الزيارات المتبادلة على مستوى وزراء الخارجية هي الأولى منذ بدء الخلاف بين البلدين عام 2013، ويقول مراقبون إن هناك ترحيبا تركيا بهذا التقارب في خضم أوقات صعبة تعيشها تركيا، مشيرين إلى أن عودة العلاقات ستسير بوتيرة جيدة إن نفذت تركيا المطالب المصرية الخاصة بعلاج الأزمات التي كانت أصل الخلاف، من بينها "احترام القانون الدولي، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، ومعالجة ملف تنظيم الإخوان"، الإرهابي.
وفي حديثه لـ"سبوتنيك" قال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة ابن خلدون، برهان كور أوغلو، إن "هذا التطبيع بين مصر وتركيا، الذي وصل إلى مستوى تبادل زيارات وزراء الخارجية، يهدف إلى استفادة جميع الأطراف"، مشيرا إلى التراجع في مستوى عدم التفاهم بين الطرفين في عدد من الملفات الخلافية، منها الملف الليبي، الذي شهد تراجعا للخلافات بشأن الموقف من المشير حفتر، مرجحا أن يتوج هذا التفاهم بتعاون الشركات المصرية والتركية في إعمار ليبيا.
وأوضح أنه "بالنسبة لملف الاخوان يمكن للجانب التركي ألا يسمح بوجود قنوات إعلامية للإخوان في تركيا، ويبقى وجودهم في البلاد مماثلا لوجودهم في باقي الدول".
وحول ملف شرق المتوسط، قال إن "قانون البحار غير واضح فيما يتعلق بتقاسم المياه الدولية، لكن هذا الملف يبقى مرتبطا بالتفاهمات الثنائية".
وأشار إلى أن "التقارب مع مصر موضوع قومي مهم للدولة التركية بغض النظر عن وجود حكومة معينة في الحكم، ما يدل على أن هذه التقارب سيستمر بغض النظر عن نتائج الانتخابات الرئاسية التركية المقبلة.
من جانبه، أوضح خبير شؤون الأمن القومي المصري اللواء محمد عبد الواحد، أن "هذه الزيارة تكتسب أهمية خاصة بعد عشر سنوات من التأزم، وهي مهمة للطرفين، وتسعى إليها الدولتان في ظل التحديات الإقليمية والدولية، والتي من أهمها مشكلات الغذاء والطاقة، فضلا عن المشكلات الاقتصادية في القاهرة كما في أنقرة، معتبرا أن هذا التطبيع من شأنه إحداث توازن استراتيجي في المنطقة بالكامل، وسينطوي على توافقات وليس تنازلات".
وتوقع أن "تستغرق عودة العلاقات كاملة بين البلدين وقتا طويلا نظرا لوجود عدد من الملفات الخلافية الساخنة، وإن كانت تركيا ستقدم على تنازلات رمزية حيث أن اردوغان في عجلة من أمره قبيل الانتخابات"، على حد قوله.
إلى ذلك، أكد خبير العلاقات الدولية بمركز الدراسات الاستراتيجية محمد اليماني، أن "مصر لها شروط في هذا التطبيع، معربا عن اعتقاده أن تركيا لن تتنازل في ملف ليبيا"، مشيرا إلى أن "هناك قوة عسكرية تركية في الداخل الليبي يستقوى بها الدبيبة لتنفيذ أجندة عسكرية تركية وأمريكية".
وأشار إلى أن "هذا التطبيع لن يتم بوجه كامل، لأن ما يهم أردوغان في الداخل هو الانتخابات واحتواء آثار الزلزال. وقال إن أردوغان سيؤجل بعض الملفات الكبرى إلى ما بعد الانتخابات، لكنه لفت أيضا إلى أن القاهرة غير راغبة باستمرار التوتر في العلاقات، مؤكدا أن هذا التقارب يمثل توجها أصيلا في سياسيات البلدين وينطوي على مكاسب لكليهما"، بحسب قوله.
إعداد وتقديم: جيهان لطفي