منذ انهيار برجي التجارة العالمي في منهاتن بولاية نيويورك، في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2011، وإسرائيل ترى أن هناك حربا ضد العراق تلوح في الأفق، وأجرت لها الاستعداد اللازم، بل حرضت الإدارة الأمريكية، برئاسة جورج دبليو بوش على ذلك.
وربما منذ انتهاء العمليات العسكرية الدولية ضد العراق، في العام 1991، بعد غزوه للكويت، تباهى رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي، بنيامين نتنياهو، بأنه كان له ولعدد كبير من المسؤولين الإسرائيليين الآخرين بدور بارز في إقناع الإدارة الأمريكية بتنبي الخط المتشدد ضد العراق.
وقبيل بدء الغزو الأمريكي للعراق في العام 2003، كثفت الحكومة الإسرائيلية، آنذاك، بقيادة آرييل شارون، من اتصالاتها مع الرئيس الأمريكي، حينئذ، جورج دبليو بوش، للتعجيل بالحرب وعدم التردد في تلقين العراق درسا لن ينساه، وحاول شارون حث بوش على تولي كل من بول وولفوفيتز، نائب وزير الدفاع الأمريكي، وريتشارد بيرل رئيس مجلس السياسة الدفاعية، وهما يهوديان على تولي سياسة الحرب ضد العراق لتحقيق نتائج أفضل.
الإطاحة بصدام حسين
واعتبر عوزي لنداو، وزير الأمن الداخلي، أن الإطاحة بالرئيس العراقي السابق، صدام حسين يعد إنجازا استراتيجيا لإسرائيل، حيث تمنى أن يقدم النظام العراقي المسوغات التي تمكن الإدارة الأمريكية من إسقاط صدام حسين، بدعوى أنه "رمز الديكتاتورية حول العالم".
بالتوازي مع اعتبار الوزير الإسرائيلي ذلك، نشرت أكثر من صحيفة إسرائيلية قبيل دخول القوات الأمريكية بغداد، تقارير وصفحات مطولة عما أسمته بـ"جرائم صدام حسين"، وكأنها تحرض الرئيس بوش على إسقاط صدام والإطاحة بالنظام العراقي، آنذاك.
الطريق المستقيم
ورأت كثير من تلك الوسائل المنشورة بالللغة العبرية أن تواجد القوات الأمريكية في قلب العالم العربي من خلال احتلال العراق يعد بمثابة قاعدة أمريكية تفرض سيطرتها على كل الدول العربية، وتقوض أركان أي زعيم أو قائد عربي يجرؤ على الخروج عن الطريق المستقيم.
وأعلنت الحكومة الإسرائيلية في العام 2011 فور عملية إسقاط برجي التجارة العالمي، استعدادها للحرب ضد العراق ومساندة الجانب الأمريكي في حربه المسماه ضد "الإرهاب"، وهو ما أعلنه صراحة بنيامين بن إليعيزر، وزير الدفاع الإسرائيلي، آنذاك، حينما شدد على أن تل أبيب مستعدة تماما لمساندة واشنطن في حربها على العراق.
وقام الجيش الإسرائيلي بنشر منظومات دفاعية حول المدن الرئيسية في بلاده، أهمها صواريخ باتريوت وآرو، حيث زعمت وسائل الإعلام العبرية، قبيل الحرب، أن تل أبيب مستعدة لتزويد الجيش الأمريكي بها أثناء حربه على العراق.
وخلال الحرب، أعلنت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تخوفها من وقوع عمليات إرهابية ضد مسؤولين ومواطنيين إسرائيليين خارج أراضيها، تخوفا من ردود الفعل العربية والإسلامية على الحرب الأمريكية على العراق، ومحاولة الانتقام منها لمساندة تل أبيب للجانب الأمريكي في تلك الحرب.
سرقة الإسرائيليين للآثار العراقية
اعترفت صحيفة معاريف العبرية في 24 أبريل/نيسان 2004، بأن أكثر من 3 صحفيين إسرائيليين، وذكرتهم بالاسم، هربوا آثار عراقية، وتحديدا من أحد قصور الرئيس العراقي الراحل صدام حسين إلى تل أبيب، بل شاركوا غيرهم من الصحفيين في تهريب آثار أخرى خارج الأراضي العراقية.
هللت وسائل الإعلام العبرية حينما تم إلقاء القبض على صدام حسين، حيث اتصل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي، بالرئيس جورج بوش، وهنأه على ذلك، مؤكدا أنها خطوة ناجحة بشأن الحرب الأمريكية على العراق بزعم أنه "يوم تاريخي لليهود، حيث تم إسقاط رمز الديكتاتورية حول العالم".
التطبيع بين العراق وإسرائيل
عقدت إسرائيل جلسات عمل مكثفة في تل أبيب للعشرات من رموز المعارضة العراقيين في تل أبيب بزعم تحضيرهم وتحويل بلادهم من النظام الديكتاتوري إلى النظام الديمقراطي، كان على رأسهم إياد العلاوي، رئيس الوزراء العراقي الأسبق، وأحمد الجلبي، زعيم المؤتمر الوطني العراقي، مضيفة أن هؤلاء القادة والرموز سيكونون نواة طبيعية لإقامة علاقات تطبيع وسلام بين العراق وإسرائيل.
فور الإعلان عن نجاح القوات الأمريكية في إسقاط النظام العراقي، دخلت أكثر من 70 شركة إسرائيلية إلى الأسواق العراقية، عن طريق وسطاء عرب.
"غول متعدد الرؤوس"
رغم اعتراف الجانبين الأمريكي والإسرائيلي بأهمية وضرورة إسقاط نظام صدام حسين والرئيس العراقي نفسه، فإنهما أعربا عن ندمهما فيما بعد، بدعوى أن إسقاط صدام حسين قد جلب "الإرهاب الإسلامي"، الذي وصفوه بأنه "غول متعدد الرؤوس، حيث أسقط غول برأس واحد (صدام حسين) ليأتي الأمريكان بغول متعدد الرؤوس (الإرهاب الإسلامي)، وهو ما ذكرته وسائل الإعلام العبرية من أن إحدى نتائج الحرب الكارثية، هو انتشار هذا الإرهاب في الأراضي العراقية.