمال باخموت، واصفا حالهما وخشيتهما من أن تكون الصورة التي يلتقطها لهما آخر صورة لهما معا.
يتمنون الإصابة للابتعاد عن الجبهة
يقول الجندي سيرغي "كلما مر الوقت تراجع احتمال الحصول على عطلة"، ويضيف
"أكلنا الإرهاق، نحن نعيش أمواتا ننتظر الخلاص. أفضل شيء يحصل لأحدنا هو جرح يأخذه بعيدا عن الجبهة".
وتابع "يجب أن نقول الحقيقة؛ هناك أعداد كبيرة من القتلى والجرحى والرجال الذين يرفضون الذهاب للقتال والذين لم يعودوا قادرين على المشاركة في الحرب، ولكن لا يُسمح للجنود ولا للأطباء الأوكرانيين بذكر الخسائر".
وأوضح الجندي "أي لواء يفقد 40% من جنوده يجب أن يعاد إلى الخلف من أجل تفكيكه وإعادة تشكيله، لكن كييف ترسل لنا مجندين جدد حتى لا نصل إلى العتبة التي تفرض تفكيكنا، وبالتالي نبقى دائما في الجبهة".
ويوضح المراسل أن الجنود هم من مقاتلي الكتيبة 115 (اسم الكتيبة مستعار) التي أنشئت في الأصل بمنطقة كييف للحفاظ على النظام والسيطرة على نقاط التفتيش المسؤولة عنها، ولكن مهمتها تغيرت مع إعادة انتشار الجيش الروسي في شرق أوكرانيا.
حيث تم الدفع بها إلى الجبهة، في منطقة خاركوف أولا، ثم بعد ذلك في مواقع مكشوفة للغاية على خط المواجهة في دونباس، أي في الجحيم، كما يقول عالم النفس العسكري الذي يعمل في الكتيبة ويحمل رتبة ضابط.
تدهور الحالة الصحية للقوات
يلاحظ الضابط الأوكراني، تدهور الحالة الصحية للقوات في الجبهة والانحدار التدريجي لكتيبته.
ويرى الضابط أن 10% فقط من المقاتلين في الجبهة مؤهلون للقتال، ومعظمهم مصابون بضعف السمع والارتجاج، لافتا إلى أن ذلك يتعلق بكل القوات الأوكرانية الموجودة على الجبهة.
ووفقا له، 5% من الرجال لا يجوز أن يكونوا على الجبهة بسبب حالتهم الصحية، ويجب فصلهم أو معالجتهم على الفور، و"لكننا نبقيهم لأنه لا يوجد عدد كاف".
ويضيف الضابط أن هناك من يعانون من صمم حاد وفقدان التوازن وصداع مستمر ومشاكل في الكلام مرتبطة بالارتجاج المتكرر، إضافة إلى متلازمات ما بعد الصدمة مع أعراض مختلفة، وأن 60% من الرجال في الكتيبة يعانون من مشاكل سمعية، كما أن كل فرد في الكتيبة يعاني من إجهاد شديد وإرهاق جسدي ومعنوي حقيقي، مما يؤثر على قدراتهم المعرفية وعلى اتخاذ القرارات الصحيحة.
كوابيس
وفي السياق، يشرح أندريه وهو جندي من الكتيبة نفسها غادر العيادة التي عولج فيها لعدة شهور للمراسل ما يعانيه من الصمم والأرق والنوم المتقطع والكوابيس والخوف من الضوضاء والزحام، والحلم المرعب الذي يطارد ليلا، حيث وجد نفسه في المقدمة، لدرجة أنه لما جرح أحد رفاقه وعندما تقدم لإنقاذه اكتشف أن لديه ملامح زوجته.
ويعلم أندريه أنه لن يكون قادرا على العمل في الخط الأمامي لأن فقدان الذاكرة والمشاكل المعرفية لديه تجعله عديم الفائدة على خط المواجهة.
ويقول "أحيانا أذهب للتسوق ولدي قائمة كتبتها لي زوجتي، لكن عندما أصل متجر البقالة لا أعرف ما أفعله هناك".
ويختم المراسل بما يبديه الضابط النفسي من التعاطف مع رفاقه الذين يقول عنهم "إنهم يحتاجون للعناية بشكل صحيح، وللراحة ولرؤية عائلاتهم".